تتعقّد أزمة الفاشر السودانية، وتتكشف أكثر أهوالها المروعة.
ففي آخر المدن الكبرى في دارفور التي صمدت لأكثر من عام ونصف العام أمام هجمات قوات الدعم السريع، توالت التقارير عن انتهاكات واسعة تشهدها هذه المدينة، حيث مصير 200 ألف شخص مازال مجهولاً.
وفي السياق، أعلنت شبكة أطباء السودان، أن قوات الدعم السريع قامت بجمع مئات الجثث من شوارع وأحياء مدينة الفاشر، وقامت بدفن بعضها في مقابر جماعية وأحرقت أخرى بالكامل.
وأفادت الشبكة في بيان: «في جريمةٍ جديدة تضاف إلى سجل الدعم السريع، شهدت مدينة الفاشر واحدة من أبشع الممارسات اللاإنسانية، حيث قامت الدعم السريع خلال الأيام الماضية بجمع مئات الجثث من شوارع وأحياء المدينة، ثم دفنت بعضها في مقابر جماعية وأحرقت أخرى بالكامل في محاولةٍ يائسة لإخفاء آثار جرائمها ضد المدنيين».
وأضافت «أن ما جرى في الفاشر ليس حادثة معزولة بل فصل جديد من جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، تمارسها الدعم السريع، ضاربةً عرض الحائط بكل الأعراف الدولية والدينية التي تحرّم التمثيل بالجثث وتمنح الموتى حق الدفن الكريم».
ودانت شبكة أطباء السودان، بأشد العبارات هذه الجرائم المروّعة، محملة قيادة الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر.
وأكدت أن «هذه الجرائم لن تُمحى بالتستر أو الحرق، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والعاجل لفتح تحقيق دولي مستقل في ما يجري بالفاشر».
وتابعت الشبكة«لقد تجاوزت الأوضاع في الفاشر حدود الكارثة الإنسانية إلى جريمة إبادة ممنهجة، تستهدف الإنسان في حياته وكرامته، في ظل صمت دولي مخزٍ يرقى إلى التواطؤ».
وحذر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، من أن أي هدنة لا تتضمن حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم تعني تقسيم السودان. واعتبر أن أي هدنة يجب أن تسبقها إجراءات محددة تشمل انسحاب الدعم السريع من التجمعات السكنية والإفراج عن المختطفين وتأمين عودة النازحين.
من جانبه، استبعد وزير الموارد البشرية السوداني معتصم صالح أي دور مستقبلي لقوات الدعم في الحياة السياسية أو العسكرية، مؤكداً أنها غير مؤهلة لأن يكون لها أي وضع في مستقبل البلاد بعد الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها بحق السودانيين حسب تعبيره.
وأضاف أن ما حدث في مدينة الفاشر يمثل كارثة إنسانية، وأن عدد الضحايا بعد اجتياح قوات الدعم للمدينة يصل إلى عشرات الآلاف.
وكانت قوات الدعم السريع، المنخرطة في حرب دامية مع الجيش السوداني منذ أبريل 2023، قد تمكنت من السيطرة على عاصمة إقليم شمال دارفور أواخر الشهر الماضي.
ولاذ عشرات الآلاف من السكان بالفرار عقب سقوط المدينة، ووردت تقارير عن أعمال عنف واسعة النطاق ارتكبتها قوات الدعم السريع.
ونقلت«فرانس برس»، شهادات لعدد من سكان مدينة الأُبيِّض عاصمة ولاية شمال كردفان يعبّرون فيها عن خشيتهم من هجوم محتمل لقوات الدعم السريع.
في الأثناء، أعلن الجيش السوداني اعتراض طائرة مسيّرة أطلقتها قوات الدعم السريع على مدينة الأبيض، التي تقع على طريق إمداد رئيسي يربط دارفور بالخرطوم.
إلى ذلك، كثّفت لجنة أمن ولاية الخرطوم من تحركاتها الميدانية عبر جولات تفتيش ليلية تهدف إلى تقييم الأداء الأمني وتطبيق قانون الطوارئ لضبط الأوضاع وتعزيز السيطرة على المعابر والمداخل الحيوية.
ونفذت اللجنة جولة ميدانية شملت الارتكازات الأمنية الثابتة والمتحركة والمعابر بمحليتي شرق النيل وبحري.
كما شددت اللجنة الرقابة على الحركة الليلية باستثناء الحالات الحرجة للحد من أي تحركات غير مصرح بها وتقليص المخاطر المحتملة.
وأكد والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة أن قرار حظر التجوال الليلي لايزال سارياً من الساعة الحادية عشرة مساءً وحتى السادسة صباحاً، مشيراً إلى أن هذا الإجراء سيظل معمولًا به حتى إشعار آخر.
المصدر: الراي

