عقدت الجامعة الأمريكية الدولية (AIU) منتدى الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لدول مجلس التعاون الخليجي 2025 في نسخته الثالثة في فندق الفورسيزون، أمس، بمشاركة نخبة من الخبراء المحليين والدوليين في مجالات التكنولوجيا والأمن السيبراني والابتكار، وذلك برعاية استراتيجية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (KFAS)، وتعاون استراتيجي مع المركز الوطني للأمن السيبراني (NCSC)، وبدعم من شركة علي الغنام وأولاده للسيارات، ومؤسسة الجيل الجديد التعليمية وبنك الكويت الدولي ورعاية إعلامية من شركة «ADZONE» كشريك إعلاني للعام الأول.

وشملت فعاليات المنتدى الذي يستمر حتى اليوم في مقر الجامعة مسارات متخصصة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إلى جانب ورش عمل وتجارب تطبيقية عملية تتيح للمشاركين التعمق في أحدث الاتجاهات والتقنيات، واكتساب خبرات مباشرة من أبرز المتخصصين.

وجاء تنظيم المنتدى بالتعاون مع الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات «CAIT»، ووزارة الدفاع، وغرفة التجارة الأمريكية الكويت، والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، بما يعزز المنظور الخليجي الشامل لقضايا التحول الرقمي والأمن التقني.

صياغة المستقبل

وأكد الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية، د. ريتشارد جونسون، أن المنتدى الخليجي الثالث للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني أصبح خلال فترة وجيزة المنصة الأبرز في المنطقة، مشيراً إلى أنه يمثل منبراً تلتقي فيه الرؤية بالفعل والاكتشاف بالتطبيق والعقول المبدعة لصياغة المستقبل.

وقال جونسون خلال اطلاق الفعالية، «المنتدى ليس مجرد تجمع علمي أو تقني، بل منصة تجمع بين الفكر والابتكار والعمل المشترك، حيث تلتقي العقول اللامعة لتصنع المستقبل».

وأوضح أن المنتدى يشهد مشاركة متحدثين بارزين وخبراء عالميين وقادة مؤثرين في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، موضحا أنهم لا يكتفون بتحديد ملامح الحاضر، بل يصيغون مستقبل التكنولوجيا والأمن الرقمي في العالم، من خلال افكارهم الجريئة، بل هي مختبرات للابتكار والتجريب والتفكير المشترك، وتتيح للمشاركين اختيار افكار جديدة ومناقشة حلول واقعية للتحديات التي تواجه العالم في عصر التحول الرقمي.

وأوضح جونسون أن هذا الحدث يجمع عمالقة الصناعة ورواد الأعمال والشركات العالمية الناشئة، مؤكدا أن قصص نجاحهم تذكر الجميع بأن إنجازات الغد لا تولد من مناطق الراحة، بل من شجاعة الحلم والمخاطرة والإصرار على التغيير.

وقال «إن المنتدى يشكل أيضاً فرصة نادرة للحوار مع القادة وصناع القرار في منطقتنا، الذين يضعون السياسات، ويقودون الشراكات، ويستثمرون في مستقبل أمتنا»، لافتاً إلى أن هذه الحوارات هي التي تصنع الفارق الحقيقي، لأنها تفتح آفاق التعاون وتدعم التنويع الاقتصادي وتضعنا في موقع الريادة.

ووصف جونسون «المنتدى بأنه صحوة فكرية لأشخاص يرفضون أن يكونوا متفرجين على المستقبل، بل صانعين له، صحوة للحالمين والمبادرين والمغيرين الذين يتحملون مسؤولية العالم الذي سنتركه للأجيال القادمة».

وأضاف جونسون أن الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ليسا مجرد تقنيات، إنما قوتان تشكلان مستقبل البشرية، مشيرا إلى أنه «عملنا هنا عن الإنسان قبل الآلة، وعن بناء مستقبل تخدم فيه التكنولوجيا الإنسان لا العكس».

