رغم مرور أكثر من تسعة أشهر على بدء السنة المالية 2024/2025، لا تزال عشرات المشاريع الحكومية المصنّفة تحت المرحلة «التحضيرية» معلقة دون أي تقدم فعلي على أرض الواقع، هذا ما كشفه تقرير المتابعة الصادر عن الأمانة العامة لمجلس التخطيط في تقريرها عن خطة التنمية للربع الثالث للخطة السنوية 20242025، الذي رصد وجود 41 مشروعاً حكومياً لم تنتقل بعد من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، رغم اعتماد موازنات ضخمة لبعضها، وتحديد تواريخ انتهاء رسمية للعديد منها.
جملة المشاريع المدرجة تشمل مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية التي تمس الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين، مثل الصحة والإسكان والكهرباء والماء والخدمات البيئية، في وقت تشير البيانات المالية الواردة في التقرير إلى أن الاعتمادات المرصودة للمشاريع التحضيرية الـ 41 تتجاوز نحو 112 مليون دينار، واللافت أن أغلب هذه المشاريع لم تسجل عليها أي نسب صرف تذكر، وبعضها لم يصرف عليه مطلقاً، رغم مرور أكثر من عام على إدراجها في الخطط الإنمائية.
ما يحتاج إليه الملف التنموي هو ضمان الجاهزية الإدارية وليس فقط توفير الاعتمادات
من بين أبرز هذه المشاريع، مشاريع إنشائية لوزارة الكهرباء التي تبلغ اعتماداتها المالية نحو 47 مليون دينار وتبلغ نسبة الإنفاق عليها صفراً بالمئة حتى وقت إعداد التقرير، وفي مشروع آخر ذي أهمية استراتيجية للصحة العامة، تم تخصيص أكثر من 52 مليون دينار لمشاريع إنشائية لمؤسسة الموانئ، فيما يختص بتطوير موانئ الشعبية والدوحة وإنشاء منطقة الصادرات والواردات وتطوير المناطق التخزينية للموانئ لم يتم صرف أي من مبالغ الاعتمادات باستثناء تطوير ميناء الشويخ التي بلغت نسبة الصرف فيه 82 في المئة.
وبالنظر إلى البيانات الواردة للتقرير، يتضح أن بعض المشاريع الأخرى وضعت لها تواريخ مستقبلية مثل 2026 و2028 و2035، لكنها لم تشهد أي انطلاقة، مما يشير إلى فجوة حقيقية بين الخطط النظرية والجاهزية التنفيذية على مستوى الجهاز الإداري.
ما تكشفه هذه البيانات ليس مجرد تأخر في البدء، بل خلل في حلقة التخطيط والتنفيذ بأكملها، فوجود مشاريع ضمن خانة «التحضيري» لأكثر من عام، دون صرف يذكر أو تقدم في الإجراءات، يعني أن منظومة إدارة المشاريع تحتاج إلى مراجعة عميقة، أي إن التحدي الظاهر هي مسألة الربط بين الجهة المخططة والجهة المنفذة، وتطبيق مؤشرات أداء حقيقية تضمن البدء والانتهاء في المواعيد المحددة.
بعض المشاريع تعاني فجوة حقيقية بين الخطط النظرية والجاهزية التنفيذية على مستوى الجهاز الإداري
فاستمرار هذه المشاريع في المرحلة التحضيرية رغم اعتماد موازناتها، لا يعكس فقط تباطؤاً في الدورة الإدارية، بل يُفقد الدولة والمجتمع فرصة حقيقية في تحقيق الأثر التنموي المرجو، المواطن لا ينتفع من بند معتمد في الميزانية، ولا من مشروع مصنّف ضمن الخطة السنوية، إن لم يتحوّل ذلك إلى واقع ملموس.
فما يحتاجه الملف التنموي في الكويت اليوم، ليس فقط توفير الاعتمادات، بل ضمان الجاهزية الإدارية، وسرعة الطرح، والالتزام بالجداول الزمنية، كي لا تبقى المشاريع في خانة «التحضيري» لسنوات لعدة.
أبرز المشاريع
وفيما يلي أبرز المشاريع التحضيرية الواردة في التقرير:
تسعى الإدارة العامة للطيران المدني إلى تنفيذ مشروع مدينة الكويت للشحن ضمن برنامج «تشييد بنية تحتية متماسكة»، وهو مشروع إنشائي مستمر لم يبدأ بعد، ولم يُخصص له اعتماد مالي حتى الآن.
ويشرف المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على مشروع «منصة الأحمدي الثقافية» ضمن برنامج «مشاركة فعالة في الثقافة والفنون والمجتمع المدني»، ويعد المشروع تطويرياً مستمراً، وخصص له في الخطة 340 ألف دينار، وبلغت نسبة الإنفاق 12.37 بالمئة، ويتوقع أن يكتمل في 31 مارس 2028.
