أظهرت دراسة حديثة أن اضطرابات الصداع تؤثر على نحو 3 مليارات شخص حول العالم، أي بمعدل شخص من كل 3، لتحتل المرتبة السادسة بين أسباب فقدان الصحة على مستوى العالم في عام 2023.
وأشارت الدراسة، التي تعد جزءاً من تحليل العبء العالمي للأمراض 2023، ونشرتها مجلة The Lancet Neurology، إلى أن معدلات الإصابة باضطرابات الصداع لم تتغير تقريباً منذ عام 1990، ما يشير إلى أن الأسباب الجذرية للمشكلة لم تعالج على مدار العقود الثلاثة الماضية، بحسب «الشرق للأخبار».
وأفادت بأن النساء يعانين من فقدان الصحة بمعدلات أكبر نتيجة الصداع مقارنة بالرجال، في جميع الفئات العمرية، وأكدت أن الصداع النصفي هو المسؤول عما يقرب من 90 في المئة من جميع حالات الإعاقة المرتبطة بالصداع، رغم أن الصداع من النوع التوتري أكثر انتشاراً بمقدار ضعفين تقريباً.
وبيّنت أن الصداع النصفي هو الأقل انتشاراً، إلا أنه الأكثر تعطيلاً للأنشطة اليومية، ويشكل الجزء الأكبر من اضطرابات الصداع عالمياً.
كما ذكرت أن أعلى معدلات الإعاقة المرتبطة بالصداع النصفي كانت في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تليها مناطق مرتفعة الدخل مثل أوروبا وأميركا الشمالية، إلا أن العبء لا يزال مرتفعاً في جميع أنحاء العالم.
وكشفت النتائج أن استخدام الأدوية بشكل مفرط يزيد من العبء بشكل كبير، لأن الصداع الناتج عن الإفراط في استخدام الأدوية مسؤول عن أكثر من 20 في المئة من حالات الإعاقة المرتبطة بالصداع عالمياً، وبالنسبة للصداع النصفي، شكل الإفراط في الأدوية 22.6% من فقدان الصحة لدى الرجال و14.1% لدى النساء، بينما بلغ تأثيره على الصداع التوتري 58.9% لدى الرجال و56.1% لدى النساء.
ووفق الباحثين، فإن جزءاً كبيراً من عبء الصداع العالمي قابل للوقاية من خلال تحسين طرق إدارة العلاج وتوفير الرعاية الصحية بشكل أفضل، وخاصة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل التي لا تتوافر فيها علاجات فعالة على نطاق واسع، كما أن إدماج خدمات الصداع ضمن الرعاية الأولية يمكن أن يقلل من فقدان الإنتاجية، ويحسن جودة الحياة لمئات الملايين من الناس.
وتشير الدراسة إلى أن العبء العالمي لاضطرابات الصداع يظل أحد أكثر الحالات الصحية شيوعاً وتعطيلاً على مستوى العالم، وأن توزيع هذا العبء غير متساو بين الجنسين، ويزيد سوءاً بسبب الإفراط في استخدام أدوية الألم، وهو سبب يمكن الوقاية منه لتجنب الألم الطويل الأمد والإعاقة.
وأشار الباحثون إلى أن العلاج المتاح فعال وميسور التكلفة، إلا أن الوصول إلى الرعاية المناسبة والتعليم حول الاستخدام الآمن للأدوية لا يزال محدوداً في العديد من المناطق.
وأوضح الباحثون أن السنوات الـ 30 الماضية لم تشهد تغييرات جوهرية في عبء الصداع، ما يعني أن هناك حاجة ماسة لمعالجة الأسباب الكامنة مثل نمط الحياة، والإجهاد، وسوء استخدام الأدوية، والتأكد من توسيع نطاق الخدمات الصحية لتشمل التعليم والتثقيف الصحي في شأن الصداع وطرق الوقاية منه، مشددين على أن التركيز على هذه الإجراءات الوقائية ربما يمنع الكثير من حالات الإعاقة، ويحد من فقدان الجودة الحياتية المرتبطة بالصداع في المستقبل.
وأشارت النتائج إلى أن التركيز على إدارة الصداع النصفي والصداع الناتج عن الإفراط في استخدام الأدوية يمكن أن يقلل العبء العالمي بشكل كبير، وأن توفير العلاج المبكر والمناسب للأطفال والبالغين على حد سواء يساهم في تقليل عدد السنوات التي يعيش فيها الأفراد مع الإعاقة.
وشددت الدراسة على ضرورة دمج هذه الإجراءات ضمن السياسات الصحية الوطنية لتقديم رعاية أفضل لجميع الفئات العمرية، ودعت إلى تعزيز برامج الوقاية وإدارة الصداع وتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية عالمياً، لافتة إلى أن زيادة الوعي وتنسيق الإجراءات يمكن أن يقلل بشكل كبير من العبء العالمي لاضطرابات الصداع.
المصدر: الراي

