اخر الاخبار

“أكاذيب وأراجيف الكاتب الفرنسي المتصهين بوعلام صنصال” (الجزء الثاني والأخير)

قدمت استقالتي وآثرت العمل كبائع أحذية عند أحد الخواص بضمير مرتاح عوض مواصلة تسيير مستشفى يفتقر لأبسط الإمكانيات والمعدات تحت ضغط رهيب من ضميري المنتفض الرافض لذلك الوضع المزري…

وبعد 6 أشهر من العمل كبائع أحذية رجعت إلى الوظيفة العمومية والتحقت بوزارة الشباب والرياضة واشتغلت بها لمدة 4 سنوات كمستشار لثلاثة وزراء لهم قناعات سياسية متضاربة ومختلفة اختلافا جذريا غير أنهم يلتقون جميعا في حب الوطن ولكن كل من منظوره الخاص، وهم ليلى عسلاوي وعبدالقادر خمري وسيد علي لبيب ثم بعد ذلك عينت رئيسا لديوان وزارة التضامن الوطني والأسرة.

وفي 1995 التحقت برئاسة الجمهورية وعينت مديرا بالأمانة العامة للحكومة وفي الانتخابات التشريعية لعام 1997 شرفتني حركة مجتمع السلم ورشحتني ضمن قائمة ولاية ميلة وفزت رفقة أخي المرحوم صالح كحل لسنان بعضوية المجلس الشعبي الوطني. وبعد انقضاء العهدة البرلمانية عينت وزيرا للصناعة شهر جوان 2002.

أسوق هذا الكلام عن مساري المهني حتى يعرف صنصال أنني لم آت للوزارة من العدم ولا هروبا من السجن كما يدعي، وبكل تأكيد لو كان يعرف هذه المعطيات لكان غير سلوكه وانضبط ولما تمادى في دوسه على قوانين الجمهورية ولما واصل في تنمره على إطارات وموظفي الوزارة.

وربما جهله هذا هو الذي يكون وراء محاولته “استصغاري” حين قال لي بأن المهام التي كان يؤديها بالخارج هي باسم الدولة الجزائرية وتفوق مستواي كوزير، وهي نفس الدولة التي يتهمها فيما بعد أنها هي من أنهت مهامه لكونه (معارضا شرسا لنظامها حسب زعمه).

أما قوله إنني صهر فضيلة الشيخ محفوظ نحناح تغمّده الله بواسع الرحمات، فهذا شرف لم أنله، ولكنني نلت شرف مصاهرة ابن عم والدي السيد أحمد جعبوب وهو ابن شهيد وشهيدة وأحد مؤسسي الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ ورئيسها طيلة سنوات العشرية السوداء وابنته زوجتي وأم أولادي، وبعد وفاة أمي الغالية هي الآن الأغلى والأعلى شأنا في الكون كله…

وللحقيقة والتاريخ أقول إنني لم أتلق أية توجيهات ولا تعليمات بشأن صنصال ولا علاقة لفصله لا بمعارضته المزعومة للنظام ولا بقناعاته الإيديولوجية إنما قمت بإنهاء مهامه من باب تحملي لمسؤليتي كاملة لفرض احترام القانون على الجميع ودون استثناء، حماية لقدسية المرفق العام وصون مهابة الدولة من ألاعيب وطغيان الصعاليك من أمثاله الذين استغلوا الظروف الأمنية السائدة آنذاك وعاثوا في الأرض فسادا وطغيانا تحت غطاء محاربة الإرهاب والتطرف فكانوا أكثر إرهابا وأكثر تطرفا وأكثر إيلاما للدولة ومؤسساتها من كل المتطرفين.

استقبل صنصال بفرنسا في ثوب ضحية النظام (الدكتاتوري) والوزير الإسلاموي المتطرف الهاشمي جعبوب الذي أهانه وأرغمه على البقاء واقفا عند استقباله له، (وهذا أقل ما كان يجب أن يعامل به حتى يستفيق من سكرة التعالي ويعرف حجمه الحقيقي).

