اعتبر ممثل منظمة الصحة العالمية في الكويت، د. أسد حفيظ، أن التطعيم يُعد خط الدفاع الأول والأهم للمحافظة على صحة الأطفال، مشدداً على أنه يحميهم من الأمراض التي قد تكون أكثر خطورة بكثير من نزلات البرد، ويشكّل درع حماية للأطفال والمجتمع. ونصح حفيظ، في حوار مع «»، الأهل الالتزام بالجدول الوطني للتطعيمات، بالتنسيق الوثيق مع المدارس ومقدمي الرعاية الصحية الأولية، لضمان حصول الأطفال على جميع اللقاحات الموصى بها وفق إرشادات البرنامج الوطني للتحصين. ودعا المدارس إلى اعتماد سياسات مرنة للحضور والإجازات المرضية، حيث لا يشعر الطلاب أو الموظفون بالضغط للحضور عند شعورهم بالمرض، موضحاً أنه إذا اضطر الطالب للبقاء في المنزل، يمكن استمرار التعلم من خلال الدروس عبر الإنترنت، لضمان بقاء الطلاب منخرطين في العملية التعليمية… وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• ما أكثر الأمراض المعدية التي تنتشر بين الأطفال في البيئة المدرسية؟
مع إعادة فتح المدارس، يكون الأمر وكأن الجراثيم تعود إلى الصفوف أيضاً، حيث إن أكثر الأمراض شيوعاً التي نراها هي نزلات البرد، والإنفلونزا، و«كوفيد19»، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ومرض اليد والقدم والفم (خصوصاً بين الأطفال الأصغر سناً)، والإسهال المائي الحاد.
هذه الأمراض ليست غريبة، لكن قرب الطلاب من بعضهم البعض واستخدامهم للمساحات المشتركة والأدوات ذاتها يجعل انتشارها سريعاً، مما يجعل من المهم تشجيع النظافة والعناية المبكّرة للحفاظ على صحة الأطفال.
نقل الجراثيم
• كيف تنتشر هذه الأمراض عادة؟
تنتشر معظم هذه الأمراض من خلال التفاعلات اليومية البسيطة، مثل السعال أو العطس أو لمس الأسطح بأيدٍ غير نظيفة ثم لمس الوجه بعدها، حتى مشاركة الأشياء البسيطة، مثل زجاجة ماء أو استعارة قلم قد تكون كافية لنقل الجراثيم.
الأطفال يحبون أن يكونوا أبطال الصحة إذا أُعطوا التوجيه الصحيح
الأطفال بطبيعتهم اجتماعيون، وهذا جزء رائع من نموهم، لكنه يمنح الفيروسات فرصة سهلة للانتقال. ولسوء الحظ، عندما يعود الأطفال إلى منازلهم، قد ينقلون هذه الجراثيم من دون قصد إلى أفراد العائلة الأكثر ضعفاً، مثل الأجداد أو الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.
علامات مبكرة
* ما العلامات المبكرة التي يجب أن ينتبه إليها الأهل والمعلمون؟
دائماً ما أنصح الأهل والمعلمين بالاعتماد على حدسهم. إذا بدا الطفل أكثر تعباً من المعتاد، أو ظهرت عليه الحمّى، أو كان يعاني سعالاً مستمراً، أو يشتكي كثيراً من التهاب الحلق أو آلام في المعدة، فهذه إشارات تحذيرية مهمة. من الأفضل إبقاء الطفل في المنزل منذ البداية، بدلاً من المخاطرة بتفاقم حالته أو نقل العدوى إلى الصف بأكمله.
من الضروري أيضاً أن تكون لدى المدارس خطة واضحة لفصل الطلاب المرضى عن الأصحاء بطريقة لا تسبّب الوصم، وكذلك آلية واضحة لإبلاغ الأهل أو مقدمي الرعاية الصحية عند الحاجة.
جدول التطعيمات
• هل هناك بعض النصائح العملية للأهل فيما يخص التطعيم والنظافة والتغذية والنوم الكافي؟
يُعد التطعيم خط الدفاع الأول والأهم للمحافظة على صحة الأطفال، فهو يحميهم من الأمراض التي قد تكون أكثر خطورة بكثير من نزلات البرد، ويشكّل درع حماية للأطفال والمجتمع.
ويُنصح الأهل، بشدة، بالالتزام بالجدول الوطني للتطعيمات، بالتنسيق الوثيق مع المدارس ومقدمي الرعاية الصحية الأولية، لضمان حصول الأطفال على جميع اللقاحات الموصى بها وفق إرشادات البرنامج الوطني للتحصين.
