لطالما اعتُبرت المرأة عنصراً أساسياً في معادلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذا اهتمت خطط التنمية الكويتية منذ عام 2010 بإدماج دور المرأة وتفعيل مشاركتها في مختلف المجالات، كجزء من استراتيجية البلاد نحو تحقيق رؤية «الكويت 2035».

وبعد مرور أكثر من عقد على إطلاق هذه الرؤية، بات السؤال المحوري: هل حصلت المرأة الكويتية بالفعل على الفرص التي تستحقها؟ وما مدى نجاح خطط التنمية في تمكينها اقتصادياً؟

منذ إطلاق أول خطة تنموية سنوية في 20102011 شددت الكويت على أهمية تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً، وتضمنت هذه الخطط أهدافاً واضحة بشأن زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، وتعزيز قدراتها في ريادة الأعمال، وتمكينها في المواقع القيادية والإدارية العليا.

وعلى مدار السنوات، تكررت هذه الأهداف في مختلف الخطط التنموية، لا سيما في الخطة الإنمائية المتوسطة الأجل 20152020، التي أشارت بوضوح إلى أهمية رفع نسبة مساهمة المرأة الكويتية في الاقتصاد الوطني، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تديرها النساء، من خلال توفير بيئة داعمة من التشريعات والتمويل والخدمات اللوجستية.

لكن الواقع، وفق المراقبين، ووفقاً للمؤشرات والإحصاءات الرسمية، يُظهر أن التقدم في هذا المجال كان بطيئاً نسبياً إلى وقت قريب، فبينما تحدثت الخطط عن زيادة دعم المرأة وتعزيز مشاركتها الاقتصادية، ظلت نسبتها في سوق العمل تراوح مكانها، أو تحقق تحسناً طفيفاً لا يتناسب مع الأهداف الطموحة الموضوعة.

واقع متواضع

وعلى الرغم من وجود العديد من النساء الكويتيات اللاتي أظهرن تفوقاً واضحاً في مختلف القطاعات، كما يقول المراقبون، تبقى نسبة مشاركة المرأة في المشاريع التنموية، خصوصاً الكبرى، محدودة نسبياً، حيث تكشف البيانات الحكومية أن أغلب المناصب القيادية العليا التي تسهم في اتخاذ القرارات الرئيسية بالمشاريع الاقتصادية والتنموية لا تزال من نصيب الرجال بنسبة كبيرة.

ويقول المراقبون إنه في خطط التنمية منذ 2010 حتى 2024، وضعت أهدافاً لزيادة حصة المرأة من المناصب القيادية، لكن تحقيق هذه الأهداف واجه تحدياتٍ مستمرة، ويرجع هذا جزئياً إلى ثقافة تنظيمية وإدارية داخل المؤسسات، لا تزال غير مهيأة بالكامل لاستيعاب زيادة دور المرأة، إلى جانب نقص السياسات والإجراءات الفعّالة لدعم المرأة في المراحل المتقدمة من مسيرتها المهنية.

ويقول المراقبون إنه بالنظر إلى مقارنة الكويت مع بعض دول الخليج، تبدو الصورة متفاوتة، ففي الوقت الذي حققت دول مثل الإمارات والسعودية تقدماً ملحوظاً في تمكين المرأة اقتصادياً ورفع نسبتها في المناصب القيادية، لا تزال الكويت تواجه تحديات في تحقيق تقدم مماثل.

فعلى سبيل المثال، تشكل النساء في الإمارات نحو 66 بالمئة من العاملين في القطاع الحكومي، وتحتل المرأة الإماراتية مناصب قيادية بارزة في القطاعين العام والخاص، كذلك حققت السعودية قفزات كبيرة في تمكين المرأة، من خلال سياسات واضحة وبرامج موجهة، مما أدى إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من حوالي 18 بالمئة عام 2017 إلى حوالي 35 بالمئة بحلول عام 2022.

في المقابل، بقيت الكويت تراوح في نسب متواضعة، على الرغم من وجود الكفاءات النسائية العالية، ووفقاً لتقرير «تطور المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكويتي 20102024»، فإن نسبة تمثيل المرأة في المناصب القيادية العليا لا تزال منخفضة، مما يشير إلى الحاجة الملحّة لمزيد من الإجراءات والسياسات لدعم المرأة الكويتية بشكل فعّال.

ويوضح المراقبون أنه من أجل تعزيز دور المرأة وتمكينها بشكل حقيقي، تحتاج الحكومة إلى اتخاذ خطوات جريئة وواضحة، تشمل صياغة سياسات داعمة وملزمة لتحقيق المساواة في الفرص الاقتصادية والتوظيفية، وتطوير برامج تمويلية ومصرفية خاصة بالنساء تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها المرأة، ونشر ثقافة مجتمعية داعمة لتمكين المرأة وإبراز نماذج ناجحة لرياديات أعمال كويتيات، وإزالة العقبات البيروقراطية والإدارية التي تحدّ من قدرة النساء على المشاركة في مختلف القطاعات.

ويقول المراقبون إنه على الرغم من وجود محاولات وجهود ملموسة لتمكين المرأة الكويتية ضمن خطط التنمية الممتدة منذ 2010، فإن الواقع يشير إلى أن النتائج لاتزال أقل من الطموحات الموضوعة، وإن كان في الآونة الأخيرة بدأ ظهور بوادر اهتمام حكومي في إنجاح هذا الجانب من خطط التنمية، حيث بلغت نسبة توليها للمناصب القيادية تمثّل 28 بالمئة، مضيفين أن نجاح الكويت في تحقيق رؤيتها المستقبلية مرهون بشكل كبير بمدى جدية الخطوات القادمة لدعم المرأة وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً، حيث تكون شريكاً كاملاً وفعالاً في مسيرة التنمية المستدامة.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.