وللحقيقة أقول إنه بقدر جهل صنصال لشخصي المتواضع فأنا كنت على اطلاع بشخصيته وبعلاقاته المتشعبة والمشبوهة والفضل في ذلك يعود بعد الله سبحانه وتعالى إلى زملائي المتخرجين من المدرسة الوطنية للإدارة المتواجدين في كل الإدارات العمومية والأجهزة الأمنية والمتضامنين مع بعضنا البعض تضامنا يتخطى الاعتبارات العرقية والجغرافية والانتماءات السياسية حينما يتعلق الأمر بأمن وسيادة الوطن.

وهنا أفتح قوسا لأقول للذين تساءلوا أين كانت الأجهزة الأمنية طوال السنوات التي قضاها بوعلام صنصال وأمثاله بدواليب الدولة، لأقول لهم لا تخطئوا الهدف ولا تحملوا عناصر الأجهزة الأمنية مسؤولية أفعال وقرارات غيرهم من (الأرباب والمقررين les dieux et les décideurs)  الذين كانوا يتحكمون في البلاد والعباد آنذاك…

وكثيرا ما كنت ألتقي بالبعض من كوادر وعناصر الأجهزة الأمنية وهم في حالة تذمر وإحباط كبيرين لما يروا أن تقاريرهم الأمنية لا تؤخذ بعين الاعتبار، بل تلقى عرض الحائط وتتخذ قرارات معاكسة لمضامينها ولمنطق وقواعد حماية الدولة وصيانة أمنها…

وبعد منحه (جحرا بباريس) ومنحة وإعانات مغلفة في شكل جوائز أدبية من طرف فرنسا الرسمية والمؤسسات الداعمة لليمين المتطرف المتصهين، استقر صنصال بباريس ثم راح يصول ويجول متنقلا بين الوسائل الإعلامية والندوات السياسية وحتى الدينية وزاد من إصداراته (الأدبية) التافهة بحثا عن التقرب أكثر من اللوبيات الفرنسية اليمينية المتطرفة والصهيونية…

وفي هذا المسعى بدأ نشاطه بالإمضاء على بيان محاربة معاداة السامية الجديدة مع 250 شخصية فرنسية تتقاسم كلها كراهية العرب والمسلمين وتمجد اليهود وإسرائيل يتقدمهم نيكولا ساركوزي وهنري ليفي ومدير مجلة “هيبدو ليبيري” المعروفة بعدائها لكل ما يمت بصلة للإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم، هذا البيان الذي يدعو من بين ما يدعو إليه إلى إلغاء كل الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود والنصارى وسحبها من المصحف الشريف!… وكان هذا الانبطاح توطئة لزيارة صنصال للقدس وصلاته أمام حائط البراق (المبكى حسب روايتهم) رغم أنه يقول ويكرر أنه ملحد، لكن التقرب من الصهاينة اقتضى ارتداء طاقيتهم والصلاة معهم ومثلهم…

وبالاستماع ومشاهدة العشرات من الفيديوهات اكتشفت أنه صديق مقرب من جاك شيراك، حيث يقول في إحدى مقابلاته الإعلامية إنه ترجى شيراك وتوسل له بإلحاح كبير أثناء زيارته للجزائر أن يضغط على الرئيس بوتفليقة ليجعل من الفرونكوفونية قاعدة للعلاقات الجزائرية الفرنسية، أي بتعبير آخر أن يجعلها شرطا من شروط مساعدة فرنسا للجزائر في الخروج من محنتها الأمنية ومن العزلة الدولية التي كانت مضروبة عليها… (هكذا وبكل وقاحة يريد أن يفرض لغة المستعمر على الجزائر ويقولها دون حياء بل وبكل فخر واعتزاز إن كان في العمالة عزة).

وهو كذلك من صاحب قائد الطابور الفرنسي الخامس بالجزائر كما وصفه السيد الرئيس عبد المجيد تبون السفير السابق لفرنسا بالجزائر سيئ الذكر Xavier driencourt واتخذه حليفا لتشويه صورة الجزائر ونعتها وأهلها بأشنع الصفات وازدراء الإسلام وكراهية المسلمين… (وأعدكم بتخصيص منشور لهذا السفير السفيه أفضح فيه تكالبه وتآمره ضد الجزائر وعمالته المفضوحة لإسرائيل والمخزن بالأدلة المستخرجة من كتابه “اللغز الجزائري” ومن مختلف تصريحاته وندواته ولقاءاته الإعلامية).