التحولات الرقمية

من جانبها، أكدت رئيسة المركز الوطني للأمن السيبراني، د. عبير العوضي، أن رعاية المركز الإستراتيجية للمنتدى تأتي في إطار الالتزام الجماعي بدعم الجهود الخليجية لمواجهة التحديات التقنية والتحولات الرقمية المتسارعة.

وقالت العوضي «نلتقي اليوم في وقت يشهد العالم فيه ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، يتداخل فيها الذكاء الاصطناعي مع شبكات المعلومات ليصنع واقعا جديدا مليئا بالفرص والتحديات».

وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية مساعدة، بل أصبح قوة استراتيجية مؤثرة في الاقتصاد والأمن والدفاع والسياسة، مضيفة انه «في المقابل يتزايد الاعتماد على الفضاء السيبراني بشكل يجعل أي خلل فيه يصبح تهديدا لمصالح الدول وأمنها الوطني».

وأشارت العوضي إلى أن التجارب الحديثة أكدت أن الأمن السيبراني ليس خيارا تكميليا بل هو أساس التنمية الرقمية والاستقرار الوطني، لافتة الى ان الهجمات لم تعد تعتمد على البشر فقط، «بل أصبحنا نواجه هجمات سيبرانية مدعومة بالذكاء الاصطناعي وقادرة على التعلم والتطور ذاتيا، وهذا يضع أمامنا مسؤولية كبرى في تطوير قدراتنا وبناء أنظمة مرنة قادرة على التكيف مع التغيرات المستقبلية».

وذكرت العوضى «ان المنتدى الذي يجمعنا اليوم ليس مجرد مناسبة لتبادل الأفكار، بل هو منصة استراتيجية لتعزيز التعاون والتكامل بين دولنا الخليجية لطرح الحلول المبتكرة التي تجمع بين قوة الذكاء الاصطناعي وأهمية الامن السيبراني».

ولفتت إلى «إننا بحاجة إلى إطار مشترك لتبادل الخبرات، وتوحيد الجهود وبناء منظومة سيبرانية خليجية متينة تكون قادرة على حماية اقتصادنا الرقمي ومكتسباتنا التنموية».

وأفادت «بأن المركز الوطني للأمن السيبراني وايمانا منه بأهمية هذه القضايا نعمل بشكل متواصل على تطوير وتأهيل كوادرنا وإقامة شراكات مع مختلف الجهات الإقليمية والدولية، إدراكا من المركز أن الأمن السيبراني قضية عابرة للحدود، وأن التعاون هو السبيل الوحيد لمواجهة التهديدات التي لا تعرف حدودا جغرافية».

وتقدمت العوضي بالشكر الجزيل للجامعة الأميركية الدولية، وإلى جميع المشاركين، وإلى فرق العمل التي بذلت جهدا كبيرا لتنظيم هذه المنتدى، متمنيا لهم ان يسهموا في تعزيز الأمن السيراني بدولنا ويفتحوا آفاقا جديدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية المستدامة.

من جانبه، أكد مساعد نائب الرئيس للأبحاث والعلاقات الخارجية في الجامعة الأمريكية الدولية «AIU»، د. محمد القطان، أن تنظيم المنتدى يأتي انطلاقاً من دور الجامعة الأكاديمي في ربط التعليم بسوق العمل، مبيناً أن الهدف الأساس هو تطوير المجتمع علمياً وتقنياً، بما يسهم في مواكبة التحولات العالمية.

وأوضح القطان في تصريح للصحافيين على هامش المؤتمر، أن الجامعة تسعى إلى استقطاب أفضل الخبرات العالمية لتطوير الكفاءات الوطنية، سواء من طلبة الجامعة أو من العاملين في مختلف قطاعات سوق العمل.

وقال «نحن نؤمن بأن الطلبة والموظفين هم أبناء هذا الوطن، ونسعى لتطويرهم معاً من أجل بناء مستقبل تنافسي للكويت على المستوى العالمي».

