56.11 في المئة نسبة التصويت… والنتائج الأولية غير قابلة للطعن

العراق يدخل مرحلة تعقيدات تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة

في ظلّ مرحلة فاصلة داخلياً وإقليمياً، حقّق الائتلاف الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني الطامح لولاية ثانية، «فوزاً كبيراً» في الانتخابات البرلمانية، لتبدأ مرحلة معقدة لتسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة.

وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات، مساء اليوم الأربعاء، ان النتائج الأولية أظهرت تقدم ائتلاف السوداني (الإعمار والتنمية) في محافظة بغداد، فيما حل ثانياً، حزب «تقدم» بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، وثالثاً، ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

اجتماع نووي في فيينا

وفي محافظة نينوى (شمال)، حل في المركز الأول الحزب الديمقراطي الكردستاني، برئاسة مسعود بارزاني، يليه «تقدم» وائتلاف دولة القانون.

وأكدت مفوضية الانتخابات ان الاقتراع جرى في ظروف عادية ووفق المعايير الدولية، مشيرة إلى أن النتائج الأولية غير قابلة للطعون.

وأضافت أن نسبة المشاركة في التصويت بلغت 56.11 في المئة بعد وصول نتائج 99.98 في المئة من محطات الاقتراع، مشيرة إلى أن نتائج العد والفرز اليدويين للأصوات كانت متطابقة 100 في المئة.

وبهذا تزيد نسبة المشاركة كثيراً عن نسبة 41 في المئة المسجّلة في الانتخابات الأخيرة عام 2021، رغم مقاطعة الزعيم السيد مقتدى الصدر للانتخابات هذه السنة، وتعبير الكثير من العراقيين عن إحباطهم من إمكانية أن تُحدث تغييراً حقيقياً في حياتهم في ظلّ عدم بروز أسماء جديدة متنافسة.

وقال عضو مفوضية الانتخابات عباس الفتلاوي إن المفوضية ملتزمة إعلان نتائج الانتخابات في وقتها المحدد، مشيراً إلى أنه في حال استبعاد أي مرشح فإن أصواته تحجب عنه وعن حزبه.

ودُعي أكثر من 21 مليون عراقي للتصويت الثلاثاء في الانتخابات البرلمانية السادسة من نوعها منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 لاختيار 329 نائباً في البرلمان الجديد.

وبعد انتخاب البرلمان الجديد، تنطلق مرحلة اختيار رئيس للوزراء يشكّل الحكومة المقبلة، في بلد يشهد عادة تشرذماً سياسياً وتعقيدات تُطيل التوافق على مرشّح.

ويواجه رئيس الحكومة المقبلة تحدّيات محلية عدة، في ظلّ نقص في فرص العمل وتهالك خصوصاً في قطاعَي التعليم والصحة، في بلد ذي أكثر من 46 مليون نسمة.

وأمامه كذلك مهمّة الحفاظ على التوازن الدقيق في علاقة العراق مع الخصمَين إيران والولايات المتحدة، في ظلّ تغيّرات إقليمية كُبرى منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة عام 2023.

ولاية حكومية ثانية!

يُكلف رئيس الجمهورية، الذي سيسميه البرلمان، رئيساً للحكومة يكون مرشح «الكتلة النيابية الأكبر عدداً»، بحسب الدستور. وهو الممثل الفعلي للسلطة التنفيذية.

وفي ظلّ استحالة وجود غالبية مطلقة، يقوم أي ائتلاف قادر على التفاوض مع الحلفاء لتشكيل أكبر كتلة، بترشيح رئيس الحكومة المقبل.

ومنذ أول انتخابات متعددة شهدها البلد في 2005، يكون رئيس الجمهورية كُردياً، وهو منصب رمزيّ بدرجة كبيرة، بينما يكون رئيس الوزراء شيعياً، ورئيس مجلس النواب سنياً، بناء على نظام محاصصة بين القوى السياسية النافذة.

وشهدت تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة عقب الانتخابات في السنوات الماضية الكثير من التعقيدات، واستغرق التوافق حول ذلك أشهراً عدّة.

ووصل السوداني إلى رئاسة الحكومة في 2022 بعد جمود استمرّ أكثر من عام نتيجة خلافات سياسية بين التيار الصدري و«الإطار التنسيقي» المؤلف من أحزاب موالية لإيران. وكان للإطار التنسيقي أكبر كتلة في البرلمان المنتهية ولايته.

وصرّح سياسي بارز لـ«فرانس برس» الشهر الماضي بأن «الإطار التنسيقي» منقسم في شأن دعم السوداني لتولّي ولاية ثانية.

توازن

وخلال ولاية حكومة السوداني، شهدت العاصمة بغداد طفرة عمرانية واسعة وبناء مجمعات سكنية حديثة، إلى جانب مشاريع كبرى في مجال الطرق.

ويقول مستشاره حسين علاوي لـ«فرانس برس»، إن فوز السوداني الكبير «من شأنه أن يُظهر أن هناك طريقاً ثالثاً غير الطريق التقليدي للقوى السياسية العراقية التي قادت النظام (بعد 2003) وقوى المقاطعة، وهو طريق المشاركة في بناء الدولة وتحقيق الاستقرار».

وينسب السوداني كذلك لحكومته الفضل في إبقاء العراق بمنأى عن الاضطرابات الإقليمية.

ويتوقع أن تكون عملية اختيار رئيس الوزراء المقبل، موضع تجاذب إضافي في علاقة بغداد بكل من طهران وواشنطن.

ورحّب السفير الإيراني لدى العراق محمّد كاظم آل صادق في منشور على منصة «إكس»، بـ«الإجراء الناجح» للانتخابات، مؤكداً أنها «خطوة مهمة تُجسّد إرادة الشعب العراقي وسيادته الوطنية».

المصدر: الراي

شاركها.