بورصة الكويت تاريخياً كانت سبَّاقة ولها اليد الطُّولى في المبادرات، فكانت أول مَنْ أطلق سوق البيوع الآجلة والبيوع المستقبلية، التي نجحت نجاحاً كبيراً عبر صندوق وعد، الذي ساهمت فيه الهيئة العامة للاستثمار، وانطلق عام 1999، ووصلت قيمة مساهماتها إلى نحو 40 مليون دينار بحساب رأس المال والأرباح التي تحققت تقريباً، كما تم استحداث السوق الموازي وخدمة خيارات البيع والشراء التي كان يقدِّمها أحد الصناديق، وكانت الأكثر نشاطاً وحيوية على صعيد الإدراجات والطروحات العامة والاكتتابات، والأكثر تأسيساً للصناديق الاستثمارية، ثم توقفت عجلة الأدوات المالية فجأة، بإلغاء الآجل والبيوع المستقبلية من دون بديل، رغم أن عملية الإلغاء تمَّت قبل نحو 10 سنوات تقريباً، والسوق المالي إجبارياً يتداول فيه المستثمر بيعاً وشراءً بنظام التداول الفوري.
مصادر استثمارية تؤكد أن الوصاية على مستثمري أسواق المال في كل أنحاء العالم ليست قائمة أو لها وجود، رغم التأكيدات المستمرة على اتباع السوق للممارسات العالمية، وفق تأكيدات كل أطراف المنظومة.
إلغاء الآجل وتجميد «النتنج» يؤكدان محدودية الخيارات في سوق المال الكويتي
وتقول المصادر إن كل الأسواق المالية تحتوي على أدوات استثمارية متنوعة ومشتقات، وكثير منها عالي المخاطر، وأخرى بمخاطر مناسبة، ولم يتم إلغاء أي أدوات استثمارية، بل يتم تطويرها، وتحديث الأطر والتشريعات المنظومة والضوابط، أو تصنيفها وفق احترافية العملاء.
لكن بورصة الكويت التي تتفرَّد بإلغاء خدمة «الآجل البيوع المستقبلية النتنج» في سوابق، ترسخ أن كل الأدوات تم إلغاؤها بعد ممارسة عملية ناجحة وإقبال كبير، فالآجل استمر سنوات تصل إلى 15 عاماً تقريباً، ووصل مقدمو الخدمة والحاصلون على تراخيص إلى أكثر من 20 صندوقاً وشركة، استثمرت في استحداث «سيستم» وأنظمة، واستعانت بكوادر وكفاءات لتقديم الخدمة، ثم تم إلغاؤها من دون إيجاد بديل، أو وضع ضوابط أو تطوير.
خدمة «النتنج» أيضاً بعد أن شهدت إقبالاً ونشاطاً تم إلغاؤها، بحجة أن تفسير التطبيق للخدمة كان خاطئاً، فلماذا لم يتم إيقافها في الأسبوع الأول لتطويرها وتوضيحها؟
هل كل خدمة يتم إطلاقها وتشهد نجاحاً يتم إلغاؤها، بحجة أن مخاطرها عالية؟ مع العلم أن كل الأنشطة الاستثمارية تحتوي على مخاطر، كما يلي:
1 نشاط التمويل والإقراض يحتوي على مخاطر، فهل يتم توقيف وإلغاء القروض، أم يتم وضع ضوابط ناظمة وحاكمة تضمن الترشيد، كما تم فعلياً؟
2 نشاط العقار يحتوي أيضاً على مخاطر، رغم أنه من الأصول الثابتة التي تتمتع بإقبال، ومن الأصول المصنفة كأقل مخاطر، لكن تُحيطها العديد من المشاكل الإجرائية، وتُقابلها تحديات وتداعيات.
3 المناقصات والمشاريع التي تنفذها الشركات مُحاطة بتداعيات وتحديات تتعلَّق بتغيُّرات أسعار المواد، وغيرها، وتأخر استحقاقات، والعديد من المشاكل والتحديات.
4 استثمارات الشركات ذاتها في الأسواق الإقليمية والعالمية تواجهها مخاطر ومشاكل وتحديات، وكثير من الشركات لديها كمٌّ كبير من القضايا تعلن يومياً تطوراتها، وتخصم مقابلها مخصصات، فهل ستوقف الشركات نشاطاتها وتوسعاتها لمجرَّد المخاطر؟
5 الاستثمار التقليدي في بعض الأسهم، وفق النظام الحالي، يحتوي على مخاطر عالية جداً، تتمثل في الوقف المفاجئ للأسهم لأشهر طويلة، والأمثلة كثيرة، ثم الشطب من الإدراج، فالتراجعات الحادة للأسعار، التي وصلت في بعض الأحيان إلى 20 فلساً للسهم لعدد من الشركات، هي مخاطر كبيرة وجسيمة تفوق أو تضاهي المخاطر التي تم إلغاء بعض الأدوات المالية بسببها.
6 خفض رؤوس الأموال للشركات المدرجة، وشطب الخسائر على حساب المستثمرين، من أنواع المخاطر التي تواجه المستثمرين.