وفي هذا الباب نجد مثلا العميل صنصال وصديقه السفير السفيه ينددان بالجزائر (لتلكئها) في تقديم تقريرها حول المصالحة مع الذاكرة كما فعل الطرف الفرنسي الذي تولى صياغة تقريرها المؤرخ اليهودي الفرنسي بنيامين سطورا stora وحُملت مسؤولية التأخر في تقديم التقرير حسب زعمهما إلى رئيس فوج العمل الجزائري وهو المجاهد عبد المجيد شيخي المدير العام السابق للأرشيف الوطني الذي يتهمانه بكونه وطنيا متطرفا، أي نعم أصبحت الوطنية تهمة وقد نسمع ما أكثر من هذا إذا لم نسارع ونطهر مؤسساتنا من الصناصيل والصراصير وإذا لم نتوقف عن اعتماد أمثال هذه الحثالة كسفراء بوطننا.

لقد قطعت شوطا محترما في إعداد قراءة دقيقة للمقترحات الاثنين والعشرين 22 التي تضمنها تقرير المؤرخ اليهودي الفرنسي بنيامين سطورا benjamin stora حول المصالحة مع الذاكرة كما يراها هو ودون مراعاة لمشاعر الجزائريين وأعدكم بنشرها عما قريب إن شاء الله.

ولأن فرنسا لا تفرط في عملائها كما كان ولا يزال الحال مع الحركى وأبنائهم فقد حظي العميل صنصال بمعاملة خاصة وبتوصيات متواترة من طرف كل السفراء الذين تعاقبوا على الجزائر مكنته أن يكون صديقا لساركوزي ويقدم له كما يقول نصائح بطرد كل الشباب الجزائريين المهاجرين (الحراقة) لأنهم يمثلون خطرا على فرنسا التي يهيم بحبها ويخشى عليها الانكسار أمام هذا (الطوفان البشري الجزائري)، ودعاه بالمناسبة لإلغاء اتفاقية 1968 مثلما دعا له عشرات المرات السفير وصاحبه في التآمر على الجزائر Xavier driencourt.

ولأنه كان في مهمة سرية لصالح فرنسا فقد تمت دعوته لحضور مأدبة الغذاء التي أقامها ماكرون خلال زيارته الأولى للجزائر باعتباره من أصدقاء فرنسا الأوفياء، وصار صديقا له يقدم له الاستشارات فيما يتعلق بكيفيات التعامل مع النظام الجزائري العنيد الذي يرفض نسيان الحقبة الاستعمارية…! هذا ما دفع بالرئيس ماكرون أن يصرح ذات مرة قائلا: إن العلاقات الفرنسية الجزائرية لن تتحسن إلا بذهاب جيل نوفمبر الذي لازال يقتات على إرث الذاكرة، وهو بهذا يمني النفس بأن جيل الاستقلال سيتخلى عن عقيدته الثورية وحقه في تجريم الاستعمار ومطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها وتطهير أماكن #التجارب_النووية وبالاعتذار والتعويض، وماكرون بكل تأكيد واهم فيما ذهب إليه وزاد من أوهامه الصنصال وأمثاله من الخونة والمرتزقة الذين يزينون له أفعاله كما يزين الشيطان المعاصي لأتباعه.

لما اكتشفت علاقات صنصال برؤساء فرنسا وبكل سفرائها الذين تعاقبوا على الجزائر، وأكيد بكل مؤسساتها الأمنية والإعلامية، فهمت لماذا اصطكت ركبتا الأمين العام للوزارة عند ذكر اسمه، ولماذا ارتعدت فرائص المسؤول بديوان الوزير الأول وترجاني بعدم إنهاء مهامه خوفا من تداعيات ردة فعل باريس!…

يتضح جليا أن جهد حاخام كنيس بلكور في تكوين صنصال كان إستثمارا ناجحا جنى من ورائه عميلا جاهزا (لم ينس الفضل) إذ لم يتورع في دعم إسرائيل وتمجيدها مقابل وصف طوفان الأقصى بالعمل الإرهابي وداعيا إسرائيل لمواصلة قصف وتدمير غزة حتى القضاء على (الإرهابيين الغزاويين)…

وفي آخر ظهور له مع صديقه وعدو الجزائر السفير Xavier driencourt حرص صنصال وصديقه على شكر وتهنئة الرئيس ماكرون على شجاعته وحنكته السياسية وصواب رؤيته بالاعتراف بمغربية الصحراء الغربية وبتفضيله التعامل والتعاون مع المغرب باعتباره أعرق دولة في العالم وله نظام ديمقراطي مستقر ودعوته للتخلي نهائيا عن التفكير في التعامل مع الجزائر العنيدة التي تأبى النسيان.

