أطفال العالم يحتفلون وأطفال غزة يقتلون
يحتفل أطفال العالم بعيد الطفولة في الفاتح جوان من كل عام، لكنه عيد بطعم الموت والتهجير والحرمان من كل الحقوق الأساسية بالنسبة لأطفال غزة الذين يستهدفهم الصهاينة بشكل مباشرة في إطار حرب الإبادة الجماعية لمحو الوجود الفلسطيني من قطاع غزة عبر دفع من تبقوا أحياء للهجرة.
وباتت دولة الصهاينة، قريبة من تصنيفها في القائمة السوداء على لائحة الأمم المتحدة، حيث يترقب العالم يترقب قرارًا وشيكًا من يصنف جيش الاحتلال الإسرائيلي على أنه منظمة خطرة على الأطفال قتلًا وتشريدًا، بحسب تقرير إعلامي إسرائيلي.
ويسود الترقب تل أبيب وسط تقارير وشهادات تؤكد حرمان المدنيين، ومنهم الأطفال من المساعدات الإنسانية منذ بدأت الحرب على غزة، في 7 أكتوبر الأول المنصرم، وهذا إضافة إلى أن ثلث الذين استشهدوا في قطاع غزة هم من الأطفال، وفقًا لتقارير صادرة عن منظمات حقوقية.
تصنيف جيش الاحتلال كقاتل للأطفال
ولأول مرة، قد تعلن المنظمة الدولية أن جيش الاحتلال كيان يؤذي ويقتل الأطفال، وفق ما نقله وسائل إعلام عبرية نهاية الأسبوع الماضي، وفي السياق، كان خبراء أمميون مستقلون قد طالبوا بإجراء تحقيق دولي مستقل في الهجمات على مخيمات النازحين في رفح، مؤكدين على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع، كما دعوا إلى فرض عقوبات فورية وإجراءات أخرى من جانب المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل كي تمتثل للقانون الدولي.
وشدد اء الأمميون على ضرورة أن يتوقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل على الفور، وطالبوا بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، وتخشى إسرائيل صدور قرار أممي يدينها بقتل الأطفال، خصوصًا وأن عواقب عملية ستتبعه وأبرزها الإضرار في إمدادات الأسلحة، كما تخشى تل أبيب من العزلة الدولية المتزايدة، وتوجه الاتحاد الأوروبي لمعاقبة إسرائيل بحسب تقرير لصحيفة “هآرتس”.
يذكر أن القائمة السوداء للدول التي تلحق الأذى بالأطفال، يعود تاريخها إلى عام 2001 وتلتزم الأمم المتحدة بإصدارها سنويًا، وبخصوص وضع إسرائيل على القائمة هذا العام، أوضح الإعلام العبري أن القرار سيكون ساري المفعول لأربع سنوات، إذا قبل فعلًا واعتمد نهائيًا من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
نحو 700 ألف طفل دون مدرسة في غزة
تشير الإحصائيات إلى أنه لم يذهب 625 ألف طالب في قطاع غزة إلى المدرسة منذ أكثر من ستة أشهر، ويقول جوناثان كريك، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” في القدس: “لا يوجد أي شكل من أشكال التعليم أو الدراسة في غزة في الوقت الحالي”، وفي الوقت ذاته يدين خبراء الأمم المتحدة “التدمير الممنهج لنظام التعليم” في قطاع غزة، وفقاً لبيان صدر في أبريل 2024 في أخبار الأمم المتحدة.
ويواصل البيان: “قد يكون من المعقول التساؤل عما إذا كان هناك جهد متعمَّد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، في عمل يُعرف باسم “الإبادة التعليمية”، ويشير مصطلح “الإبادة التعليمية” إلى “المحو الممنهَج المتعمَّد للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين وتدمير البنية التحتية التعليمية”.
وقد أصدرت إنغر أشينغ، الرئيسة التنفيذية لمنظمة “أنقذوا الأطفال الدولية”، ويان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، واللَّذَيْن تنشط منظمتاهما في قطاع غزة بياناً مشتركاً يحذران فيه من العواقب الطويلة المدى لهذا الدمار.
يقولون إن هذا الدمار سيحمل تأثيراً دائماً على جيل كامل، وبسبب النزاع لم تعد هناك إمكانية للحصول على التعليم، ولكن ما أن تضع الحرب أوزارها لن تكون هناك مدارس ليعود إليها الأطفال، ويحذر الخبيران “نعرف من الأزمات السابقة أنه كلما طال أمد بقاء الأطفال خارج المدارس زاد خطر عدم عودتهم إليها”.
1.5 لتر ماء لكل طفل يوميا
وفي بيان آخر يفضح ممارسات الصهاينة، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، أن الأطفال النازحين حديثاً في جنوب قطاع غزة يحصلون على كميات من الماء أقل كثيراً من المطلوب للبقاء على قيد الحياة، وتوقعت وفاة عدد أكبر من الأطفال بالقطاع، “في الأيام المقبلة”، بسبب الحرمان والمرض.
وأكدت المنظمة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: “لا يحصل الأطفال النازحون حديثاً في جنوب قطاع غزة إلا على 1.5 إلى 2 لتر من الماء يومياً، وهو أقل بكثير من المتطلبات الموصَى بها للبقاء على قيد الحياة”.
وأوضحت: “وفقاً لمعايير الإغاثة الإنسانية، يبلغ الحد الأدنى لكمية المياه اللازمة في حالات الطوارئ 15 لتراً، بما في ذلك مياه الشرب والغسيل والطهي، الحد الأدنى المقدَّر للبقاء على قيد الحياة فقط هو 3 لترات في اليوم”.
وأشارت منظمة اليونيسف إلى أن نصف النازحين داخلياً إلى مدينة رفح في جنوب غزة، من الأطفال، وقالت: “الحصول على كميات كافية من المياه النظيفة في غزة مسألة حياة أو موت”.
وكان مئات الآلاف من النازحين، نصفهم تقريباً من الأطفال، قد وصلوا إلى رفح منذ أوائل الشهر الحالي، وفي حاجة ماسّة إلى الغذاء والماء والدواء والمأوى، ونوّه البيان بأن الوضع “مأساويّ بشكل خاص” على الأطفال، لأنهم أكثر عرضة للجفاف والإسهال والأمراض وسوء التغذية.
وحذّرت “اليونيسف” من أن خدمات المياه والصرف الصحي في غزة “على وشك الانهيار”، وأن تفشّي الأمراض على نطاق واسع “يلوح في الأفق”، وأضافت: “ما لا يقل عن 50 في المائة من مرافق المياه والصرف الصحي قد تضررت أو دُمّرت”، وقالت كذلك: “انخفاض خيارات النظافة إلى حد شِبه معدوم يؤثر بشكل خاص على النساء والفتيات، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في انتشار المرض”.