أبطال من ورق.. والضحية شعب بأكمله
أمد/ أستدرك في هذا المقال تاريخ السنوارين يحيى ومحمد. يحيى صاحب الطموح الكبير الذي لا يملك أي من المهارات اللازمة للوصول إلى سوق الخضار وليس إلى سلم القيادة سواء العسكرية أو السياسية، ومحمد الذي اعتمد في حياته على قوة الجسد والسطوة والنفوذ بين مسلحي الجناح المتطرف داخل حركة حماس دون أي إعمال للقدرات العقلية. وبخروج يحيى من السجن في صفقة شاليط اجتمع الثنائي مجدداً وفي داخلهما شبهة انتقام من التهميش الذي عاشته العائلة على مدار سنوات من سيطرة حماس على الحكم في غزة خاصة مع سطوع نجم أسماء عائلات أخرى تنتمي للحركة خلال تلك الحقبة، الأمر الذي كان محط انتقاد من السنوار ذاته حين انتقد أبناء هنية في التسجيل الصوتي الشهير الذي تم تسريبه قبل نحو عامين.
ومع خروج السنوار من السجن عمل وبشكل متفانٍ على إعادة ما رآه استحقاقاً لاسم عائلته، وعلى مرآى ومسمع من سكان غزة لمع اسم أفراد عائلة السنوار بعد بضعة أشهر فقط من الإفراج عنه وكأنهم بخروجه حصلوا على الحماية من الشخص المناسب لتفادي أي بطش أو خيانة، وعلى ما يبدو فإن الخطة كانت تقتضي بصناعة دويتو مميز يجمع بين الشقيقين، بداية بالسيطرة على مفاصل الجناح العسكري للحركة وانتهاء بالسيطرة على المكتب السياسي، وهو ما تحقق فعلياً لكن الثمن كان التضحية بكل أبناء القطاع.
وإذا كانت القيادة تستلزم فناً خاصاً أو صانعاً محترفاً يجيد فن التلاعب خاصة إذا كان الأمر يتعلق بقيادة فلسطينية، فإن السنوار يعتبر حالة خاصة، فكما هو يفتقد للكاريزما والصوت المميز الذي يعطي إيحاء بأنك تجلس أمام شخص مسؤول له هيبته، فهو أيضاً يفتقد للتعليم والثقافة التي يمكن أن تعوض كل ذلك، فتعليم السنوار وثقافته اقتصر على الجانب الديني الذي يعتبر مثل صناعة المعكرونة داخل المنزل، أي أنه وصفة سهلة وسريعة للوصول إلى قلوب الجماهير خاصة تلك التي تعاني من التدين والفساد معاً، وقد ساهمت كل تلك الصفات في خلق قائد أجوف يعتمد على لغة التهديد والتحذير والوعيد لأنه يفتقد لأي لغة أخرى يمكنه أن يخاطب العالم من خلالها.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أداء يحيى السنوار في المقابلات والمؤتمرات التي أجراها بعد خروجه من السجن، والتي أثبتت بشكل قاطع أنه يفتقد إلى اللباقة في جذب الجماهير خاصة تلك التي تميل إلى دغدغة المشاعر الدينية، والتي تعتمد في قراراتها على هيئة وصوت المتحدث أو الشيخ، فالهيئة والصوت عاملان مهمان في جذب أولئك المغيبين الذين لا يكلفون أنفسهم عناء البحث والاطلاع للوصول إلى مرحلة حرية الاختيار.
لكن وبحسب الاستطلاعات فقد نجح السنوار بشكل كبير في استمالة التيار المتطرف داخل الحركة ومناصريها بعد سنوات من سيطرة هنية الذي اغتيل في طهران والذي كان يمثل بشكل أو بآخر التيار الدبلوماسي، لكن وبحكم المنظومة الإخوانية التي تعتمد على إنشاء جيل لا يحكم العقل والمنطق، قرر السنوار برفقة شقيقه وتابعيه إلقاء صخرة كبيرة في المياه الراكدة دون أي اعتبار للنتائج المترتبة على تلك الخطوة. وبحسب التفكير المحدود للشقيقين كانت الحسابات تتأرجح حول عدم قدرة إسرائيل على الدخول إلى القطاع بسبب الكثافة السكانية الكبيرة، وهذا هو السبب الوحيد الذي ساقه الشقيقان للترويج لخطتهما والذي اعتمدته الحركة أيضاً في تحليلها للنتائج التي ستترتب على ما حدث يوم السابع من أكتوبر.
وخلاصة كل هذا الحديث أن القرار الفلسطيني الآن يقبع رهينة لمجموعة من الحمقى والمنفصلين عن الواقع بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن كل تلك الأوهام والأفلام التي ساقوها عبر قنواتهم والقنوات المناصرة لهم ما هي إلا سراب لا يروي عطش الأطفال الذين يقبعون في الخيام منذ أشهر، وما يتم ترويجه الآن هو ما تم ترويجه في السابق ولن يحدث أي تغيير في الوضع الفلسطيني إذا بقي القرار رهينة لمثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يستحقون أن يكونوا واجهة تدير شؤون شعب يذبح في طوابير الدخول إلى الحمامات والتكيات للحصول على بعض الأرز الذي كان السكان في غزة فيما مضى يلقون الفائض منه أمام الدجاج، فأصبحوا اليوم يلتقطون الصور تذكارية مع أية دجاجة مجمدة تأتي إليهم على هيئة مساعدات.