«هيرميس»: الحكومة تركز على مسار إصلاح تدريجي يهدف لكسب ثقة الجمهور
إيرادات الكويت غير النفطية… الأدنى خليجياً
فاتورة الأجور العامة في الكويت… الأكبر خليجياً
ثاني أضيق قاعدة للإيرادات غير النفطية بالكويت
ارتفاع الإنفاق الحكومي مؤشر على الهيمنة المالية
محافظة الكويت على النمو تتطلب إعطاء الأولوية للإصلاحات المالية
ضعف النمو الاقتصادي 2024 وسط ارتفاع الفائدة وضعف الإنفاق
تطرقت شركة «إي إف جي هيرميس» في تقرير صدر عنها أخيراً، إلى البرنامج الاقتصادي الممتد لـ 4 سنوات، والذي لم تعلن عنه حتى الآن الحكومة الكويتية، رغم تعيينها منذ شهر يونيو الماضي.
ومع ذلك، قالت «هيرميس» إن مراقبة التدابير التي اتخذتها الحكومة على مدى الأشهر القليلة الماضية، توافر بعض المؤشرات على المسار المستقبلي لسياساتها الاقتصادية، موضحة أنه في الأمد القريب، يبدو أن الحكومة تركز على مسار إصلاح تدريجي نسبياً، بهدف بناء المصداقية وكسب ثقة الجمهور.
ولتحقيق هذه الأهداف، أوضحت «هيرمس»، أن الحكومة ركزت على الانضباط المالي من خلال تنفيذ تدابير خفض التكاليف، مثل تبسيط العمليات الحكومية ودمج الكيانات، والاستثمار في البنية الأساسية، عبر تسريع تنفيذ المشاريع العامة الرئيسية لتحفيز النمو الاقتصادي.
وحسب التقرير، يتوقع أن تتضمن ميزانية السنة المالية 2025 /2026 جهوداً أكثر أهمية في مجال الإصلاح المالي. وسيشمل ذلك إصلاحات تفصيلية مثل خفض دعم الطاقة وزيادة الضرائب، والتي يرجح تنفيذها في الأمد المتوسط.
إمكانات النمو
من جانب آخر، قال التقرير إنه لكي تحافظ الكويت على إمكاناتها للنمو، يتعين عليها أن تعطي الأولوية للإصلاحات المالية. مفيدة بأنه رغم مركزها المالي القوي، فإن البلاد تحتاج إلى تعديل سياساتها المالية لتمويل مبادرات النمو المستقبلية وتمكين الحكومة من تحفيز الاقتصاد. وأنه مع نقطة التعادل المرتفعة للميزانية التي تبلغ نحو 100 دولار للبرميل، فإن ضبط الأوضاع المالية أمر ضروري لتأمين الأموال اللازمة للنمو في المستقبل.
وترى «هيرميس»، أنه ليتحقق ترشيد الإنفاق، لابد من زيادة وتنويع مصادر الإيرادات غير النفطية. إذ تسجل الكويت حاليا أدنى إيرادات غير نفطية بين نظيراتها في دول الخليج، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى تحسين كبير في هذا المجال.
ولفتت إلى وجود حاجة إلى قانون جديد للدين، لتمويل العجز المتوقع، خاصة في المراحل المبكرة من الإصلاحات، نظراً للقيود المفروضة على صندوق الاحتياطي العام. ومن ناحية أخرى، قد يوفر استغلال صندوق الأجيال القادمة حلاً تمويلياً، وإن كان يتطلب تعديلاً دستورياً، لافتة إلى أن تنفيذ حزمة إصلاح شاملة أمر بالغ الأهمية لتعزيز الثقة في المستقبل الاقتصادي للكويت وضمان الاستدامة طويلة الأجل لجهود الإصلاح.
نشاط ضعيف
وبشكل عام، يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً في 2024، وسط ارتفاع أسعار الفائدة وضعف الإنفاق الاستثماري العام. وتتوقع «هيرميس» أن ينكمش نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام الثاني على التوالي في 2024، مدفوعاً في الغالب بمزيد من الانخفاض في إنتاج النفط الخام. وبعد عامين من التراجع، تتوقع تعافى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مدفوعاً بالتعافي في قطاع التصنيع. ويظل نمو الائتمان بطيئاً بسبب ضعف الإنفاق الاستهلاكي، الذي بدأ يهدأ بعد ارتفاع قوي بعد الجائحة وارتفاع أسعار الفائدة.
