في ظل العلاقات الثنائية المتينة التي تجمع بين مالطا والكويت منذ أكثر من 5 عقود، أكد سفير مالطا لدى الكويت، جورج زاميت، أهمية البناء على هذا الإرث الدبلوماسي لتعزيز التعاون في مجالات التعليم، والسياحة، والاستثمار، والثقافة. ومن موقعه الدبلوماسي، يفتح زاميت نافذة على تاريخ الشراكة بين البلدين، متحدثاً عن فرص التعليم الجامعي والمهني، وآفاق السياحة المتبادلة، وأبرز القطاعات الاستثمارية الواعدة، إلى جانب دور الثقافة كجسر للتواصل بين الشعبين، لافتاً إلى أن قطاعات العقار والغذاء والبنية التحتية في بلاده تجذب المستثمرين الكويتيين. وفي حوار خص به «»، كشف السفير عن طموحاته وخططه المستقبلية لدفع العلاقات المالطية الكويتية نحو آفاق أوسع… وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• كيف تصف الوضع الحالي للعلاقات بين مالطا والكويت، وما هي أبرز المحطات التي شكّلت هذه العلاقة على مرّ السنوات؟
أقامت مالطا والكويت علاقات دبلوماسية رسمية عام 1972. وتمتعت الدولتان منذ زمن طويل بعلاقات ثنائية قوية ومتنامية، ومع افتتاح سفارة لمالطا في الكويت عام 2012، وتسعى مالطا دائماً إلى تعزيز علاقاتها الممتازة مع الكويت بهدف تطوير روابطنا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بشكل أكبر.
فرص دراسية واسعة في الطب والهندسة وتعاون مهني بين مؤسسات بلدينا التعليمية
وتتجلى قوة العلاقات القائمة بين البلدين أيضاً في عدد الاتفاقيات التي وُقِّعت بينهما في مختلف القطاعات على مدى هذه الفترة الطويلة من التعاون والتنسيق، كقطاع الطيران المدني، والتعليم، وتشجيع الاستثمار، والثقافة والفنون، والصحة، والبيئة، وغيرها. كما يجب أن أذكر أنه توجد حالياً عدة اتفاقيات أخرى قيد الإعداد، ومن المأمول توقيعها خلال الأشهر المقبلة، علماً بأن أي اتفاقية تُوقَّع بعد فترة طويلة من النقاشات بين الطرفين، وهذا دليل على كيفية عمل بلدين صديقين مثل مالطا والكويت معاً لتحقيق أفضل النتائج لمصلحة شعبيهما، لأن المستفيد في نهاية المطاف هو الأمة أي المجتمع الذي سيجني ثمار هذه الاتفاقيات، سواء في مجالات التجارة أو التعليم أو الصحة أو الذكاء الاصطناعي أو غيرها.
فرص دراسية
• ما الفرص المتاحة حالياً أمام الطلاب الكويتيين للدراسة في مالطا؟
تتمتع مالطا بتاريخ طويل في استقبال الطلاب الكويتيين للدراسة في جامعة مالطا، ويدرس معظمهم الطب أو طب الأسنان، في حين يختار آخرون دراسة الهندسة المعمارية، ويجد الطلاب الكويتيون بلادي مضيافة جداً وشعبها ودوداً، تماماً مثل الكويت والكويتيين، وربما يكون هذا أحد الأسباب التي تساعدهم على الاندماج في المجتمع المحلي خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
الطلاب الكويتيون في جامعة مالطا نشيطون اجتماعياً وحيويون جداً، فعلى سبيل المثال، في فبراير من كل عام، وبمناسبة العيدين الوطني والتحرير، ينظمون أنشطة متنوعة في حرم الجامعة تشمل معارض، وعروضاً موسيقية حية، وأركاناً تقدم المأكولات التقليدية، وأزياء تراثية. وتمثل هذه المناسبة فرصة فريدة لزملائهم المالطيين للتعرف عليهم والاطلاع أكثر على هذا البلد الرائع.
وبالحديث عن جامعة مالطا، لا بد من الإشارة إلى وجود تعاون قائم مع جامعة الكويت، ونأمل التوصل إلى اتفاق بين المؤسستين بما يتيح لهما التعاون في مجالات أكاديمية متعددة.
وعلى صعيد موازٍ، شهد هذا العام، إبرام اتفاقات أخرى بين البلدين في مجال التعليم المهني.
نعمل على إطلاق رحلات مباشرة لتعزيز السياحة والتجارة ونأمل الوصول إلى نتيجة قريباً
فقد وقّعت «كلية مالطا للعلوم والفنون والتكنولوجيا» (MCAST)، وهي مؤسسة تعليمية عليا تقدم برامج مهنية متنوعة وصولاً إلى درجة الدكتوراه، اتفاقيتين مهمتين، الأولى مع كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا، والثانية مع الجامعة العربية المفتوحة. وسيشمل التعاون بين MCAST وهاتين المؤسستين الأكاديميتين المرموقتين في الكويت مجالات متعددة، منها تبادل الأكاديميين والطلاب، والمشاركة في المؤتمرات الدولية، والنشر، ومبادرات أخرى متنوعة.
