في لقاء خاص أجرته «» مع الدكتور والمؤرخ الفلسطيني سلمان أبوستة، تحدث عن المعرض الذي سيقيمه في منصة الفن المعاصر «كاب» يوم 2 نوفمبر تحت عنوان «فلسطين: من النهر إلى البحر»، وهو توثيق كامل لفلسطين أرضاً وشعباً، حيث يعرض أعمال هيئة أرض فلسطين بمناسبة مرور 25 عاماً على إنشائها في لندن، والمعرض أقيم بمبادرة من السيد عامر سليم الهنيدي… وفيما يلي نص الحوار:

البحث عن الخرائط

• ما الدافع وراء المعرض؟

أنا من لاجئي حرب 1948 كان عمري عشر سنوات وعيناي تفتحتا على الوثائق عندما ذهبت لدراسة الدكتوراه في جامعة لندن عام 1961، هناك قلت في نفسي: هذا البلد سبّب الويلات التي حدثت لنا، أريد معرفة حقيقة الخرائط الفلسطينية، وذهبت إلى الجمعية الجغرافية الملكية وهي منشأة عام 1813 وفيها خرائط العالم.

أجابوني: لا يوجد خرائط لفلسطين!

طلبت خريطة الشرق الأوسط ووضعت اصبعي على موقع فلسطين.

ردوا عليّ: تقصد إسرائيل. لقد شطبوا اسم فلسطين وأبدلوه بإسرائيل.

ثم بحثت عن مراكز الوثائق ووجدت خمسة عشر مكاناً جمعت منها خرائط ووثائق كثيرة.

وأكملت المشروع وذهبت إلى المانيا وحصلت على صور جوية ألمانية لفلسطين في الحرب العالمية الأولى، وكذلك إلى باريس وحصلت على وثائق عن غزو نابليون لبلاد الشام، وأيضاً إلى واشنطن وحصلت على وثائق من مكتبة الكونغرس والأمم المتحدة، وحصلت على خرائط حرب الهدنة وغيرها من الأماكن.

 وعلى مدى سنوات درست وجمعت ووثقت كل الخرائط والوثائق، وفي عام 2000 قررت إنشاء هيئة أرض فلسطين في لندن، والتي اصبحت معتمدة في الأمم المتحدة، وخلال 25 عاماً أصدرت الأطالس والكتب والخرائط، والان بمناسبة اليوبيل الفضي قلت من الضروري أن يطلع العالم العربي على حصيلة تلك السنوات، ومن حينها ولدت فكرة المعرض.

عوارض لا جذور

• هل يوجد ربط بين حرب غزة وإقامة المعرض؟

حرب الإبادة في غزة والتي شاهدناها على التلفزيون كانت حافزا قويا لكي نتبين أن هذا فصل بشع في تاريخ معاناة الفلسطينيين، وانه لابد من معرفة جذور القضية، لأنها ليست كما يدّعي الغرب، بدأت في 7 أكتوبر 2023 بل بدأت قبل 28 ألف يوم منذ النكبة، لذلك من الضروري والمنطقي والقانوني معرفة أصول القضية لكي يمكن حلها وليس الحديث عن آخر عوارضها.

من طنجة إلى الصين 

• كيف نقرأ ما يحدث على الأرض الفلسطينية من تقسيم وتشتيت؟ ولماذا وضعت شعار من النهر إلى البحر؟

ما يحدث اليوم في فلسطين والمنطقة بكاملها يذكرنا بمقولة، أكلت يوم أكل الثور الأبيض، معنى ذلك ان السكوت على اغتصاب جزء من فلسطين 1948 لم يمنع العدو الصهيوني من احتلال الضفة الغربية بأكملها ونشر مشروعه علناً باحتلال سورية ولبنان والأردن وأجزاء من مصر والعراق والسعودية، وذلك على لسان مجرم الحرب نتنياهو علناً وليس سراً وفي المحافل الدولية، فالسكوت اذن يعني تدمير فلسطين وتشريد أهلها، وهذا يعفي المنطقة العربية من العدو الصهيوني، خصوصاً ان الدول الغربية الكبرى تدعم إسرائيل بكل قوة، وفي هذا المجال اتذكر انه في العام 1917 عندماً كنا نعيش في دولة عربية ممتدة من إيران إلى المغرب قامت الدول الغربية على يد سايكس بيكو وقسمتنا إلى محميات تحت الاحتلالين البريطاني والفرنسي، وبذلك انقض العهد الذي امتد 1400 عام عندما كان لنا وطن عربي ممتد يتحدث باللغة العربية ويسافر فيه ابن بطوطة من طنجة إلى الصين دون اعتراض.