وفي حين ارتفعت ترسيات المشاريع إلى أعلى مستوى لها في 3 سنوات في 2023، من المتوقع أن تستقر هذا العام، والتوقعات لعام 2025 وما بعده إيجابية، وتعتمد على خطوات أكثر استباقية وعوامل دورية مواتية، بما في ذلك انخفاض أسعار الفائدة.
الهيكلة المالية
وتتميز الكويت خليجياً ببنيتها المالية الفريدة. فالإنفاق الحكومي الحقيقي، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، الأعلى في المنطقة، مؤشر على الهيمنة المالية (يعكس مستوى كبيراً من تدخل الدولة في الاقتصاد). ويميل بشدة نحو النفقات الجارية، مع تراجع خطط الإنفاق الرأسمالي في كثير من الأحيان.
ويتم تخصيص جزء كبير من هذا الإنفاق على المصروفات الجارية، وخاصة الأجور والدعوم والمزايا الاجتماعية. مبينة أن فاتورة الأجور العامة في الكويت الأكبر خليجياً، ما يشير إلى الاعتماد الكبير على القطاع الحكومي في توظيف المواطنين (86 في المئة تقريباً من المواطنين يوظفهم الق طاع الحكومي).
علاوة على ذلك، شكلت فاتورة الأجور ثلث إجمالي الإنفاق العام، كمعدل وسطي في العقد الماضي، مع ارتفاع النسبة إلى 40 في المئة في الميزانية الحالية. ويخصص جزء كبير من الميزانية، نحو 17 في المئة، للمزايا الاجتماعية. ويشمل ذلك الدعم المالي لبرامج الضمان الاجتماعي، وبدلات غلاء المعيشة، ومبادرات الرعاية الاجتماعية الأخرى المتنوعة، بإجمالي 4.3 مليار دينار في السنة المالية 2024 /2025.
علاوة على ذلك، تواصل الحكومة تقديم دعوم سخية للوقود، سواء للبنزين أو الكهرباء، بميزانية تبلغ 7.4 مليار دولار، ما يمثل 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
من ناحية أخرى، تمتلك الكويت ثاني أضيق قاعدة للإيرادات غير النفطية خليجياً، بعد قطر فقط.
والجدير بالذكر، أن الكويت وقطر هما الدولتان الوحيدتان خليجياً اللتان لم تطبقا ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية.
ومن حيث القيمة الحقيقية، تبلغ إيرادات الكويت غير النفطية ما يقارب نصف إيرادات عُمان وثلث إيرادات السعودية. إضافة إلى ذلك، فإن عدم دفع أرباح من صندوق الثروة السيادي، عامل استقرار دوري لدول الخليج الأخرى، يقلل بشكل أكبر قدرة الكويت على تحقيق إيرادات غير نفطية.
إضافة إلى ذلك، أشارت «هيرميس»، إلى أنه غير مستغرب أن يؤدي المركز المالي غير المتوازن، إلى تعرض الأرصدة المالية للبلاد لضغوط ناجمة عن انخفاض أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية، لافتة إلى تفاقم هذا الضغط بسبب السياسات المالية التي فرضت تحويل 10 في المئة (وتم رفعها إلى 25 في المئة في بعض السنوات) من إجمالي الإيرادات إلى صندوق الأجيال القادمة.
وبينت أن اعتماد الحكومة على صندوق الاحتياطي العام، لتمويل العجز خلال سنوات انخفاض أسعار النفط، أدى إلى استنزاف مواردها بشكل كبير. فعلى مدى 8 سنوات متتالية، بلغ إجمالي عجز الميزانية 54.4 مليار دينار، مع تحويل 23.8 مليار إلى صندوق الأجيال القادمة. وأدى عجز الحكومة عن إصدار الديون، بعد انتهاء قانون الدين العام في 2017، إلى تفاقم الضغوط على صندوق الاحتياطي العام، ما أدى إلى استنفاده تقريباً.
وتقترح «هيرميس» أن يساهم صندوق الأجيال القادمة في ميزانية الدولة، على غرار الممارسات المتبعة في دول الخليج الأخرى، إضافة إلى إصدار قانون جديد للدين العام، الذي من شأنه أن يمكن الحكومة من الاقتراض والاستفادة من مستويات ديونها المنخفضة للغاية، والتي تقدرها الشركة بنحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول نهاية 2024.
المصدر: الراي