أمد/ نيويورك: منعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي في نيويورك مساء يوم الأربعاء، في إصدار مشروع قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك بعد استخدامها حق النقض “الفيتو”.
وصوت 14 دولة عضو بمجلس الأمن لصالح مشروع القرار بشأن غزة فيما اعترضت واشنطن.
وقالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: “إسرائيل لها الحق في الدفاع عن النفس، وأي موقف يقوض من أمن إسرائيل لن يكون مقبولا، أوضحنا أننا لن ندعم أي تدابير تفشل في إدانة حماس ومغادرتها غزة”.
وتابعت: “حماس هي التي بدأت هذا النزاع الدموي ولن نقبل بمكافأتها، ومن غير المقبول أن الأمم المتحدة لم تصنف حتى الآن حماس جماعة إرهابية”.
وأضافت: “مشروع القرار يرفض الإقرار بأوجه القصور الكارثية لآلية المساعدات السابقة، وحثت الأمم المتحدة على دعم عمل منظمة غزة الإنسانية”.
وتابعت: “يجب على حماس والجهات الإرهابية الأخرى ألا تحظى بأي مستقبل في غزة”.
وقالت المندوبة الأميركية إن “مشروع هذا القرار يساوي بين إسرائيل و”حماس”.
وكانت 10 دول في مجلس الأمن منها الجزائر وسلوفينيا والدنمارك تقدمت بمشروع قرار لوقف إطلاق النار بشكل فوري في القطاع.
وطالب مشروع القرار، بالرفع الفوري وبدون شروط لجميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتوزيعها بصورة آمنة وبدون عوائق على نطاق واسع، بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني عبر أنحاء قطاع غزة.
وأشار مشروع القرار إلى مطالبة المجلس بالإفراج فورا وبدون شروط وبشكل كريم عن جميع المحتجزين من قبل حماس وغيرها.
وطالب مشروع القرار أيضا، باستعادة جميع الخدمات الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية المتمثلة في “الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال”، وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأعرب نص مسودة القرار ،عن القلق البالغ بشأن الوضع الإنساني الكارثي في غزة، بما في ذلك خطر المجاعة كما ورد في تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.
وشدد على ضرورة امتثال جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
ويشدّد على ضرورة امتثال جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويعرب عن التقدير لجهود مصر وقطر والولايات المتحدة المتعلقة بتنفيذ الأطراف لوقف إطلاق النار.
وقال ممثل سلوفينيا، مقدمًا مشروع القرار نيابةً عن الدول العشرة، إن النص جاء نتيجة للوضع الكارثي في قطاع غزة.
وأضاف أن الأمور لم تزد إلا سوءًا منذ اذار/ مارس، مشددًا على أن “الحرب في غزة يجب أن تتوقف فورًا.”
وقبل التصويت، استعرض المندوب الدائم لسلوفينيا لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار مشروع القرار بالنيابة عن الدول العشر المنتخبة غير دائمة العضوية.
وقال: “نؤمن إيمانا راسخا بضرورة أن يتحرك هذا المجلس بشكل عاجل وحازم لمعالجة الوضع الإنساني في غزة، بما يتماشى مع ولايته في صون السلم والأمن الدوليين. ومشروع القرار هو ثمرة مشاورات بين جميع أعضاء المجلس”.
بدورها، قالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد إنها صوتت لصالح مشروع القرار لأن “الوضع الذي لا يُحتمل في غزة يجب أن ينتهي”. وأعربت عن عزم بلدها للعمل على إنهاء هذه الحرب وتخفيف الوضع الإنساني الكارثي للفلسطينيين في غزة.
وأضافت أن قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع عدوانها على غزة وفرض قيود مشددة على الإغاثة، غير مبرر وغير متناسب وغير مجد.
وأشارت إلى ما ذكرته الحكومة الإسرائيلية عن نظامها الجديد لتوزيع المساعدات، وقالت إن “الفلسطينيين اليائسين لإطعام أسرهم”، قُتلوا أثناء محاولة الوصول إلى المساعدات. ووصفت ذلك الوضع بأنه غير إنساني.
وأيدت دعوة الأمم المتحدة لإجراء تحقيق فوري ومستقل في هذه الحوادث، ومحاسبة الجناة. وشددت على ضرورة أن تنهي إسرائيل الآن القيود التي تفرضها على المساعدات وأن تسمح للأمم المتحدة وعمال الإغاثة بالقيام بعملهم لإنقاذ الأرواح.