أخيرا، وبالنظر لكل ما لحق الجزائر والجزائريين من أذى وتشويه وقذف من طرف العميل بوعلام صنصال، فإنني أدعو إخواني الحقوقيين والسياسيين إلى دراسة فكرة التأسيس كطرف مدني لرفع دعوى قضائية ضده ليكون عبرة لغيره، مع الإشارة إلى أنه غادر التراب الوطني أمسية يوم السبت 02 نوفمبر متوجها إلى جحره بباريس ولست أدري أكان سفرا مبرمجا أم طارئا تحت وطأة منشوري الأول.

وراءكم والزمن طويل يا عملاء يا خونة، الذل والمهانة للحركى القدامى والجدد.

تحيا الجزائر، المجد والخلود للشهداء الأبرار وطول العمر للمجاهدين الأشاوس.

    

تحولات اليمين الإسرائيلي بعد 07 أكتوبر 2023

 

نفذ غلاة المستوطنين بمعونة الجيش والشرطة الإسرائيلية سلسلة من أعمال العنف ضد الفلسطينيين، خصوصا في مدينة القدس وضواحيها، إضافة إلى سلسة الهجمات العسكرية المتكررة على قطاع غزة، منذ سنوات، كانت أحد أسباب هجوم طوفان الأقصى من غزة يوم 7 أكتوبر 2023، الذي نفذته الفصائل الفلسطينية بقيادة كتائب القسام، وهذا الحدث العسكري النوعي، وصفته الدعاية الصهيونية بالإرهابي وقد استثمر اليمين الإسرائيلي التعاطف الغربي على مستوى النخب الإعلامية والسياسية، في حصوله على المزيد من الدعم العسكري والمالي من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا، وتوظيف آلة القتل والإبادة في غزة بحق الشعب الفلسطيني، وممارسة سلسلة من جرائم الحرب تشمل التجويع والحصار واستهداف المدنيين، واستعمال الأسلحة الممنوعة دوليا، وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة، تحت غطاء محاربة الإرهاب وإزالة حكم حماس منه. وما أكدته هذه الحرب القائمة بعد طوفان الأقصى أن اليمين الإسرائيلي يشهد مرحلة حاسمة في مشروعه التوسعي والذي يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائيا.

ترجع نشأة اليمين الإسرائيلي الحالي إلى جناح الصهيونية التنقيحية المتأثرة بأيديولوجية موسوليني والنازية، فقد تكونت حركة بيتار اليمينية المتطرفة حول شخصيته التي تعتبر رمزية بالنسبة لليكود، عرف عنه دعوته إلى استعمال القوة وطرد العرب وإقامة ما يسميه “جدار حديدي بينهم وبين إسرائيل، ونشأ عن هذه الحركة جناح عسكري إرهابي سمي بالبيتار، والذي تطور إلى منظمة الأرغون الإرهابية، ومجموعة ليحي التي قادها أبراهام شتيرن الذي اشتهر بفكره القريب من النازية حيث دعا إلى التحالف مع الرايخ الألماني لمواجهة الانتداب البريطاني، هذه المنظمات الإرهابية قامت بعدة نشاطات إرهابية في عهد الانتداب البريطاني. ورث مناحم بيجن قيادة الحركة وأسس حزب حيروت بعد إعلان قيام إسرائيل وإحداث النكبة عام 1948. تمثل حرب 1967 نقطة تحول في تنامي اليمين متمثلا في حزب حيروت وتحالفه الانتخابي المسمى جاحال واليمين المتطرف، والتي تضمنت في مبادئها وخطاباتها مشاريع الاستيطان والتوسع بعد الاستيلاء على مزيد من الأراضي: شبه جزيرة سيناء، قطاع غزة، الضفة الغربية والجولان.

