اخبار الكويت

قانون المرور المقترح ما له وما عليه بقلم اللواء م أحمد عباس آغا علي بهبهاني

نظرا لدراسة تعديل قانون المرور من قبل اللجنة التشريعية بمجلس الأمة أعيد ما كتبته حول هذا الموضوع من وجهة نظري لما له من أهمية للموضوع المذكور،

اضطررت لأن أكتب عن اقتراح المرور الجديد، الذي قرأت بعضا من مواده في إحدى الصحف المحلية لما له من سلبيات على مستخدمي الطرق، وحرصا مني على مصلحة الوطن ولما لهذا المرفق من أهمية، فقد اضطررت لأن أكتب بحماس عنه.

المقترح الجديد للقانون وتغليظ العقوبة به مبالغ فيهما إن كان في عقوبة الغرامات المالية أو الحبس (تقييد الحرية)، سيخلق مشاكل لا حصر لها.

على سبيل المثال، المادة 33 مكررا، الغرامة لا تزيد على 250 دينارا ولا تقل عن 200 دينار، ولا تزيد مدة الحبس على 3 أشهر ممن تجاوز الإشارة الحمراء أو الرعونة في القيادة.. إلخ، من المخالفات الجسيمة التي تعرض حياة الناس للخطر.

صحيح انها مخالفات جسيمة، لكن في القانون الحالي المادة 33 مكررا عقوبتها حبس لا تزيد على 3 أشهر وغرامة لا تزيد على 300 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

السؤال: ماذا لو لم يستطع المخالف (جنحة مرور) دفع الغرامة؟

في هذه الحالة تنص المادة 235 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على: «يجوز للمحكوم عليه بالحبس البسيط تطبيق عقوبة الإكراه البدني (الحبس) في حالة عدم قدرته على دفع الغرامة المالية».

إذن، هنا سنخلق مشاكل أخرى لا حصر لها وهي سوف تكدس السجون بعدد كبير من المخالفين لقانون المرور بطبيعة الحال، وهذا سوف يسبب تكلفة عالية على مرفق السجون من مأكل وشراب وعلاج طبي وحراسات.. إلخ، وهذا سيلقي على ميزانية الدولة عبئا كبيرا من المصروفات والتكلفة الباهظة.

وأنا بحكم خبرتي الطويلة مدير عام للمؤسسات العقابية وتنفيذ الأحكام سابقا، قد مررت بهذه التجارب وكانت وقتها الغرامات لا تتجاوز 200 دينار وعجز الكثير عن دفعها، ومن ثم استبدلت الغرامة الى سجن (إكراه بدني) وتكدس عندنا الكثير من المخالفين لقانون المرور، وأصبحت عندنا مشاكل لا حصر لها من علاج طبي وحراسات ومأكل، وتكلفتها عالية جدا، فما بالك الآن بالمقترح الجديد لقانون المرور برفع الغرامات الى أكثر من 1000%، حسب تقديري ستكون هناك مشاكل كبيرة في مرفق السجون في الوقت الحالي الذي تعاني السجون من عدد كبير من السجناء المحكومين بقضايا جنح وجنايات لمدد طويلة.

وأنا كمدير عام في وقتها للسجون عانينا الكثير من المشاكل التي لا حصر لها.

إذن، الحل ليس برفع العقوبة المبالغ فيها، ولكن هناك حلولا أخرى قد تقلص أو تخفف من ارتكاب المخالفات المرورية بطرق حديثة مطبقة في كثير من الدول المتحضرة:

أولا: التركيز على نشر الثقافة المرورية لمستخدمي الطرق عن طريق وسائل الإعلام المختلفة.

ثانيا: الاتفاق بين وزارتي الداخلية والتربية على تدريس مادة المرور مادة أساسية في مدارسها من المرحلة الابتدائية، وتكليف إدارة العلاقات العامة في «الداخلية» بالقيام بهذه المهمة عن طريق عناصر من الكفاءات المتخصصة في هذا المجال بإلقاء المحاضرات والدروس على احترام قانون المرور وقواعده، والتعاون التام بين الطلبة منذ الصغر مع رجل الشرطة في السلوك المنضبط لجميع مستخدمي الطرق، ويا حبذا لو قامت العلاقات العامة في «الداخلية» بعمل ملصقات إرشادية بصورة مستمرة للتقيد بأنظمة المرور ولتكن على الأقل باللغتين العربية والإنجليزية.

بناء على ما تقدم، أرى ان قانون المرور الحالي رقم 67/1976 جيد، وهو من أحسن القوانين المرورية في الوطن العربي، وفيه عقوبات كافية من غرامات مالية وحبس (تقييد حرية)، وهذا لا يوجد من نوعه في قانون صارم في دولة أخرى، لأن في كثير من مواده عقوبات حبس.

وأنا قدمت دراسة لمؤتمر قادة الشرطة العرب في الرباط لمنظمة الدفاع الاجتماعي ضد الجريمة وكان بحثا علميا باسم «المشكلة المرورية وعلاقتها بالتنمية في الوطن العربي» يعالج الكثير من المشاكل المرورية في الوطن العربي، والحمد لله نال إعجابهم وفاز بالمرتبة الأولى على الوطن العربي وأخذ بجميع مقترحاته وتوصياته الشاملة.

في النهاية أرجو إعادة النظر في المقترح الجديد لقانون المرور لما له من سلبيات وخلق مشاكل أخرى نحن في غنى عنها.

الأهم هنا وبهذا الموضوع تطبيق القانون دون استثناء بحذافيره ليكون رادعا لكل من تسول له نفسه اختراقه.

اللهم إني بلغت.

 

اللواء م.أحمد عباس آغا علي بهبهاني
المدير العام للمؤسسات العقابية وتنفيذ الأحكام سابقاً

المصدر: جريدة الأنباء الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *