على وقع البيان الذي أصدره وزير العدل المستشار ناصر السميط أواخر يوليو الماضي عن إلغاء عملية القبول للمتقدمين إلى وظيفة وكيل نيابة، على خلفية ما شابها من مخالفات جسيمة، على حد وصف البيان، مازالت عملية القبول للمتقدمين في النيابة متوقفة منذ قُرابة عامين، من دون إقرار حتى الآن، في ظل بقاء دفعتين من خريجي الحقوق على قائمة الانتظار للتقدُّم إلى وظيفة وكيل نيابة، وهي دفعات الخريجين للعامين السابق والحالي، لتسجل بذلك ثلاث دفعات على قائمة الانتظار، من دون أن يحسم مصير الدفعة صاحبة الدور.
وبينما تكمن حاجة القبول للمتقدمين في النيابة باعتبارها أمراً مُلحاً، وسط تحقيق التوجهات الحديثة نحو تكويت القضاء، فإن توقف عملية القبول ستُلقي بظلالها على تحقيق تلك التوجهات في المواعيد المقررة لها، ما لم تكن هناك رغبات في استعجال عمليات القبول للدفعات الثلاث، لتكون جميعها منخرطة في مراحل القبول والتأهيل والتدريب، ومراعاة عنصر الأقدمية فيما بينها، تحقيقاً لفوارق الأقدمية في دفعات المقبولين وسنوات التخرُّج.
ورغم وضوح حالة عدم الاتفاق على «ملف قبول النيابة»، وما شاب ذلك من شد وجذب، وآخرها البيان الذي أصدره وزير العدل المستشار ناصر السميط، ثم قرار مجلس القضاء بفتح باب القبول لدفعة جديدة للمقبولين في النيابة العامة مطلع أكتوبر المقبل، ورغم عدم حسم أمر الدفعة المُثار بشأنها البيان، وسط تأكيد الوزير عدم اعتماد أي دفعات للمقبولين إلا بعد الانتهاء من الدفعة الحالية، وذلك بعد أن تم استحداث آلية جديدة لعمل القبول بالتنسيق مع معهد القضاء وجامعة الكويت، ثم قيام الوزارة بإرسال كتاب قبل نحو شهر إلى مجلس القضاء بطلب تشكيل لجنة قضائية للإشراف على عملية القبول، فإن مجلس القضاء لم يرد حتى الآن على طلب الوزارة، ما يجعل عملية القبول للدفعة الحالية في حالة عدم الاتفاق بين الوزارة ومعظم مجلس القضاء الحالي أمراً غير وارد، ما لم يطرأ جديد على حالة الاتفاق.
ومع الحاجة المُلحة لحسم هذا الملف الدائر، وأهمية المستجدات التي طرأت على عملية القبول، أهمها تقليص عدد المقبولين إلى 112 في النيابة العامة، نظراً لقبول عدد ممن ترددت أسماؤهم في قبول النيابة في كل من الإدارة العامة للتحقيقات والمؤسسات الحكومية الأخرى ممن أفقدهم شرط القبول، بسبب تأخر عملية القبول في النيابة، وهو ما قد يُثير إمكانية حسم الأسماء المُجتازة لعملية القبول ممن لا يشوبها أي ملاحظات لدى اللجان الفاحصة لعملية القبول، بما يُسهم في إنجاز عملية القبول، إلا أنها غير بعيدة عن الطعن القضائي، لما شابها من ملاحظات كشف عنها بيان وزارة العدل، بوجود مخالفات جسيمة شابتها أدَّت في البيان إلى إعلان إعادة عملية القبول برمتها.
ولم تعهد عملية القبول في النيابة منذ سنوات طويلة حالة من التوقف كالتي شهدتها العام الحالي، والتي ثارت حولها، حسب بيان وزارة العدل، العديد من الملاحظات، وفق ما تناولته من ملاحظات وآليات مقبلة للتعامل معها، إلا أن ذلك المسلك الإصلاحي في إعلان البيان، ومنذ أكثر من شهرين، لا يُبرر استغراق هذه المدة التي أُضيفت إلى مدة الانتظار السابقة للتعامل مع ملف القبول، والتي انعكست آثارها على حال المتقدمين إلى العمل في النيابة، والذين مازالوا ينتظرون انفراجة على صعيد هذا الملف، لاسيما أن عملية الانتظار دخلت عامها الثاني حتى الآن.
وعدم حسم هذا الملف لم يكن مرتبطاً فقط بإعلان بيان الوزارة، بل من قِبل اللجان المكلفة عملية القبول، أو حتى في تباين وجهات النظر بين أعضائها وبين ما شابها من اعتراضات إلى الوزير أو إلى مجلس القضاء، والتي استغرقت وقتاً طويلاً في حسم أمر آليات القبول، رغم أنها من المفترض أن تكون محدَّدة سلفاً بالشروط والآليات المُعلن عنها عند فتح باب القبول.
ومع حالة التفاهم التي شهدتها العلاقة بين الوزارة ومجلس القضاء خلال الأسابيع القليلة الماضية في إقرار اعتماد أسماء المستشارين المنقولين إلى محكمة التمييز أو أسماء المعتمدين للندب في معهد القضاء وإدارة التنفيذ بترشيحات مجلس القضاء بتعيين المحامي العام الأول في النيابة بدر المسعد مديراً لمعهد القضاء، والمستشار في محكمة التمييز عبدالله القصيمي رئيساً للإدارة العامة للتنفيذ، وعدد من قضاة التنفيذ، وربما قريباً الموافقة على ندب المستشارين من محكمة الاستئناف ضمن المكتب الفني لمكتب وزير العدل، قد تحدث انفراجة في ملف المقبولين من مجلس القضاء على نحو إعادة تشكيل لجنة قضائية لإعادة فحص أسماء المقبولين في النيابة العامة، والإعلان عنها، وبدء الإعلان عن فتح باب القبول في النيابة للدفعات المنتظرة، بما يعكس دعم ملف التعيين في القضاء، من خلال عملية القبول في النيابة العامة وخطط التكويت التي يعمد الجهاز الإداري والقضائي على تحقيقها.
إن ملف القبول في النيابة العامة يُعد من الملفات المهمة التي تعكس حرص القضاء على الحفاظ على صلاحياته في تقدير أمر القبول، لكن الواقع، ووفق نصوص أحكام القانون، ان لوزير العدل جملة من الصلاحيات أشار إليها القانون في أمر تعيين اللجان القضائية المكلفة فحص أوراق المتقدمين بعد ترشيح أسمائهم من مجلس القضاء، وحق الوزير في أمر تعيين المقبولين، لذا كان الأهم هو تحقيق التعاون والتفاهم بين الأجهزة المعنية على تلك الملفات، وفق ما تعاملت معه الأجهزة المعنية قبل سنوات طويلة، وتحديداً بعد إقرار قانون تنظيم القضاء.
أخيراً، فإن عدم حسم الملفات المُعلَّقة بين الأجهزة المعنية، لاسيما بعد انتهاء الجمعيات العمومية للمحاكم، بات أمراً غير مبرر، وسط حاجة النيابة العامة لدفعات جديدة في القبول، كما أن توقف تدفق المقبولين إلى النيابة، ومن بعده القضاء، أمر يؤخر قضية التكويت التي يعمد الجهاز القضائي على وضعها ضمن مقدمة أولوياته في الفترات المقبلة، وهو ما يتطلَّب العمل على حسم هذا الملف المهم، لما للتأخير في إنجازه من تبعات قانونية وقضائية على ملف انتظار المتقدمين، الذي طال ثلاث دفعات حقوق، وعلى ملف تكويت القضاء.
المصدر: جريدة الجريدة