استمر بيجن في حكم الحزب إلى غاية 1977، حين تمكن من الفوز في الانتخابات بالأغلية البرلمانية وتشكيل أول حكومة لليمين القومي الإسرائيلي، تحت مسمى حزبه الجديد الليكود، والذي تشكل عام 1973 من اندماج حركته مع أحزاب يمينية صغيرة، كانت تدعو وتنشط في مجال استيطان الضفة الغربية وغزة، وتعارض مبدأ الأرض مقابل السلام.

يحكم اليمين الجديد حاليا إسرائيل بقيادة حزب الليكود ومجموعة من الأحزاب اليمين الديني واليمين المتطرف المتكتلة ضمن حزب جديد سمي بالحزب الصهيونية الدينية، والتي تضم في أجنحتها حزب الكاهانية الجديدة ممثلا في حزب القوة اليهودية بقيادة ايتمار بن غفير أحد تباع الحاخام المتطرف مائيركاهانا مؤسس حركة كاخ الإرهابية والذي تم اغتياله لاحقا سنة 1990 في نيويورك، ويشمل اليمين أيضا بعض أحزاب القطاع الحريدي التقليدي مثل حزب شاس.

يعرف اليمين الجديد بأن له توجه قومي شوفيني في الجانب الثقافي السياسي، إضافة إلى كونه تيارا شعبويا وعنصريا يتسم بخطاب الكراهية ضد العرب والفلسطينيين وهذا ما يظهر في ممارسته الخطابية وخرجات زعمائه الحزبيين، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة نتنياهو والذي اشتهر بترديده لمقولة أنه يحارب العماليق، ورئيس حزب القوة اليهودية بن غفير وأحد أعضاء منظمة كاخ الإرهابية اليهودية التي أسسها الحاخام مائيركاهانا، ورئيس الحزب الصهيونية الدينية شموتريتش والذي دعا علانية إلى إسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات وتأخذ مساحات من المملكة العربية السعودية وسوريا والعراق وتضم الأردن ولبنان كلية إلى حدودها.

وقد انتعش اليمين الصهيوني بعد أوسلو، حين عاد حزب الليكود إلى الحكم في سنة 1996 بقيادة نتنياهو، وهزيمة غريمه في حزب العمل شمعون بيريس، وحينها تعثرت المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ووقعت في أزمة شرعية أمام جمهورها وأمام شبهات المنسوبين إليها بالفساد والتفريط في المصالح الفلسطينية.

لكن اليمين الإسرائيلي الحالي أصبح بعد طوفان الأقصى يرفض بوضوح وفي عموم تياراته أي نوع من التنازل عن الأرض وكل مخرجات اتفافية أوسلو تقريبا، هناك العديد من الدراسات التي ترى بأن تنامي النزعة اليمينية في الكيان الصهيوني ستقوض من عملية الديمقراطية الإثنوقراطية القائمة في هذا النوع من الأبارتايد الاستيطاني والذي يستبعد الفلسطينيين أو يتعامل معهم كأقليات، وطابعه الهجومي والعدواني سيكون على حساب الاستقرار المؤسسي وسيثير المزيد من الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي، وسيكون مقدمة لحرب أهلية داخلية، خصوصا محاولة حكومة اليمين الإسرائيلية القيام بإصلاحات سياسية تقلص من سلطة المحكمة العليا على قرارات الكنيست، والتي قوبلت برفض ومظاهرات كبيرة من الأحزاب اليسارية، كما تحاجج بعض الدراسات بأن توجهات اليمين في إسرائيل، خصوصا بعد عملية طوفان الأقصى، أصبح أكثر تطرفا وعنصرية من قبل، وأكثر توجها نحو التوسعية والاستيطانية، وتبرير ذلك بحجج أمنية وتاريخية تنكر حق الشعب الفلسطيني وأصالة وجوده على أرضه التاريخية، حيث يؤكد على يهودية الدولة واعتبار الفلسطينيين أعداء ينبغي التعامل معهم بقسوة أمنية وطردهم من أرض إسرائيل، حسب تعبيرهم، إضافة إلى تنامي النزعة الدينية المسيانية والتي تدعو إلى بناء الهيكل في مكان المسجد الأقصى وتحضير طقوس ذبح الأبقار والتطهير والتي تمهد لبنائه، ناهيك عن استفزازات المستوطنين والقيادات المحسوبة عليه باقتحام المسجد الأقصى، كان آخرها اقتحامات وزير الأمن القومي بن غفير عدة مرات لساحة الأقصى، وهجومه على من يعترض ذلك وإفصاحه عن نيته في بناء كنيس يهودي داخل الحرم القدسي، ودخوله في خلافات حتى مع شركائه في الحكومة وفي مقدمتهم رئيس الحكومة نتنياهو ووزير دفاعه قبل إقالته مؤخرا، وهذه الخلافات التكتيكية لا تحول دون وجود واقع لتبلور تحالف أيديولوجي وسياسي بين أحزاب اليمين واليمين المتطرف، والتي زالت الحدود بينهما، وتشكل بموجبها إجماع صهيوني جديد يفرض نفسه على الساحة الداخلية في إسرائيل يتضمن ما يلي:

