أمد/ ما زلتُ أتنفّس هذا الغبار كأنّه هواء حياةٍ جديدة،

أفتح عينيّ على المدينة التي تشبهني:

مكسورة، نعم، لكنّها لا تزال واقفة.

أمشي بين الركام كما يمشي الحلم في حقول الرماد،

أجمع من الحجارة ذاكرةً، ومن الجدران بقايا أصواتٍ

كانت تُنادي بالحرية ثم صمتت كي لا تموت.

لم يهزمني الحصار،

ولا أوجاع الفقد،

ولا خيانات الوقت.

هزّني فقط أن أرى الوطن يُستنزف باسمه،

أن يُرفع الشعار أعلى من الإنسان،

وأن يُستبدل الصدق بالخطابة، والمبدأ بالشعار.

لكنّي ما زلت أؤمن أن النهار يولد من رحم الفوضى،

وأن الحلم، إن طُعن ألف مرة، ينهض من جرحه أجمل.

أكتب لأرمّم ما تهدّم فيّ،

أكتب لأمنح اللغة شكل بيتٍ يسكنه الرجاء.

كلّ حرفٍ أكتبه هو مقاومة صغيرة،

وكلّ سطرٍ هو نافذة تُطلّ على غدٍ لم يأتِ بعد،

لكنّي أراه من الآن، واضحًا كالصبر، قريبًا كالإيمان.

ما زلت أحبّ رغم كل شيء،

أحبّ لأن الحبّ آخر ما تبقّى من معنى الإنسان،

وأؤمن لأن الإيمان بالخير

هو أجرأ أشكال التحدّي في هذا العالم الملوّث باليأس.

أنا ابن هذا الرماد الذي لا ينام،

ابن هذا الوطن الذي ينهض بعد كلّ موتٍ ويقول:

ما زلتُ هنا،

وسأظلّ…

حتى يصير الورد قانونًا للحياة،

فما زلنا نحيا كما يليق بالأحياء الذين لا يُقهرون.

شاركها.