وهذا يذكرني بكل ألم انه قبل ألف عام تعدت علينا هذه الدول وبالأخص بريطانيا وألمانيا وفرنسا باحتلال فلسطين اثناء الحروب الصليبية، عندما دخل جنود الفرنجة القدس وركبهم ملطخة بدماء أهل القدس، إذن نفس العدو منذ الف عام يحاربنا الان بوسائل وأيد مختلفة، والمفارقة عندما نقارن بالحروب الصليبية نجد أن الجيوش الإسلامية هرعت إلى انقاذ فلسطين من الغزو الصليبي إلى ان تحررت القدس على يد صلاح الدين، واليوم لا نجد صلاح الدين بل نجد اسماء عربية يتحدثون بلسان عدوّنا جميعاً ويدافعون عنه.

أبوستة: 90% من اليهود يعيشون على 10% من أرض فلسطين

وكوني مهندسا أصبح لزاماً علي ان احول المعلومة إلى خطة عملية، لذلك قمت بدراسة إحصائيات الشعب الفلسطيني ومواطنهم الأصلية في قرى فلسطين ووجوده اليوم في معسكرات اللجوء، ثم درست الديمغرافية الصهيونية ومن أين أتوا، وأين يسكنون في أرض فلسطينية، فوجدت نتيجة مذهلة هي أن 90% من اليهود في إسرائيل يعيشون في 10% فقط من أرض فلسطين المحتلة، وان باقي فلسطين المحتلة لاتزال شبه خالية.

فقد زرعت فيها كيبوتات أي مستوطنات لغرض منع اللاجئين من العودة، ولكن عدد سكانها قليل، ووجدت ان نصف مليون مستوطن يهودي يشغلون أرض 90% من اللاجئين، لذلك فإن حق العودة ممكن اذا أمكن ترحيل المستوطنين في حافلات إلى تل أبيب، خلال سبعة أيام تصبح معظم أراضي 53 قرية فلسطينية مهجرة خالية ويمكن لأهلها العودة اليها، وذلك بموجب القرار الدولي (194) والقاضي بحق اللاجئين في العودة الى ديارهم، وعليه قام فريق تطوعي من المعماريين الفلسطينيين الشباب بالدخول في مسابقة نظمتها خلال عشر سنوات بإعداد خرائط لإعمار 60 قرية فلسطينية، وهذا كله موجود على موقعنا الإلكتروني www.plands.org.

تذاكر سفر للعودة إلى فلسطين

أثناء اللقاء تلقى د. أبوستة اتصالا من شاب فلسطيني يعيش في هولندا روى له المشروع الذي يعمل عليه، قال هذا الشاب الفلسطيني ويدعى بشار جادالله، انه اقام معرضا في امستردام بمناسبة اسبوع التصميم الهولندي مع جماعة هولنديين عملوا معرضا لفلسطين وفيه خطة العودة كتبت عنهم الصحف الهولندية، قدموا رحلات سياحية الى غزة وعرضوا فيلما افتراضيا لشخص يذهب من هناك الى فلسطين. وفي حديثه على الهاتف أضاف بشار: عملنا مشروع حق العودة وكيف نعيد الفلسطينيين من غزة إلى قراهم، وأن بإمكانهم، أي فلسطينيي غزة، حجز تذكرة سفر والعودة إلى أراضيهم.

مسقط رأسه وفيلم العودة

تعاون د. سلمان أبوستة مع قسم التحقيقات المعمارية بجامعة لندن على احياء مسقط رأسه «بالمعين» قضاء بئر السبع قرب غزة بواسطة خرائط وصور فوتوغرافية ووثائق، وذلك لعمل فيلم حي عن كيف كانت قرية «المعين» وكيف تم تهجير أهلها، وكيف يمكن العودة إليها وبناؤها، وتم عرض المشروع في مسرح «كيزون» بلندن بتاريخ 14 مايو 2025 وبحضور 250 شخصاً.

محتويات معرض «فلسطين من النهر إلى البحر»

يقام هذا المعرض في غاليري «كاب» من 2 إلى 9 نوفمبر 2025. 

• كم أطلسا جغرافيا سيكون في المعرض؟  

5 أطالس باسم هيئة أرض فلسطين، منها: 

أطلس فلسطين 1948

أطلس فلسطين 1917 1966

أطلس فلسطين 1871 1877

أطلس طريق العودة

وباللغات الإنكليزية والعربية والإسبانية والروسية. 

• ما هي انواع الخرائط ومضمونها؟ 

مجموعة من الخرائط الجغرافية من 2025 الى 300 بعد الميلاد، أي خلال ألفي سنة، وهذا يشمل 14 خريطة وبعدة لغات، وهناك خريطة أرضية تسير فوقها وهي بعرض 4 أمتار وبطول 8.5 أمتار، وهناك 22 خريطة لإعمار 22 قرية فلسطينية.

• هل هناك أشياء أخرى ستعرض؟

سيعرض 11 فيديو وثائقيا منها «حلّق فوق فلسطين» ومنها «مسيرة النكبة» ومنها «شهود على النكبة» ومنها «إمكانية حق العودة، ومحاكمة بلفور».

• وماذا بشأن الكتب؟

يوجد 14 كتابا عن حق العودة وإسرائيل والشعب اليهودي وكتاب «الحقوق لا تزول»، و«خطتي إلى العودة» بالإنكليزية ترجمت إلى الإيطالية.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.