أرض إسرائيل الكاملة: تشمل كل فلسطين التاريخية، وبموجب ذلك سيتم ضم الضفة الغربية نهائيا لإسرائيل، وأنه لا يمكن التنازل عنها لأنها مهد إسرائيل الأولى، وقد ترجم هذا في تصويت الكنيست في جويلية 2024 عن رفضه لأي دولة فلسطينية تقوم في الضفة الغربية بصفة نهائية عن طريق تصويت أحزاب اليمين على هذا القرار.

القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، وهي مسألة يحاول اليمين بكل أطيافه فرضها كنوع من الإجماع الإسرائيلي الجديد، والذي بدأت حتى الأحزاب المحسوبة على اليسار تنادي به، مثل بعض أجنحة حزب العمل، فكل الأحزاب المحسوبة على اليمين تعتبر القدس هي عاصمة الدولة، والتي لا يمكن التنازل عنها، ولا يمكن التفاوض بحولها.

إسرائيل دولة يهودية، ينبغي الحفاظ على يهوديتها عن طريق تأمين أغلبية يهودية. عبر عدة أدوات ووسائل منها تشجيع الهجرة اليهودية وبناء المستوطنات، وتشجيع العرب على الرحيل الطوعي أو القسري، وإخضاع الفلسطينيين للحكم العسكري والقيضة الأمنية وإجبارهم على القانون الإسرائيلي، وغض الطرف عن أعمال العنف ضد الفلسطينيين التي يقوم بها المستوطنون.

يرى اليمين الإسرائيلي ضمن مختلف توجهاته الآن، أن المسألة الفلسطينية ينبغي أن تحل عن طريق إعطاء وطن بديل للفلسطينيين في الأردن أو في سيناء المصرية، أو تهجيرهم إلى مختلف بلدان العالم، وفق اتفاقيات مع دول تبدي قبولها لاستقبالهم، ولذا تدعو كل أحزابه حاليا، باستثناء المعسكر الديني الحرادي (يمثل اليهودية المحافظة وغير الصهيونية)، والذي تتغير مواقفه تبعا لظروف الائتلافات الحكومية والانتخابية، إلى أهمية أن تكون إسرائيل دولة يهودية، يكون اليهود أغلبية بصفة دائمة، وهذا يقتضي التخلص بأكبر قدر من السكان الفلسطينيين، وأصبح يؤكد على الاستيطان والذي بواسطته تسيطر إسرائيل على كامل فلسطين التاريخية، بما في ذلك قطاع غزة وضمان السيطرة العسكرية عليه، حيث حضر كلا من وزير الأمن المتطرف بن غفير ووزير المالية سموتريتش مؤتمرا أقامه المستوطنون في 28 جانفي 2024 إلى استيطان كامل قطاع غزة، وضم الضفة الغربية والتي يعتبرها في أدبياته مهد إسرائيل التاريخية، ويطلق عليها اسم يهوذا والسامرا. لذا قامت كل حكومات اليمين بتشجيع الاستيطان وفرضه كأمر واقع يقف حجر عثرة أمام إمكانية قيام أي نوع من الدولة الفلسطينية، حتى في أقل قدر من الأراضي المتبقية للفلسطينيين.

*وزارة الصناعة الأسبق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *