الإجراءات الداخلية مهّدت الطريق لتسريع الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية
«الدّين العام» يخفف ضغط المالية العامة من خلال تعزيز السيولة وإدارة الفائض بكفاءة
قوانين جديدة مرتقبة لتخفيف عبء الميزانية العامة وتوفير منتجات جديدة للبنوك
احتمالية حدوث مزيد من التصعيد في مناطق التوتر تشكّل مخاطر سلبية
البنوك الكويتية تعتبر الأقل عرضة للتأثير بالتقلبات التي قد تطرأ على السوق
أصول البنوك التقليدية نمت بصورة أسرع من البنوك الإسلامية خلال 2024
استمرار التيسير النقدي العالمي بوتيرة أكثر اعتدالاً مع مواصلة ارتفاع التضخم ويقظة صانعي السياسات
توقّع بنك الكويت المركزي أن تظل السياسة النقدية على المستوى المحلي متزنة وتدريجية، كما كانت خلال دورة التشديد ما يسمح بتحفيز محكم لدعم الطلب، مؤكداً أن الإجراءات الداخلية في الدولة مهدت الطريق لتسريع الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية التي طال انتظارها والتي من شأنها تحفيز النمو.
كما توقّع «المركزي» في تقرير الاستقرار المالي الذي صدر أمس، أن يخفف إقرار قانون الدين العام الضغط على المالية العامة من خلال تعزيز السيولة وتوفير أداة جديدة للبنوك لإدارة فائض السيولة بكفاءة.
ورجح التقرير الانتهاء قريباً من بعض القوانين التي من شأنها تخفيف بعض العبء على الميزانية العامة للدولة وتوفير منتجات جديدة للبنوك وبشكل عام رغم التحديات العالمية
كما رجح أن يظلّ النظام المالي المحلي متينا ومهيأً جيداً لمواجهة الصدمات المحتملة مدعوماً بأطر سياسات نقدية واحترازية حصيفة، وتحسن أساسيات الاقتصاد الكلي، ومستويات كافية من رأس المال.
وأوضح أنه على الصعيد العالمي، فمن المتوقع استمرار التيسير النقدي العالمي ولكن بوتيرة أكثر اعتدلاً مع استمرار ارتفاع التضخم ويقظة صانعي السياسات، موضحاً أن ما يزيد تعقيد سيناريو التضخم ظهور سياسات تجارية صدامية وبداية حرب تجارية جديدة، وكلاهما ينذر بإعادة إشعال ضغوط الأسعار وتعطيل سلاسل التوريد العالمية.
وأضاف أنه رغم ما يظهر بأن الأسواق أخذت في الحسبان جزءاً كبيراً من المخاطر الجيوسياسية، إلا أن احتمالية حدوث مزيد من التصعيد، لا سيما في مناطق التوتر مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، لا تزال تشكل مخاطر سلبية، مرجحاً أن يظل المستثمرون حذرين مع تركيز متزايد على المؤشرات الخاصة بالسياسات التجارية والتطورات الجيوسياسية.
استمرار التوترات
وبيّن التقرير أنه رغم استمرار التوترات الجيوسياسية، وضبابية المشهد الاقتصادي أظهرت مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفي المحلي قوة ومتانة أوضاعه المالية من حيث جودة الأصول والكفاية الرأسمالية والسيولة والربحية، ما يُعزز استدامة القطاع المصرفي المحلي وقدرته على التكيف مع التحديات الاقتصادية. وأضاف أن الاقتصاد الوطني شهد تحديات عدة في ظل تراجع أسعار النفط، ومع ذلك واصل «المركزي» نهجه الحصيف في إدارة السياسة النقدية، معتمداً على قراءة دقيقة للمعطيات المحلية والعالمية بما يحقق التوازن المطلوب بين الحفاظ على جاذبية الدينار الكويتي وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام. كما استمرت الجهود التعزيز كفاءة السياسة المالية، بما يسهم في دعم الاستدامة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
وأكد «المركزي» على متانة القطاع المصرفي وقدرته على ممارسة دوره في الاقتصاد المحلي، ومرونته وقدرته على مواجهة الصدمات المستقبلية، إلى جانب التطورات المهمة في منظومة الدفع، ودورها في تعزيز كفاءة الخدمات المالية وتحفيز التحول الرقمي.
