اختُتمت، أمس، أعمال الدورة الحادية عشرة من مؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، الذي تستضيفه العاصمة بكين، تحت رعاية دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وسط تأكيد مشترك على أن اللقاء يمثّل انطلاقة لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين حضارتين عظيمتين جمعهما التاريخ عبر طريق الحرير، ويوحّدهما في الحاضر السعي نحو التنمية الشاملة وصنع عالم أكثر عدالة واستقراراً.

وأكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي أن اللقاء لا يُغلق صفحة، بل يفتح فصلاً جديداً في كتاب الشراكة الاستراتيجية بين حضارتين عريقتين وأمتين كبيرتين، يوحّدهما اليوم السعي نحو التنمية الشاملة وصنع عالم أفضل للجميع.

وقال زكي، في كلمته الختامية لأعمال المؤتمر، إنّه «لم يكن محطة عابرة، بل عكس إدراكاً مشتركاً لدى الجانبين بأن التاريخ ليس مجرد ذاكرة ماضٍ، بل هو بوصلة تهدي مسار المستقبل»، مشيراً إلى أن الدورة الحالية أثبتت أن العلاقات العربية الصينية تتجاوز المصالح المتبادلة إلى عمق حضاري راسخ، يمثّل نموذجاً عالمياً يُحتذى في التعايش الخلّاق والتفاعل البنّاء. ولفت إلى أن المشاركين خرجوا بإعلان مشترك يرتقي بالتزامات الجانبين التاريخية تجاه حضارتيهما والحضارة الإنسانية ككل، موضحاً أن الإعلان يؤكد الالتزام ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، استناداً إلى الرؤى الاستراتيجية التي طرحتها الصين، والتي لاقت تجاوباً عربياً يُنظر إليه كأساس متين لعلاقات قائمة على الاحترام والانفتاح.

مبادرة الحضارة العالمية

وأشاد زكي بـ«مبادرة الحضارة العالمية» التي طرحتها الصين، مؤكداً أنها تنسجم مع القيم العربية الداعية إلى الحوار والانفتاح، وتمثّل دعوة لرفض منطق الهيمنة الثقافية، وتأكيد حق كل دولة في اختيار مسارها التنموي والتعبير عن قيمها الحضارية، وهو ما جاء واضحاً في الإعلان المشترك.

وأضاف أن «مبادرة الحوكمة العالمية» تشكّل دعامة أساسية لتعزيز التعددية الحقيقية، ودعماً لمطالب دول الجنوب بضرورة إصلاح هياكل الحوكمة الدولية لتكون أكثر تمثيلاً وإنصافاً، مشيراً إلى الجهود التنموية الصينية وما تضمنته نتائج الدورة الكاملة العشرين للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، معتبراً أنها تمثّل «خارطة طريق ستسهم في تعزيز التعاون العملي بين الجانبين ضمن الأطر الخمسة الكبرى للتعاون».

الإعلان المشترك

إلى ذلك، خلص المؤتمر إلى جملة توصيات وإعلان مشترك جاءت كالتالي:

انطلاقاً من الروابط التاريخية العريقة والإرادة المشتركة لتعميق الشراكة الاستراتيجية، وفي إطار البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي (20242026)، انعقدت الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية في مدينة بكين يومي 17 و18 نوفمبر 2025، بحضور رفيع المستوى من المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين وقادة الأحزاب السياسية وممثلي الفكر والإعلام من الجانبين الصيني والعربي، إلى جانب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

وناقش المشاركون بعمق سبل تعزيز الحوار الحضاري وبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، وتوصلوا إلى ما يلي:

أولاً: يثمّن الجانبان، الصيني والعربي، الزخم التاريخي الذي شهدته العلاقات الثنائية، والذي تجلّى في الانعقاد الناجح للدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي بحضور فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ وأصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية.

وأعرب الجانبان عن اقتناعهما بنتائج تنفيذ «الأعمال الثمانية المشتركة» للتعاون العملي الصيني العربي التي طُرحت في القمة الصينية العربية الأولى، ويجدّدان عزمهما الدفع ببناء «المعادلات الخمس للتعاون» بين الصين والدول العربية، ويتطلعان بتفاؤل إلى القمة الصينية العربية الثانية المقرّر عقدها في الصين عام 2026، مؤكدين أنها ستمثّل علامة فارقة وانطلاقة نحو مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية القائمة على الاحترام المتبادل والمنافع المشتركة.

إرث تاريخي عظيم

ثانياً: يؤكد الجانبان أن الحضارتين الصينية والعربية، بما تحملانه من إرث تاريخي عظيم وقيم إنسانية أصيلة، تشكّلان مكوّنين أساسيين من مكونات التراث العالمي، ويشددان على أن الحوار الممتد بينهما عبر طريق الحرير التاريخي، والقائم على الانفتاح والتقدير المتبادل، قد أرسى نموذجاً يُحتذى به للتعايش الخلاق والتفاعل البنّاء بين الأمم، وكتب صفحة مضيئة في تاريخ التبادل الحضاري الإنساني.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.