أمد/ الخطة الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي سربتها صحيفة الواشنطن بوست وذكرت أنها تقع في 38 صفحة، وحملت اسم “صندوق إعادة إعمار غزة وتسريع الاقتصاد والتحول”، وقد وضعها بعض الصهاينة الذين أطلقوا مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المدعومة من قبل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وهي التي تنشر مصائد الغذاء داخل القطاع لإيقاع الخسائر البشرية في صفوف الفلسطينيين. والخطة هي في مجملها أفكار وخطط ورؤى قد تحدثت عنها الإدارة الأمريكية منذ مجيء الرئيس دونالد ترامب رئيساً لها، والقائمة على تحقيق مجموعة أهداف اقتصادية وسياسية وجيوسياسية وعسكرية وأمنية، على حساب قطاع غزة وتهجير أهلها البالغ تعدادهم 2 مليون فلسطيني، عبر حوافز ومغريات مالية تصل إلى 5 آلاف لكل مغادر ووعود مضللة بدفع إعانات لتغطية إيجار لمدة 4 سنوات وموازنة غذائية لمدة عام. حيث المأمول أمريكياً نقلهم إلى بلد آخر أو إلى مناطق محددة داخل القطاع أثناء إعادة الإعمار. ومن شأن هذه الخطة أن تحول الولايات المتحدة الوصاية على القطاع لمدة قد تصل عن 10 سنوات، بينما يتم تحويل القطاع إلى منتجعات سياحية ومراكز لتصنيع التكنولوجيا عالية التقنية.
الخطة المُسربة، أولاً لماذا تمّ تسريبها في هذا التوقيت حيث الجمعية العامة للأمم المتحدة ستعقد دورة اجتماعاتها السنوية أواخر أيلول الجاري في نيويورك. فإدارة الرئيس ترامب تريد إيهام دول العالم أنها معنية بإيجاد حل ونهاية لما يُعانيه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من حرب إبادة موصوفة، والولايات المتحدة الأمريكية بإدارتيها الديمقراطية والجمهورية المسؤولتان مباشرة عن هذه الحرب على البشر والحجر والشجر في القطاع، وعلى قدم المساواة مع حكومة الكيان الصهيوني برئاسة الإرهابي نتنياهو وائتلافه الفاشي. وذلك بهدف تخفيف حملة الانتقادات التي ستواجهها الإدارة الأمريكية ومعها الكيان الصهيوني النازي تحت قبة الجمعية العامة. وثانياً، لماذا جاءت بعد مسافة زمنية قصيرة من موافقة فصائل المقاومة وفي مقدمتها حركة حماس على صفقة الوسيطين المصري والقطري في 18 أب الماضي في اجتماعات القاهرة، والتي لم تكن في مطلق الأحوال بعيدة عن خطة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط “ستيف ويتكوف”. بتقديري تسريب ترامب لخطته على صفحات الواشنطن بوست جاءت لقطع الطريق على دول وازنة ومؤثرة كفرنسا وبريطانيا ولربما ألمانيا ودول عديدة، نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإن وفق رؤية ما سمي ب “حل الدولتين”، والذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 من الشهر الجاري، وفق “إعلان نيويورك” بشأن تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، وذلك بأغلبية 142 دولة ومعارضة 10 وامتناع 12 عن التصويت. وثالثاً، لماذا جاء تسريب الخطة متزامناً مع ما سميت بمبادرة الرئيس ترامب وإطلاقه التحذير الأخير لحركة حماس القبول بالمبادرة المتضمنة الإفراج عن الأسرى أو ما أسماه ب “المصير السيء”. لتأتي المحاولة البائسة لاغتيال قيادات حماس في قطر جواباً كافياً واضحاً لسؤالنا الثالث. فالعدوان ومحاولة الاغتيال الفاشلة هي التحذير الأخير لحركة حماس، حيث كانت مبادرة الرئيس ترامب كلمة السر للتحرك العملياتي لقرار العدوان على الدوحة بهدف الاغتيال الجماعي لقيادة حماس التي عاكفة على دراسة ومناقشة المبادرة الفخ الذي نصبه الثنائي المجرم لترامب ونتنياهو. وكأن الزمن يعيد تذكيرنا بفخ المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول الملف النووي في مسقط، لتشكل الغطاء للعدوان الصهيوني المباغت على إيران.