7 تمويل شراء الأوراق المالية من المصارف، وقبول الأسهم كرهونات، يحملان في طياتهما مخاطر أيضاً.
8 تعاملات شركات التأمين تحمل في طياتها مخاطر كبيرة وعديدة.
9 الشركات الصناعية والخدمية وقطاعات الاتصالات تحتوي أعمالها وأنشطتها على مخاطر تشغيل كبيرة، وكثيرة أيضاً.
10 شركات الطاقة والنفط تتضمَّن مخاطر عالية تتعلَّق بالنقل والأسعار وعُرضة لتقلبات عديدة.
خلاصة التجربة، أن البورصة قررت فجأة حالياً تمديد الوقت الزمني لجلسة التداول نصف ساعة، لتصبح 4 ساعات وربع الساعة تقريباً.
لكن كيف سيتم تمديد زمن الجلسة والسوق كما هو ثابت من دون طفرة إدراجات، حتى تُتاح الفرصة للمستثمرين للتنقل والانتقاء من بين الفرص؟
أين هي الأدوات الاستثمارية والمشتقات التي كان يجب أن تسبق عملية تمديد جلسة التداول، أو تتزامن معها، أو يكون مبرر تمديد الجلسة هو زيادة عدد الأدوات؟
أين الخدمات التي تم إقرارها ولم تفعل «أساساً» البيع على المكشوف المعلن رسمياً على موقع البورصة وهو غير مُفعَّل؟
أليس من الأجدى تفعيل الأدوات، وتوسعة السوق بالصناديق والصكوك والشركات التشغيلية، لتكون قاعدة التداول أوسع؟
زيادة زمن جلسة التداول هي واقعياً تمديد لتدوير السيولة في مضاربات لن تحقق الهدف الأساسي منها بعد أن تم تجميد «النتنج».
المارجن أو «الأوبشن»، وفقاً لمصادر استثمارية، ليس بديلاً مرناً، وسيكون محدود القاعدة والأثر والإقبال من الطرفين، وهو قائم منذ سنوات، لكنه مقارنة مع «النتنج» خلال وقت قصير كان «النتنج» أكثر مرونة.
المستثمر يقرر مصيره
تقول مصادر استثمارية إن إغلاق نوافذ الأدوات والتنوُّع في وجه المستثمرين محلياً يدفعهم للاتجاه إلى أسواق أخرى، إقليمية، وعالمية، للاستثمار في الأدوات المختلفة والمُتاحة، من دون أي قيود يمكن أن تمنع مستثمراً من التعامل فيها، وبالمنطقة أسواق مشتقات كاملة ومكتملة.
وتضيف المصادر أن كل مستثمر ومتداول يحدِّد الآلية التي يُريد التداول بها، لتحقيق الهدف الذي يريده من هذا العقد أو ذاك، ويتحمَّل مخاطره، كما هو متاح حالياً الاستثمار المباشر، أو اللجوء إلى شركة استثمار عبر محفظة تديرها الشركة أو محفظة يُديرها العميل، علماً بأن الجميع في السوق، من المحترفين وغيرهم، محظور عليهم ممارسة أي استثمار في أي أدوات، وهو ما يمثل مصادرة لحق من حقوق المستثمر.
التمويل والإقراض يحتويان على مخاطر… فهل يتم وقفهما أم ترشيد مخاطرهما؟!
هيئة الاستثمار وصندوق وعد
تُعد مساهمة الهيئة العامة للاستثمار في صندوق وعد، الذي كان أول مَنْ قدَّم خدمة الأجل والبيوع، من أنجح المساهمات والتجارب التي ساهمت فيها، وحققت الهيئة عوائد قياسية تكاد تصل إلى 100 في المئة، حيث نما الصندوق إلى نحو 40 مليون دينار تقريباً، واستمرَّت الخدمة سنوات، وحققت نجاحاً كبيراً، حتى تم وأدها بلا مبررات مقننعة أو بدائل أخرى، لمجرَّد أنها كانت ناجحة وتشهد نشاطاً وإقبالاً.
صندوق «فرصة»
صندوق «فرصة»، هو صندوق استثماري كويتي تم تأسيسه للتركيز على تداول خيارات البيع والشراء (Options) على الأسهم المدرجة في بورصة الكويت، وهو أول صندوق مرخص له بإصدار وتداول هذه الخيارات في السوق.
يهدف الصندوق إلى تحقيق عوائد مستقرة مع الحفاظ على معدَّل تذبذب منخفض، من خلال الاستثمار في الأسهم، وإصدار وبيع المشتقات المالية (خيارات الشراء).
تم تأسيس الصندوق في نوفمبر 2003، وقدَّم الخدمة فترة، ثم توقفت، وحالياً لا توجد أي عقود خيارات في البورصة منذ أكثر من 16 عاماً.
نمو السوق شرط زيادة الجلسة
أجمعت شركات استثمارية ومستثمرون في آراء متفرقة لـ «» على أن نمو السوق وتوسعة الخيارات شرط لزيادة جلسة التداول كامتداد طبيعي، مشيرة إلى أن زيادة أجل الجلسة على هذا الوضع القائم ليس من الضروريات، مقابل زيادة الأدوات والإدراجات.
المصدر: جريدة الجريدة