وتناول التقرير المخاطر التي يواجهها القطاع المصرفي، وعلى وجه التحديد مخاطر الائتمان ومخاطر السيولة ومخاطر السوق والمخاطر التشغيلية من جوانب وزوايا متعددة، كما تطرق إلى متانة أوضاع البنوك المحلية عبر تقديم تقييم شامل لربحية القطاع المصرفي وملاءته المالية مع تقييم الأنظمة المدفوعات المحلية والبنية التحتية.
التطورات المحلية
ذكر التقرير أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للكويت، سجل تراجعاً في 2024 بنحو 2.6 في المئة متأثراً بتقليص إنتاج النفط، حيث استمرت الضغوط التضخمية في التراجع محلياً، ليبلغ معدل التضخم المحتسب على أساس التغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك 2.9 في المئة، مقارنة بـ 3.6% العام السابق.
ولفت إلى أن أصول القطاع المصرفي سجلت معدل نمو بلغ 4.3 في المئة في 2024 لتصل 115.2 مليار دينار مدفوعة أساساً في نمو محفظة القروض، ونتيجة لذلك، وإضافة إلى الانكماش الطفيف الذي شهده الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعار النفط العالمية، شهدت نسبة الأصول إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ارتفاعاً لتبلغ 235 في المئة في نهاية العام، كما شهدت القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ونسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ارتفاعاً لتبلغا 147 في المئة و150 في المئة على التوالي.
وأضاف أن أصول البنوك التقليدية نمت بصورة أسرع من البنوك الإسلامية خلال 2024، بواقع 7.8 في المئة و 0.8 في المئة على الترتيب، وعليه، فقد ارتفعت حصتها من إجمالي أصول القطاع المصرفي لتبلغ 52 في المئة مع تراجع حصة البنوك الإسلامية لتبلغ 48 في المئة في نهاية 2024.
محفظة القروض
وواصلت البنوك الكويتية ممارسة دورها كوسيط مالي خلال النصف الأول 2024 من خلال توسيع محافظها الائتمانية، رغم تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، حيث شهدت محفظة البنوك نمواً بقيمة 2.9 مليار دينار وبمعدل 4.3 في المئة لتبلغ 72.3 مليار، ويرجع النمو في محفظة القروض بشكل أساسي إلى التمويل الممنوح للشركات الكبرى. وفي ما يخص التوزيع القطاعي، فقد شهدت معظم القطاعات نموا خلال العام، وبشكل أساسي ارتفع كل من قطاع الخدمات والإنشاءات والصناعة والتجارة والعقار بإجمالي 2.1 مليار.
ولا تزال المحفظة متركزة في قروض القطاع الأسري والقروض العقارية وقروض الخدمات التي تشكل أكثر من نصف إجمالي محفظة القروض. أما بالنسبة لتوزيع المحفظة وفقاً للعملة، فما زالت القروض الممنوحة بالعملة المحلية تشكل النسبة الأكبر من إجمالي محفظة القروض في 2024 حيث شكلت نحو 64 في المئة من الإجمالي.
أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي للمحفظة، شهدت القروض الممنوحة في أوروبا أساساً المملكة المتحدة وتركيا، ارتفاعاً في حصتها لتصل إلى 12.1 في المئة، كما تراجعت القروض الممنوحة في دول الخليج بخلاف الكويت، بنسبة طفيفة، لتصل حصتها من إجمالي المحفظة 13.6 في المئة. وعلى الصعيد المحلي لا تزال القروض الموجهة للعملاء المحليين تستحوذ على النصيب الأكبر من محفظة القروض بنسبة 65.4 في المئة.
وحسب التقرير استمرت ودائع القطاع المصرفي بالارتفاع خلال 2024، حيث سجلت نمواً بنسبة 0.4 في المئة لتبلغ 73.9 مليار دينار كما في نهاية العام لتظل بذلك المصدر الرئيسي لتمويل البنوك، وشكلت الودائع المحلية نحو 68.7 في المئة من إجمالي الودائع، فيما شكلت الودائع الأجنبية ما نسبته 31.3 في المئة من إجمالي الودائع بما يتماشى وعمليات البنوك الخارجية.
ولا تزال الودائع متركزة أساساً بودائع القطاع الخاص، حيث شكلت النسبة الأكبر من محفظة الودائع بنحو 79.2 في المئة من الإجمالي.
مخاطر الائتمان
وسجلت الانكشافات الائتمانية ارتفاعاً بنسبة 4.5 في المئة في 2024 مقابل 3.3 في المئة في العام السابق، مدفوعاً بشكل أساسي من نمو محفظة القروض والإبداعات ما بين البنوك وفيما يتعلق بجودة القروض، فلا تزال محفظة القروض ذات جودة عالية، حيث إنه ورغم ارتفاع القروض غير المنتظمة بشكل طفيف خلال 2024 إلا أن معدل القروض غير المنتظمة
لا يزال عند مستويات متدنية بحوالي 1.5 في المئة بفضل السياسة الحصيفة التي يعتمدها «المركزي» في ما يتعلق بالمخصصات، ومع الارتفاع في القروض غير المنتظمة فقد انخفضت نسبة تغطية القروض غير المنتظمة لتصل 264 مقابل 303 في المئة في عام 2023.
ومع ذلك، تظل هذه النسبة واحدة من النسب الأعلى في المنطقة والتي تعكس قدرة القطاع المصرفي على مواجهة حالات التعثر الجديدة دون التأثير على ربحيته وبالنسبة إلى الانكشافات الائتمانية الأخرى والمتمثلة في الاستثمارات ذات الدخل الثابت والإبداعات بين البنوك فلا تزال ذات جودة ائتمانية عالية.
واستمرت الودائع بالارتفاع خلال 2024 لتنمو إلى 0.4 في المئة مقابل 4.6 في المئة لعام 2023، وقد جاء هذا التباطؤ في النمو في ظل ما شهده 2024 من بداية لانتهاء دورة التشديد النقدي العالمية التي بدأت 2022، وساهمت زيادة الودائع في التوسع في عمليات التمويل، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الحد الأقصى المتاح للتمويل لتبلغ 83.5 في المئة مقابل 79.6 في المئة في 2023.
ومع نمو مصادر الأموال المختلفة ارتفع معيار صافي التمويل المستقر ليصل 114.4 في المئة خلال 2024 والذي يتجاوز بمستوى جيد الحد الأدنى المطلوب رقابياً من «المركزي» والبالغ 100 في المئة، ولا يزال القطاع المصرفي يتمتع بسيولة وفيرة تنعكس في قدرة البنوك على تلبية متطلبات السيولة الرقابية، حيث حافظت البنوك على نسب أعلى من الحدود المطلوبة رقابياً.
انكشاف محدود
لا تزال مخاطر السوق محدودة على المستوى المحلي، فلم تشهد المحفظة الاستثمارية تغييراً جوهرياً في 2024، بخلاف بعض التحركات الطفيفة بين فئات الأصول المختلفة، حيث ارتفعت كل من استثمارات الدخل الثابت والاستثمارات العقارية 0.4 في المئة و3.2 في المئة على التوالي، في حين انخفضت استثمارات الأسهم بنحو 4.9 في المئة مدفوعة بانخفاض استثمارات البنوك في الأسهم المحلية وأسهم دول الخليج.
وشكلت الاستثمارات المدرجة بالقيمة العادلة في بيان الدخل الشامل وتلك المدرجة بالقيمة العادلة في بيان الدخل، نحو 72.7 في المئة من إجمالي المحفظة الاستثمارية، وذلك بعد أن كانت 63.6 في المئة في العام السابق.
وأكد التقرير أن البنوك الكويتية تعتبر الأقل عرضه للتأثير بالتقلبات أو التغيرات التي قد تطرأ على السوق، والتي من شأنها أن تؤثر سلباً على أدائها نتيجة انكشاف تلك البنوك المحدود على السوق.
محاكاة للخسائر
انخفضت المخاطر التشغيلية للقطاع المصرفي المحلي 2024، لتصل 2.7 مليون دينار (بانخفاض 8.2 في المئة) والذي يشكل 0.16 في المئة فقط من صافي أرباح البنوك الكويتية خلال ذات الفترة ما يثبت مرونة البنوك المحلية في مواكبة التطورات السريعة في عالم التكنولوجيا.
بالمقابل شهد معدل الدوران الوظيفي ارتفاعاً طفيفاً خلال الفترة، ليصل 14.4 في المئة مقارنة بـ 13.2 في المئة في 2023، مع ذلك لا يزال هذا المؤشر ضمن النطاق المقبول نسبياً.
وبنظرة استشرافية على أوضاع القطاع المصرفي، أجريت عمليات محاكاة للخسائر التشغيلية، والتي أكدت نتائجها على قوة الوضع المالي للبنوك بالصمود أمام تبلور مخاطر تشغيلية شديدة الضرر.
وشهد المؤشر العام للالتزام بالضوابط الأمنية للقطاع المصرفي المحلي ارتفاع لدرجة النضج السيبراني العام للقطاع، ليصل إلى درجة 3.32 في 2024 مقارنة بـ 3.15 عام 2023، ما يعكس مدى مواكبة القطاع للتطورات في كل مجالات الأمن السيبراني.
ربحية البنوك
شهد القطاع المصرفي المحلي أداء إيجابياً خلال 2024، محققاً نمواً في الأرباح من مصادر مستدامة، حيث نمت صافي أرباح القطاع المصرفي بنحو 5 في المئة لتصل 1.68 مليار دينار، بمساندة من النمو الإيجابي في محفظة القروض وأسعار الفائدة المرتفعة نسبياً.
وواصل هامش صافي الفوائد ارتفاعه خلال 2024 ليبلغ 3 في المئة، وعليه ارتفعت حصة صافي إيرادات الفوائد من إجمالي الربع خلال الفترة، بنحو 2 نقطة مئوية، مقارنة بـ 2023 لتصل 70% من إجمالي مصادر دخل البنوك في 2024، الأمر الذي يعزز من جودة ربحية القطاع المصرفي، ويؤكد قدرته على المحافظة على قوة ومتانة أنشطته الرئيسية المسؤولة عن تحفيز الربحية.
وساهم النمو في الأرباح على مستوى القطاع بتحسين تلك المؤشرات، حيث شهد كل من معدل العائد على متوسط الأصول 1.49 في المئة، ومعدل العائد على متوسط حقوق الملكية للقطاع المصرفي 11.15 في المئة ارتفاعاً خلال العام.
الملاءة المالية
أشار تقرير «المركزي» للاستدامة إلى أن القطاع المصرفي المحلي، أثبت خلال 2024 قدرته العالية على التكيف والمرونة في ظل التطورات الاقتصادية، وظهر ذلك واضحاً في مؤشرات الملاءة المالية القوية التي عكست مستوى الاستدامة والاستقرار الذي يتمتع به القطاع. حيث بلغ معيار كفاية رأس المال للقطاع 19.4 في المئة بما يفوق بشكل جوهري الحد الأدنى لمتطلبات المركزي. وبالمقارنة بالعام السابق استقرت حصة حقوق المساهمين في قاعدة رأس المال الرقابي، لتظل تشكل الحصة الأكبر من قاعدة رأس المال الرقابي للقطاع، وبنسبة 77.5 في المئة في نهاية 2024، ما يعزز قدرة القطاع المصرفي على امتصاص الخسائر المحتملة.
وترتب على استقرار حصة حقوق المساهمين في قاعدة رأس المال الرقابي، انخفاض معدل حقوق المساهمين إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر، ليصل 15 في المئة مقابل 15.4 في المئة في 2023، رغم ذلك فهو أعلى بكثير من الحد الأدنى لمتطلبات لجنة بازل ومتطلبات «المركزي»، والبالغة 7 في المئة و 9.5 في المئة على الترتيب.
منظومة الدفع
أفاد التقرير بأن 2024 شهد تطوراً ملحوظاً في وسائل الدفع الإلكتروني المتاحة وتوسع في البنية التحتية للمدفوعات، حيث تم إطلاق خدمة جديدة للدفع الفوري «ومض» في نهاية شهر يونيو من 2024، ما ساهم في زيادة عدد عمليات الدفع الإلكترونية، وعزز الطلب على خدمات الدفع الإلكتروني، مقارنة بالخدمات الورقية. وللعام الخامس على التوالي تواصل عمليات الدفع الإلكتروني تعزيز هيمنتها على وسائل الدفع الأخرى، مع اتساع الفجوة بينها وبين المعاملات الورقية خلال عام 2024. وقد سجل حجم عمليات الدفع الإلكتروني (بما في ذلك عمليات ومض) معدل نمو بنحو 20.6 في المئة في 2024، فيما سجلت قيمة عمليات الدفع الالكتروني (بما في ذلك عمليات ومض) معدل نمو بنحو 7.6 في المئة.
أرقام واتجاهات 2024
5 في المئة نمواً بصافي أرباح البنوك
3 في المئة هامش صافي الفوائد
20.6 في المئة نمواً بعمليات «ومض»
11.15 في المئة متوسط حقوق الملكية
114.4 في المئة معيار التمويل المستقر
8.2 في المئة انخفاض المخاطر التشغيلية
2.9 مليار دينار زيادة في محفظة القروض
14.4 في المئة معدل الدوران الوظيفي مصرفياً
المصدر: الراي