من جهته، قال السفير الجزائري عمار بن جامع إن مشروع القرار الإنساني، “حتى في عرقلته من خلال حق النقض، يمثل مرآة تعكس معاناة التعددية والحاجة الملحة لإحيائها”.
وأضاف أن مشروع القرار يمثل “إرادة جماعية للعالم أجمع ورسالة إلى الشعب الفلسطيني أنكم لستم وحدكم، وإلى المحتل الإسرائيلي بأن العالم يراقبهم”.
وأكد ضرورة سقوط “درع الإفلات من العقاب”، مضيفا أن التصويت اليوم “يكشف لماذا يُواصل المحتل الإسرائيلي جريمته: لأنه لم يواجه العدالة قط، ولأنه شعر دائما بالحماية، بينما يُدفن الضحايا دون أسماء، ولا عناوين رئيسية، ولا تحقيق، ولا محاسبة”.
وأكد أنه كان ينبغي على مجلس الأمن أن يتحرك “لكي لا يصبح قتل الأطفال الفلسطينيين مجرد هواية، وكان ينبغي أن يتحرك لفرض وقف إطلاق النار في غزة حتى لا يشرع التجويع كسلاح”.
وقال السفير الجزائري إن بلاده ستقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وستعود إلى المجلس مرارا وتكرارا من أجل “الجياع الذين يرفضون مقايضة الكرامة بالخبز تحت الحصار والعطشى الذين يقتلون بحثا عن المياه النظيفة، ولأن الفلسطينيين يستحقون العيش في حرية وكرامة”.
مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة فو تسونغ، لفت إلى أن نتيجة التصويت تكشف مرة أخرى أن السبب الجذري لعجز المجلس عن تهدئة الصراع في غزة هو العرقلة المتكررة من جانب الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن واشنطن أساءت مرة أخرى استخدام حق النقض، “لتطفئ بصيص الأمل لسكان غزة”.
وقال: “إن استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل عضو دائم واحد لا يمكن أن يوقف مسيرة السلام”.
ونبه إلى أن ذلك الصراع تجاوز حدود عملية إنقاذ الرهائن لفترة طويلة، داعيا إسرائيل إلى وقف العمليات العسكرية فورا وإعادة وصول الإمدادات الإنسانية بالكامل.
وقال فو تسونغ إن احترام القانون الدولي الإنساني التزام يجب على جميع الأطراف الوفاء به، مضيفا: “أي معايير مزدوجة أو تطبيق انتقائي لن يؤدي سوى إلى تآكل أسس سيادة القانون الدولي، ويجب رفضه رفضا قاطعا”.
من جانبه، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن تصويت اليوم كان فرصة “لرؤية من يريد السلام حقا في الشرق الأوسط ومن يريد مواصلة المناورات الجيوسياسية”.
وأضاف أنها فرصة أخرى ضاعت لإثبات “استعداد مجلس الأمن لتحمل مسؤولية صون السلم والأمن الدوليين عمليا في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ ثمانية عقود”.
وفي ظل الظروف الراهنة، قال نيبينزيا إن بلاده تعلق آمالا خاصة على المؤتمر رفيع المستوى حول عملية السلام في الشرق الأوسط المزمع عقده الشهر الجاري، والذي سترأسه المملكة العربية السعودية وفرنسا.
وأضاف: “من المهم التأكد من أن تكون نتائجه ملموسة وأن يهدف إلى بث روح جديدة في فكرة حل الدولتين”، مشددا على أن المجتمع الدولي يجب أن يُظهر إرادة جماعية وأن يبذل قصارى جهده لضمان تهيئة الظروف اللازمة لاستئناف هذه العملية.
الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة جيروم بونافون وصف ما يحدث في غزة بأنه “مأساة تحدث تحت أنظارنا”. وأعرب عن الأسف لعدم اعتماد مشروع القرار، وقال: “مُنع مجلس الأمن من تحمل مسؤوليته على الرغم من توافق أغلبيتنا على موقف واحد”.
وجدد دعوته للوقف الفوري والدائم لإطلاق النار. وقال إن توفير المساعدات الإنسانية يجب ألا يكون مشروطا بوقف إطلاق النار أو أن يُستخدم لأغراض سياسية.
ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى الامتثال لالتزاماتها الدولية لضمان توفير المساعدات الإنسانية فورا وعلى نطاق واسع وبشكل آمن وبدون قيود للناس بأنحاء غزة. وجدد دعم بلاده لوكالات الأمم المتحدة وشركائها في مجال العمل الإنساني، وقال إنهم أثبتوا قدرتهم على تقديم المساعدات.
وقال إن على مجلس الأمن العمل باتجاه تطبيق حل الدولتين: إسرائيل وفلسطين.