أمد/ رن الهاتف في ديوان الرئيس، وجاء الصوت من الجهة الأخرى يقول: أنا وكيل الذي تحدثت معك البارحة، سأتأخر عن الموعد عشر دقائق فهناك زحمة سير طفيفة.
وجاء الجواب بألا تتباطأ فلدي التزامات عديدة، نادى الرئيس على إحدى الموظفات وطلب منها تجهيز القهوة على عجل.
وما هي إلا لحظات حتى طُرِق الباب، فدعا الرئيس الطارق إلى الدخول، جلس وكيل شركة التأمين وقال: استمراراً لحديثنا، جئت كي أحاول حل معضلة الطفل الذي احترق على المكب.
دخلت الموظفة وهي تحمل القهوة، فمسك الرئيس المصب وسكب القهوة في قدح وقدمه إلى الوكيل وهو يقول:
إن هذا الطفل من اقربائي.
فأجاب الوكيل: نحن نعرف ذلك، كل ما هو مطلوب منك أن تقول إن المكب ليست رسميًا، وأن السكان يرمون نفاياتهم فيها بدون ترخيص.
بهت الرئيس ويبدو أنه أحس بالاستخفاف وقال بصوت جهوري: وهل أنا اخدم عندكم حتى تهينوني بمثل هذا الطلب؟
قال وكيل التأمين: لكل مسألة ثمنها، نحن على استعداد أن نقدم لك عشرة آلاف شاقل مقابل شهادتك. وهنا صرخ الرئيس: جئت كي ترشوني؟
رد الوكيل: عشرون ألفاً.
فأجاب الرئيس: مال الدنيا باسرها لا يعنيني.
قال الوكيل: أربعون ألفاً.
وهنا بهت الرئيس وفتح عينيه، وقد لعب الشيطان في عقله. كان الوكيل يتأمل تعابير وجه الرئيس فأدرك بأن مسعاه في طريقه إلى النجاح، لا سيما وأن الدعوى ضد شركة التأمين بـ 5 ملايين شاقل، وهنا زاد المبلغ إلى خمسين ألفاً، صمت الرئيس وأكمل وكيل التأمين حديثه:
إنها فرصتك، والمنافع الكبيرة لا تأتي كل حين.
فأجاب الرئيس وهو يتأتأ: لن.. أوافق.. بدون أن.. أرى المبلغ في حسابي.
فرد الوكيل: لا.. لا الخطة يجب أن تكون محكمة، إذا دخل المبلغ إلى حسابك فقد تكون هناك مساءلة: من أين لك ذلك؟ لذلك سنمنحك المبلغ عدّاً ونقداً، وفتح محفظته وألقى المبلغ على المنضدة. وهنا فغر الرئيس فاه وعينيه وأسرع إلى التقاطه ثم اتجه نحو الباب وأقفله، ثم اتجه نحو إحدى الدواليب ي
ضع المبلغ فيها ويقفلها. وهنا يبدو عليه الاضطراب.
ولكن كيف سأقف أمام القاضي وأقول بأن المكب ليس مرخصا من قبل البلدية؟
فرد الوكيل: إن هذا الأمر يسير جدًا، أنت لست ملزمًا بالحضور شخصيًا، نحن نعرف كل شيء. أنت تعاني صحيًا، يمكنك قبل الموعد المحدد في المحكمة أن تذهب إلى المستشفى وتدعي بأنك تعاني من آلام مبرحة، وترسل أحد الممثلين للإدلاء بما اتفقنا عليه، يمد يده للرئيس.. ألف مبروك.