الجوائز الممنوحة للطلاب قد تدفع بعضهم للحضور حتى عندما يكونون مرضى
الأطفال بطبيعتهم يقلّدون ما يرونه في المنزل، فإذا مارس الأهل السلوكيات الصحية، فمن المرجح أن يتبناها أطفالهم في المدرسة، ومن المهم أيضاً أن يدرك الأهل أن المرض قد يكون مرهقاً نفسياً للأطفال، خاصة في فترات الامتحانات.
أبطال الصحة
• ما الدور الذي يمكن أن يؤديه الطلاب أنفسهم في الوقاية وحماية زملائهم؟
الأطفال يحبون أن يكونوا أبطال الصحة إذا أُعطوا التوجيه الصحيح. حتى العادات البسيطة يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً. فعندما يتعلّم الطفل غسل يديه قبل تناول الطعام وبعد استخدام الحمّام، واستخدام معقّم اليدين عندما لا يتوافر الماء والصابون، والسعال أو العطس في كوعه بدلاً من يديه، وتجنّب مشاركة الأدوات الشخصية مثل قناني الماء أو أواني الطعام، فإنه يساهم بشكل فعال في وقف انتشار الجراثيم.
أحياناً، مجرد تذكير لطيف لصديق بقول «لا تنسَ غسل يديك قبل الغداء» يمنح الطفل شعوراً بالمسؤولية ويشجعه على حماية نفسه والآخرين.
غسل اليدين وحده له تأثير قوي، فهو قادر على منع ما يصل إلى 30 بالمئة من أمراض الإسهال و20 بالمئة من التهابات الجهاز التنفسي. ومن المهم أيضاً تعليم الأطفال أن المرض يمكن أن يصيب أي شخص، ولا يجب أبداً السخرية أو التنمّر على أي طالب مريض.
بيئة تعليمية آمنة
• كيف يمكن للمدارس أن تعزز بيئة تعليمية آمنة وصحية؟
تبدأ المدرسة الصحية بالأساسيات: صفوف نظيفة، وتهوية جيدة، وصابون وماء متوفران دائماً وسهلان للوصول. هذه الإجراءات البسيطة تخلق بيئة آمنة يستطيع فيها الأطفال التعلم والنمو. يؤدي المعلمون دوراً محورياً في ذلك، فهم غالباً أول من يلاحظ أن الطفل ليس على ما يرام. وعندما يتم تمكينهم لاتخاذ إجراءات سريعة مثل تشجيع الطفل على الراحة أو التواصل مع الأهل، يمكنهم منع انتشار العدوى بين الطلاب.
يجب ألّا تكون الصحة عبئاً أو مهمة ثقيلة، حيث إنه في الواقع، يمكن دمجها في الروتين اليومي بطرق ممتعة وجذابة، فالأنشطة الجماعية البسيطة، مثل غسل الطلاب لأيديهم معاً قبل الوجبات، تساعد على بناء عادات صحية تدوم مدى الحياة.
وللحفاظ على بيئة مدرسية آمنة، يجب تشجيع الطلاب والمعلمين والموظفين على استخدام قناني ماء قابلة لإعادة الاستخدام وتجنّب مشاركة الأكواب. وينبغي تعليم الأطفال غسل أيديهم لمدة لا تقل عن 20 ثانية، خاصة بعد لمس الأسطح التي يكثر استخدامها مثل مقابض الأبواب أو طاولات الصفوف أو حواجز الحافلات. كما أن تنظيف الحمامات والحنفيات ونقاط الشرب يجب أن يتم يومياً، باستخدام المنظفات أولاً لإزالة الأوساخ، ثم التعقيم بمحلول كلور بنسبة 0.1 بالمئة للأسطح أو كحول إيثيلي بنسبة 70 بالمئة للأدوات التي يكثر لمسها.
الإجازات المرضية
• ماذا عن سياسات الحضور والإجازات المرضية؟
يجب أن تعتمد المدارس سياسات مرنة للحضور والإجازات المرضية، بحيث لا يشعر الطلاب أو الموظفون بالضغط للحضور عند شعورهم بالمرض. الجوائز التي تُمنح للحضور الكامل قد تدفع بعض الطلاب للحضور حتى عندما يكونون مرضى، لذلك من الأفضل تجنّبها. إذا اضطر الطالب للبقاء في المنزل، يمكن استمرار التعلم من خلال الدروس عبر الإنترنت، لضمان بقاء الطلاب منخرطين في العملية التعليمية.
المصدر: جريدة الجريدة