وجهة سياحية
• ما المبادرات التي يتم النظر فيها للترويج لمالطا كوجهة سياحية للمسافرين الكويتيين؟
مالطا جزيرة جميلة للغاية، يحيط بها بحر ساحر البحر الأبيض المتوسط. وتتكون من أرخبيل، أكبر جزرها هي مالطا، تليها غوزو، ثم كومينو، وعدد من الجزر الصغيرة الأخرى. وتضم مالطا موانئ متعددة، أبرزها «الميناء الكبير» الذي يُعد الأوسع والأكثر نشاطاً اقتصادياً.
تشتهر مالطا بتاريخها وثقافتها العريقين، واللذين يعودان إلى ما قبل العصر الحجري الحديث. وبحكم موقعها عند ملتقى الطرق بين شمال إفريقيا وأوروبا، تتمتع بثقافة متنوعة تعكس الحضارات المختلفة التي تركت بصمتها على سكان الجزيرة عبر العصور. ويظهر هذا التنوع بوضوح في لغتي الأم، وفي العديد من أسماء العائلات، وكذلك في أسماء الأماكن. على سبيل المثال، نحو 60 في المئة من اللغة المالطية مشتقة من اللغة العربية أو اللهجات المغاربية.
عاصمتنا فاليتا، يمكن وصفها بأنها جوهرة باروكية بُنيت في القرن السادس عشر على يد فرسان القديس يوحنا، وتضم كنائس وقصوراً ومتاحف وحصوناً رائعة، أما مدينة مدينا، عاصمتنا القديمة، فقد بناها الفينيقيون والرومان في الأصل، ثم عدّل العرب حجمها في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين.
ورغم صغر مساحتها (316 كيلومتراً مربعاً)، يمكن زيارة مالطا لأسباب متنوعة: السياحة الترفيهية، والسياحة العلاجية، والتعليم والتدريب، والفعاليات الثقافية، والأعمال والتجارة، والمؤتمرات، وغيرها. ويُعد المطبخ المحلي رائعاً بحق، مع توفر مطاعم تقدم أطباقاً عالمية وأطباق حلال.
وأعتقد أن تسهيل الروابط بين مالطا والكويت يتطلب وجود رحلات جوية مباشرة بين البلدين، وقد عملت على هذا الملف منذ بداية مهمتي هنا، والمناقشات والمفاوضات بين البلدين بلغت مرحلة متقدمة، وآمل أن نصل إلى النتيجة المرجوة قريباً، فالاتصال المباشر سيسهّل الكثير من العقبات، مثل تجنّب التوقف في مطارات العبور، كما نعمل أيضاً على إطلاق حملات سياحية للترويج لكلا البلدين.
• في أي قطاعات ترون أكبر إمكانات للمستثمرين الكويتيين في مالطا؟
الاهتمام بالاستثمار في مالطا لا يقتصر على الكويتيين فحسب، بل يشمل أيضاً رجال الأعمال المالطيين. ففي العام الماضي، نظمت سفارة مالطا ندوة افتراضية بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الكويت وعدد من الهيئات الوطنية في بلادي مثل «تريد مالطا»، و«مالطا إنتربرايز»، وغرفة تجارة وصناعة مالطا. وكانت هذه الندوة موجهة لرجال الأعمال الكويتيين الراغبين في الحصول على المزيد من المعلومات حول مالطا وفرص الاستثمار فيها.
ومنذ تنظيم هذه الندوة، ازداد اهتمام رجال الأعمال الكويتيين بمالطا، وتركزت مجالات الاستثمار الرئيسية في العقارات، والمنتجات الغذائية، والمعدات الهندسية، وقطاع البناء، والبنية التحتية.
مبادرات للتعاون بين «أرشيف مالطا» ومكتبة الكويت الوطنية
عن مبادرات التعاون بين «أرشيف مالطا» ومكتبة الكويت الوطنية يقول سفير مالطا: «بحكم أنني أنحدر من عالم التعليم والثقافة، فإنني أومن بشدة بأنه إذا أرادت مالطا والكويت مواصلة تعزيز علاقاتهما، فلا يمكن إغفال الثقافة».
وأضاف: «في هذا الصدد، أود أن أذكر أن البلدين يعملان حالياً بشكل وثيق في هذا المجال لتعزيز روابطهما الثقافية، على سبيل المثال في مجالات التعليم، واللغة، والأرشيفات الوطنية»، مضيفا أنه في نهاية هذا العام، تعتزم سفارة مالطا تنظيم معرض لعرض العمل الذي يقوم به «الأرشيف الوطني المالطي» في مجالات الرقمنة، والحفظ، والاستخدام السليم للوثائق والسجلات التاريخية. وسيكون ذلك أيضاً فرصة ممتازة أمام الكويت للتواصل مع الأرشيف الوطني في مالطا، وخلق بيئة مناسبة تمكّن الأرشيف الوطني المالطي ومكتبة الكويت الوطنية من إطلاق مبادرات متنوعة للتعاون.
المصدر: جريدة الجريدة