اخر الاخبار

أهمية مساندة الفلسطينيين في تشبثهم بأرضهم

تمرّ قضية فلسطين بأخطر اللحظات في تاريخها كله، فالاستكبار اليهودي مع التعجرف الأمريكي بلغ أوجّه، بعد اتفاق الرئيس الأمريكي ونظيره الصهيوني على تهجير الفلسطينيين من أرضهم في غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن.

يشكل تمسك الفلسطينيين بأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية وحقهم في الدفاع عن وجودهم، رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل التي كانت وما زالت تمارسها السلطات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني بهدف إبعاده عن أرضه ووطنه، علامة فارقة في التاريخ النضالي المعاصر. وإن قضية فلسطين هي قضية كل المسلمين، وفلسطين دولة عربية إسلامية، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين.

إن حب الوطن والدفاع عنه واجب شرعي مقدس، والمسلم مطالب بحب بلاد المسلمين والدفاع عنها، سواء كان ذلك البلد موطنه الذي ولد فيه أو لم يكن موطنه، ما دام أنه بلد من بلاد المسلمين، لأن حب البلاد الإسلامية والدفاع عنها واجب ديني، وهو من مقتضيات الولاء والبراء في الإسلام، إذ أن الواجب على المسلم أن يعقد ولاءه وبراءه من أجل الإسلام وللإسلام. قال الله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}. والوطن هو الحياة، والدفاع عنه هو دفاع الإنسان عن حياته، وتتعزز هذه الحقيقة عندما نتكلم عن فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

لقد أمر الإسلام بالدفاع عن الوطن، فالرباط في الثغور يعتبر من الجهاد في سبيل الله، يقول جلّ من قائل: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتان”. والدفاع عن فلسطين مطلب شرعي، وواجب وطني، والموت في سبيل ذلك شهامة وشجاعة وشهادة، ولله الحمد والمنة.

وإن قلة من اليهود تدنس الأقصى وتقتل المسلمين، وتذيقهم ألوانا من الذل والهوان، وتريد تهجيرهم من أرضهم على مرأى ومسمع من العالم كله عامة والإسلامي خاصة. ومع ذلك، لم نستطع أن نحمي إخواننا منهم، وهذا ما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه أي إلى عدوه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة”.

لذا، فإننا ندعو، كما دعا العلماء في جميع أنحاء المعمورة، إلى دعم الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي في الإسراع لإعادة إعمار قطاع غزة، شريطة بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وأهمية ممارسة أقصى درجات الضغط لتنفيذ اتفاق وقف العدوان (الإسرائيلي) على غزة، وتحلي مسؤولي العالم بالحكمة في إصدار التصريحات التي تمس الأوطان. وأنه لا يحق لأحد أن يجبر الشعب الفلسطيني ويرغمه على قبول مقترحات غير قابلة للتطبيق، وعلى العالم كله احترام حق الفلسطينيين في العيش على أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ونطالب قادة العرب والمسلمين، وشرفاء العالم وحكمائه وحراس العدالة، وشعوب الأرض كافة، أن يرفضوا مخططات التهجير التي تستهدف طمس القضية الفلسطينية ومحوها للأبد، بإجبار الفلسطينيين على ترك وطنهم والتخلي عن أرضهم التي عاشوا فيها لآلاف السنين، دون مراعاة لحرمة الوطن وأمومة الأرض. وأن تخلي المجتمع الدولي عن نصرة المظلومين والمقهورين سيدفع العالم كله إلى عدم الاستقرار، وسيتحول إلى غابة حقيقية يأكل فيها الأقوياء حقوق الضعفاء والمستضعفين. ونؤكد على أن كل الأديان ترفض طرد الفلسطينيين من أرضهم، وإجبارهم على تركها للآخرين، وأن ما يحدث اليوم على أرض فلسطين سابقة تعيدنا إلى عصور ما قبل التاريخ.

فالواجب أن يسارع المسلمون جميعا لدعم الفلسطينيين، ماديا ومعنويا، ورفض فكرة التهجير من الأرض، وضرورة كسر الحصار عنهم، وبكل ما تيسر من السبل؛ السياسية والإعلامية والمادية والإغاثية، واللهَج بالدعاء لهم بالنصرِ والثبات. فهذا فرض عظيم، والتخاذل عنه إثم جسيم، وتركهم وخذلانهم من أعظم المحرمات، وأشد الموبقات.

ولنحذر جميعا كل الحذر من خذلان إخواننا وعدم التفاعل معهم ونصرتهم ومساندتهم، فخذلان المسلمين سبب لخذلان الله للعبد، فلا ينبغي لقادر أن يتأخر عن نجدة إخوانه وإغاثتهم وتخفيف آلامهم، فواجب الأمة نحوهم البذل بسخاء، شكرا لهم وتثبيتا لأقدامهم، ونكاية في عدوهم. ولا شك أن ثبات أهل فلسطين ثبات للأمة، وأن خذلانهم خطر على الأمة في دينها ودنياها، وفي حاضرها ومستقبلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *