يشكّل التكويت أحد المفاتيح الرئيسة لضمان دمج الكفاءات الوطنية في سوق العمل الخاص، بما يحقق التوازن بين متطلبات السوق وأهداف التنمية الوطنية، وخلق فرص عمل نوعية للكويتيين وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني على المستويين الإقليمي والدولي، وتوقعت فعاليات اقتصادية أن يكون لتكويت القطاع الخاص أثر محدود إذا لم ينفّذ بأسلوب مدروس.

وفي هذا الإطار، قال مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في الهيئة العامة للقوى العاملة، محمد المزيني، في تصريح أمس، إن هناك عددا من الأهداف النوعية والكمية لزيادة نسبة الكويتيين في القطاع الخاص ضمن خطة 2035، منها إقرار تشريعات لرفع نسب التكويت في هذا القطاع، مثل قرار نسب العمالة الوطنية، مع تغليظ العقوبات على مخالفة هذه النسب.

وأضاف المزيني أن الأهداف تشمل أيضا قصر بعض المسميات والمهن على العمالة الوطنية، وإعداد وتنفيذ برامج تدريب متخصصة لتأهيل الكوادر الوطنية، وكذلك رفع رسوم استقدام العمالة الوافدة في التخصصات التي يتوافر فيها الكادر الوطني.

نقص المخرجات

ولفت إلى وجود نقص في المخرجات التعليمية الفنية والتقنية مع تركّز معظم الخريجين في التخصصات الإدارية، وكذلك عزوف الخريجين عن العمل في القطاعين الصناعي والفني لأسباب اجتماعية وثقافية.

وعن سلّم الأجور بين القطاعين العام والخاص وتعديل سياسات دعم العمالة، ذكر أن الهيئة رفعت مشروع مرسوم بقانون لتعديل المادة 63 من قانون العمل رقم 6 لسنة 2010 لتحديد الحد الأدنى للأجور كل 5 سنوات كحد أقصى، بالاستناد إلى معدلات التضخم وبالتشاور مع الجهات المعنية.

وأضاف أن الهيئة رفعت أيضا دراسة لمجلس الوزراء تهدف إلى تشجيع العمل في «الخاص» وزيادة مبالغ دعم العمالة الوطنية.

وأشار إلى الدور المهم الذي تؤديه مؤسسات التعليم والتدريب المهني في تزويد السوق بالكفاءات الوطنية وإبراز الفرص والمزايا في القطاع الخاص.

وشدد على ضرورة تعديل المناهج وتكثيف الأنشطة المدرسية والجامعية وتنظيم حملات إعلامية ومحاضرات توعية وإلزام الطلبة بالتدريب الميداني في شركات القطاع الخاص قبل التخرج لصقل مهاراتهم وتشجيعهم على العمل فيه.

وكشف أن الهيئة رفعت مقترحا لمجلس الوزراء يتضمن منح مزايا تحفيزية للقطاع الخاص، لتشجيعه على استحداث فرص عمل للعمالة الوطنية، كما خصصت إدارة علاقات العمل المعنية بحلّ النزاعات العمالية وضمان حقوق العمال وأصحاب العمل وحماية الموظفين الكويتيين في القطاع الخاص من الفصل التعسفي.

دعم الاقتصاد

من جهته، تحدث عضو مجلس إدارة هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، مهند الصانع، عن الدور المحوري والديناميكي الذي يؤديه القطاع الخاص في دعم الاقتصاد، مؤكدا أن القطاع يؤدي منذ ستينيات القرن الماضي دورا محوريا في تأسيس قاعدة قوية تدعم النشاط التجاري في الدولة.

وقال الصانع إن استدامة التدفق النقدي والنمو التشغيلي كان لهما أثر كبير على قوة هذا القطاع الذي أثبت جدارته في مواجهة الأزمات المالية العالمية.

وأوضح أن القطاع المصرفي والخدمات المالية والوساطة أسهما في توفير البدائل التمويلية والمنتجات الاستثمارية وضمان سلامة الحركة النقدية، وكان لهما دور رائد في تنمية الاستثمارات.

الصانع: الشباب الكويتيون قادرون على إدارة القطاع الخاص ومواكبة التطور الاقتصادي والتكنولوجي

وأشار إلى أن تنظيم هذا القطاع ورقابته من قبل مؤسسات مالية حكومية، مثل البنك المركزي وهيئة أسواق المال، عزز الثقة وأسهم في ترقية بورصة الكويت إلى مصاف الأسواق الناشئة وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وأضاف أن القطاع العقاري التجاري والاستثماري والترفيهي له دور مهم في التنمية العمرانية وجعل الكويت وجهة سياحية لمواطني دول مجلس التعاون، مؤكدا أن قطاعات الصناعة والخدمات والاتصالات والقطاع الطبي والتعليمي تمثّل أدوارا مكملة لتوفير الاحتياجات الرئيسة للدولة والمستهلكين.

وأكد أن الجيل الحالي والقادم من الشباب الكويتيين قادر على إدارة القطاع الخاص ومواكبة التطور الاقتصادي والتكنولوجي بما يهيئه لقيادة هذا القطاع ليكون لاعبا أساسيا ومحركا رئيسا لخطة الكويت للتنمية ومؤهلا للمساهمة في مشاريعها وخلق الوظائف وتكويتها وتقليل بند الرواتب في الميزانية العامة للدولة.

أما الخبير الاقتصادي، المستشار السابق لوزير المالية، محمد رمضان، فأوضح أن هيكل الرواتب والتباين بين القطاعين العام والخاص لم يعُد السبب الرئيسي لتوجّه المواطنين نحو القطاع الحكومي، كما كان في السابق، وإنما الأمان الوظيفي الذي يوفره هذا القطاع، حيث يعمل فيه نحو 80 بالمئة من الكويتيين.

وأضاف أنه لتحقيق التوازن، يجب حصر الوظائف المتاحة للمواطنين في القطاع الخاص وتنظيم سلّم الرواتب فيه، وربط رسوم استقدام العمالة الوافدة بعدد الموظفين الأجانب، بما يجعل توظيف الكويتيين خيارا اقتصاديا أفضل للشركات.

رمضان: ربط رسوم استقدام العمالة الوافدة بعدد الموظفين الأجانب بما يجعل توظيف الكويتيين خياراً اقتصادياً أفضل

وأشار إلى أن هذه الرسوم التي تحصّلها الدولة يمكن إعادة توجيهها لتدريب وتأهيل القوى العاملة الوطنية لتكون أكثر كفاءة وأقل تكلفة على الشركات، مما يوسّع من فرص توظيفها في مختلف المجالات.

وشدد على أهمية دراسة سوق العمل وتوفير برامج تدريب مناسبة بأسعار معقولة يمكن أن ترعاها الشركات لموظفيها المواطنين لتحقيق فائدة مزدوجة للموظف والشركة.

وتوقّع أن يكون لتكويت القطاع الخاص أثر محدود إذا لم ينفذ بأسلوب مدروس، لكنه إذا طبّق جيدا فلن يؤثر سلبا على إنتاجية القطاع، مؤكدا الحاجة إلى تطبيق إجراءات وبرامج عملية لزيادة نسبة التكويت في القطاع الخاص.

تحديات أمام «التكويت» في «الخاص»

أكد المزيني أن هناك تحديات عدة أمام سياسة التكويت في القطاعات غير الحكومية، منها حاجة بعض الشركات إلى تخصصات نادرة أو غير متوافرة محليا، مثل مهن التأمين والاستثمار والفندقة، وكذلك فرق ساعات العمل بين القطاعين، مما يعزز التوجه نحو القطاع الحكومي الذي تكون فيه ساعات العمل أقل.

وذكر أنّ من بين التحديات أيضا الأمان الوظيفي الذي يوفره القطاع الحكومي مقارنة بالقطاع الخاص والامتيازات الممنوحة، مثل الإجازات المرضية وإجازة الأمومة وإجازة مرافق مريض، إلى جانب ارتفاع معدلات التسرّب الوظيفي للعمالة الوطنية خلال أول 3 سنوات من التوظيف ولجوء بعض الشركات إلى توظيف عمالة وطنية صوريا لاستيفاء النسبة القانونية من دون إنتاجية فعلية.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.