ومشروع «ممارس تعلم معتمد» يتبع المركز الوطني لتطوير التعليم، ضمن برنامج «تعزيز قدرات المواطنين والمؤسسات»، ويعد مشروعاً تطويرياً مستمراً لم يبدأ بعد، ولم تُرصد له مخصصات مالية، ومن المخطط الانتهاء منه في 31 مارس 2027.
أما الهيئة العامة للاستثمار، فقد أدرج ضمن مشاريعها مشروع «شركة المستودعات العامة والمنافذ الحدودية لمنطقة العبدلي»، كجزء من تطوير البنية التحتية، بنظام الشراكة المساهمة، لكن المشروع لم يبدأ بعد، إذ إنه من دون اعتمادات مالية، ومن المخطط إنجاز المرحلة التحضيرية في 31 مارس 2026.
وتشرف الهيئة العامة للبيئة على مشروع «توريد وتركيب وتشغيل وصيانة خمس محطات لرصد ومتابعة جودة الهواء بمنطقة الشعيبة»، ضمن برنامج «إيجاد مناطق معيشية متناغمة بيئيا»، ويعد المشروع إنشائياً مستمراً لم يبدأ بعد، واعتماده المالي يبلغ 700 ألف دينار، والموعد المتوقع لانتهاء التحضير كان 3 أبريل 2025.
وضمن برنامج «تعزيز قدرات المواطنين والمؤسسات»، تعمل الهيئة العامة للرياضة على مشروع «تصميم النادي الرياضي الكويتي للمعلمين»، وهو مشروع إنشائي مستمر. خُصص له 2.000.000 د. ك، بنسبة إنفاق 1.49 بالمئة، على أن يُستكمل في 31 مارس 2026.
كما تنفذ الهيئة العامة للشباب مشروع مراكز الشباب ضمن برنامج «تعزيز صحة ورفاه الجميع»، وهو مشروع إنشائي مستمر لم يبدأ بعد، وخصص له 500.000 د. ك في ميزانية 2024/ 2025، على أن يُنجز في 31 مارس 2030، فيما بلغت نسبة الإنفاق صفراً في المئة.
وتعمل الهيئة العامة للطرق والنقل البري على مشروع تطوير الطريق الدائري الرابع ضمن برنامج «تشييد بنية تحتية متماسكة»، والمشروع إنشائي مستمر لم يبدأ بعد، واعتماده 50.000 د. ك، والتاريخ المتوقع للانتهاء 1 فبراير 2026.
وتسعى الهيئة العامة للقوى العاملة لتنفيذ مشروع «مراكز التوظيف»، وهو مشروع تطويري مستمر لم يبدأ بعد، ومن دون اعتمادات مالية، على أن يُنجز في 31 ديسمبر 2028.
وتعتزم الهيئة العامة للمشروعات تنفيذ مشروعين بنظام الشراكة، هما «مشروع الدبدبة لتوليد الطاقة الكهربائية ومشروع مجمع الشقايا للطاقات المتجددة المرحلة الثالثة»، كمشروع مستمر، إضافة الى مشروع محطة الزور الشمالية، المرحلة الثانية والثالثة، ومشروع محطة الخيران، المرحلة الأولى، فضلاً عن مشروع تطوير شبكة الاتصالات الثابتة بنظام المشاركة كمشروع جديد، وجميع المشروعات لا توجد لها اعتمادات مالية، ويتفاوت إنجاز من المرحلة التحضيرية بين نهاية العام الحالي ومنتصف العام المقبل.
وتشرف الهيئة العامة لمكافحة الفساد على مشروع «إعداد استراتيجية الكويت الجديدة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد»، وهو مشروع تطويري جديد لم يبدأ بعد، بلا اعتمادات، ومخطط لإنجاز مرحلته التحضيرية في 31 مارس 2026.
ويقوم جهاز حماية المنافسة بإعداد «السياسة الوطنية للمنافسة»، وهو مشروع تطويري مستمر لم يبدأ بعد، من دون ميزانية، والموعد المحدد للإنجاز 31 مارس 2026.
وتنفذ قوة الإطفاء العام مشروع «أكاديمية الكويت لعلوم الإطفاء»، وهو إنشائي مستمر لم يبدأ بعد، مخصص له 10 آلاف دينار، ويخطط لإنهائه في 28 مايو 2026، في حين أن نسبة الإنفاق بلغت صفراً في المئة.