وأضاف أن فعاليات اليوم الأول من المنتدى تتضمن ورش عمل وحلقات نقاشية متنوعة تسلط الضوء على أحدث التطورات في مجالي الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إلى جانب مناقشة التحديات التي تواجه السوق الكويتي وسبل التغلب عليها بما يواكب التوجهات الدولية في هذا المجال.

وأشار القطان إلى أن اليوم الثاني من المنتدى سيكون مخصصاً للطلبة في حرم الجامعة، حيث ستقام ورش تدريبية تطبيقية لتعزيز مهاراتهم في المجالات التقنية الحديثة، مشيراً إلى أن الجامعة طرحت بالفعل برامج أكاديمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني تشهد إقبالاً متزايداً من الطلبة.

وأضاف «ما نراه اليوم ثمرة عمل مستمر لأكثر من عام، نهدف من خلاله إلى الاستثمار في الشباب الكويتي. فقد أوكل إلينا شرف ومسؤولية التعليم والتدريب، ونسعى لأن نكون على قدر هذه المسؤولية من أجل خدمة هذا البلد العظيم».

الزامل: دول الخليج سبّاقة في قضايا الأمن السيبراني والتقنيات الحديثة

منصة رائدة

من جهته، أشاد رئيس مجلس إدارة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، د. خالد الزامل، بتنظيم المنتدى، مؤكدًا أنه منصة رائدة لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون بين القطاع الأكاديمي والتقني.

وقال الزامل إن الهيئة تواكب التطورات التقنية وتدعم المنتديات التي تسهم في رفع مستوى الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فهي فرصة لتبادل الرؤى وتحقيق فائدة متبادلة بين الجهات.

وأشار إلى أن مثل هذه الفعاليات تسهم في تعزيز الوعي المجتمعي وتطوير مهارات الشباب، مبينا أن دول مجلس التعاون الخليجي رائدة في مبادرات الأمن السيبراني والتحول الرقمي، لافتًا إلى اجتماع وزاري خليجي مرتقب لمناقشة التعاون في مجالي الاتصالات والذكاء الاصطناعي.

العقيلي: المنتدى يجسد رؤية القيادة في توظيف المعرفة لخدمة التنمية

«نجاح التجارب»

فيما أكد نائب المدير العام للإدارات والبرامج المساندة في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي «KFAS»، د. صالح العقيلي، أن تنظيم المنتدى في نسخته الثالثة يعكس نجاح التجارب السابقة، ويجسد رؤية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في توظيف المعرفة والابتكار لخدمة التنمية الوطنية.

وأضاف العقيلي أن المؤتمر يتماشى مع استراتيجية المؤسسة في تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز الشراكات الأكاديمية والتقنية بما يعزز مكانة الكويت الإقليمية والعالمية في المشهد العلمي والتقني.

محاضرتان عن التحول الرقمي واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي

عقد خلال المنتدى حلقة نقاشية برعاية وزارة الدفاع تضمنت أهم التطورات واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، بمشاركة د. بيتر بندور صموئيل، ونيل سيريبرياني، وايلين فيدرين.

وعلى صعيد متصل، شهد المنتدى أيضا عقد جلسة نقاشية أخرى، وجلسة نقاشية بعنوان «الأمن المبتكر في التحول الرقمي»، أدارها م. بدر المنصوري من مركز إدارة الطوارئ للأمانة العامة لمجلس التعاون، مؤكداً أن التحول الرقمي لم يعد خياراً بل أساساً لعمل الحكومات والمؤسسات، داعيا إلى جعل الأمن السيبراني محركاً للابتكار لا عائقاً له.

وشاركت في الجلسة، د. ريم الشمري، التي أكدت أن التطور التقني يتطلب وعيا وتنظيما يوازي سرعة التحول الرقمي لضمان الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، فيما تناولت رفعة السعدون، من مكتب براءات الاختراع الخليجي، الجدل العالمي حول إمكانية اعتبار الذكاء الاصطناعي مخترعا قانونيا، مشيرة إلى أن التوجه الدولي يميل نحو الاعتراف بدوره كمساعد للمبتكر البشري مع الحفاظ على حقوق الإنسان المبدع.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.