وتعمل الهيئة العامة للبيئة على مشروع «مركز تحلية المياه باستخدام الطاقات المتجددة»، وهو إنشائي مستمر لم يبدأ بعد، واعتماده 150 ألف دينار، والموعد المتوقع للانتهاء هو 31 مارس 2029، في حين أن نسبة الإنفاق بلغت صفراً في المئة.
كما يشرف معهد الكويت للأبحاث العلمية على مشروع «بناء وتشغيل مجمع للإنتاج الاقتصادي للأسماك والروبيان باستخدام التقنيات المطورة»، ويعد مشروعاً إنشائياً مستمراً لم يبدأ بعد، وخصص له 600 ألف دينار، والانتهاء مستهدف في 31 مارس 2029، في حين أن نسبة الإنفاق بلغت صفراً في المئة.
كما يسعى معهد الكويت للأبحاث العلمية إلى تنفيذ مشروع «مركز تطوير تقنيات الاستدامة للمنشآت (المرحلة الأولى بناء المنشأة)»، وهو مشروع إنشائي مستمر لم يبدأ بعد، باعتماد 100 ألف دينار، والموعد المتوقع للإنجاز 31 مارس 2027، في حين أن نسبة الإنفاق بلغت صفراً في المئة.
أما مؤسسة الموانئ الكويتية فتعمل على مشروع تحضيري لـ «تطوير المناطق التدريبية التابعة للمؤسسة»، كمشروع إنشائي مستمر لم يبدأ، بميزانية 850.000 د.ك، ويتوقع الانتهاء منه بتاريخ 31 ديسمبر 2028، في حين بلغت نسبة الإنفاق صفراً في المئة.
أيضا لدى «الموانئ» 6 مشاريع تحضيرية لم ينجز منها سوى مشروع «تطوير ميناء الشويخ»، وهو من أبرز المشاريع المنفذة حالياً، باعتماد 20.8 مليون دينار، ونسبة إنفاق 82.43 بالمئة، وتاريخ الانتهاء المتوقع 31 مارس 2028.
أما بقية المشاريع فمن دون أي نسبة إنجاز تحضيري لها، وهي مشاريع «تطوير النقع البحرية» الذي لم يبدأ بعد، بميزانية 1.74 مليون دينار، وموعد إنجاز 31 مارس 2027، إضافة الى مشروع «إنشاء منطقة الصادرات والواردات والتفتيش الجمركي في منطقة الشعيبة الغربية»، وهو لم يبدأ، وباعتماد مليون دينار وتاريخ إنجاز 31 مارس 2028، ومشروع «ربط الموانئ بمنظومة متكاملة باعتماد مليون دينار، والإنجاز متوقع في 1 أكتوبر 2028، إضافة الى مشروع «تطوير ميناء الشعيبة»، الذي لم يبدأ بعد، وباعتماد 29.7 مليون دينار، وتاريخ إنجاز مستهدف 31 مارس 2027، فضلاً عن مشروع «تطوير ميناء الدوحة»، وأيضاً لم يبدأ، وباعتماد مليون دينار، وتاريخ الانتهاء 31 مارس 2028.
ومن ضمن المشاريع التي تقع في مرحلتها التحضيرية، مشروع «التوسع في إنشاء وتطوير المناطق الحرة»، بإشراف هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، حيث لم يبدأ بعد، ولم يتم اعتماد مبالغ مالية له، في حين أن تاريخ إنجازه المرحلي 31 مارس 2026.
كما يعد مشروع «محطة تنقية ورفع جنوب المطلاع» مشروعاً إنشائياً مستمراً بإشراف وزارة الأشغال، ولم يبدأ بعد، بميزانية 400 ألف دينار، وتاريخ إنجاز 1 ديسمبر 2025، كذلك مشروع دراسة وتصميم أوّلي لنظام الأنفاق العميقة، إضافة الى مشروع «التحول الرقمي لوزارة التجارة والصناعة المنصة التجارية»، وهو مشروع تطويري مستمر لم يبدأ، وخصص له 400 ألف دينار، ونسبة الإنفاق صفر بالمئة، وتاريخ الإنجاز المرحلي 8 ديسمبر 2025.
فضلاً عن مشروع «وحدة رعاية المسنين بإشبيلية»، وهو مشروع إنشائي بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، باعتماد 120 ألف دينار، وقد بلغت نسبة الإنفاق صفراً في المئة، والموعد المتوقع 8 ديسمبر 2025.
أما مشاريع وزارة الكهرباء فمتنوعة بين مشروع «توريد وتركيب وصيانة الأزواج الكهروضوئية على خزانات الصبية»، بإشراف الوزارة، وهو مشروع إنشائي مستمر لم يبدأ بعد، باعتماد 8 ملايين دينار، والموعد المقرر له 30 سبتمبر 2028.
المصدر: جريدة الجريدة