يتضمن مشروع المرسوم بقانون الجديد لعام 2025، بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، الذي أقره مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، دمج وتشريع نص موحد يحل محل قانوني مكافحة المخدرات ومكافحة المؤثرات العقلية، وذلك لتوحيد الأحكام في إطار قانوني واحد محدث.

ويشدد القانون الجديد الرقابة على استعمال المؤثرات العقلية لأغراض طبية، عبر وضع ضوابط صارمة للوصفات والتقارير الطبية، ويُحظر على الأطباء صرف المؤثرات العقلية دون مبرر طبي معتمد، وتُفرض عقوبة حبس تصل إلى 3 سنوات لأي طبيب يصرف هذه المواد دون مسوغ طبي، كما تُغلَّظ المسؤولية على الصيدليات بفرض غرامات قد تصل إلى 100 ألف دينار، وإمكانية إغلاق الصيدلية لمدة تصل إلى 5 سنوات إذا أهملت في تأمين تلك المواد.

ونظم القانون الجديد حالات المرضى القادمين من الخارج، حيث يشترط اعتماد الوصفات الطبية الخاصة بهم من الجهات الكويتية الرسمية قبل السماح بدخول المواد الموصوفة، مع إمكانية اعتمادها إلكترونياً من الخارج، ويلزم المسافرين الذين يحملون أدوية مخدرة أو مؤثرات عقلية بتقديم الوصفة الطبية للموظف المختص في المنفذ عند دخول البلاد لمطابقة الكميات المجلوبة مع ما هو مصرح به في الوصفة، وهذه الإجراءات تضمن عدم إساءة استخدام المؤثرات العقلية الطبية، وتمنع التحايل عبر الاستقدام أو الوصفات المزورة.

مواد قانونية جديدة مبتكرة

واشتمل مشروع القانون على إضافات نوعية لم تكن واردة في التشريعات السابقة، ما يشكل نقلة في التصدي لآفة المخدرات، ومن أبرز المواد المستحدثة إنشاء مجلس أعلى لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، كما أضاف المشروع إمكانية إلزام فئات محددة بالقيام بفحوصات كاشفة لتعاطي المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً، تشمل المقبلين على الزواج، وطالبي رخص القيادة والسلاح والمتقدمين لوظائف عامة، ولأول مرة يمكن فرض فحص عشوائي دوري للموظفين في الجهات الحكومية، ويمنح المشروع صلاحيات جديدة لرجال الشرطة، منها حق القبض الفوري عند الاشتباه بالتعاطي دون الحاجة لانتظار إذن، لسد الثغرات التي استغلها البعض في الإفلات.

إمكانية إغلاق الصيدلية لمدة تصل إلى 5 سنوات إذا أهملت في تأمين المواد المؤثرة

وفي سياق الردع الاجتماعي، استحدث القانون تجريم مجالسة المتعاطين بقصد الحيلولة دون انتشار الظاهرة، حيث يُعاقَب بالحبس 3 سنوات كل من يجالس متعاطيا وهو على علم بالأمر، كذلك تم تجريم التحريض والدعوة والإغراء على التعاطي بالحبس 3 سنوات.

وتشمل المواد الجديدة معاقبة من يقوم بدسّ المخدرات لشخص آخر أو إكراهه على التعاطي بدون علمه بحبس يصل إلى 15 سنة، وتصل العقوبة إلى الإعدام إذا نتج عن ذلك إدانة المجني عليه بتهمة مخدرات وحكم عليه بالإعدام.

ويحمل القانون الجديد توجها نحو التحول الرقمي في إجراءات الترخيص والرقابة على المواد المخدرة والمؤثرات، فبدلا من المعاملات الورقية التقليدية، يجيز المشروع استخدام الوسائل الإلكترونية في معظم الإجراءات الرقابية، كذلك أوجب المشروع على الأطباء والمؤسسات الصحية إبلاغ الجهة المختصة إلكترونيا عن كميات وأسباب صرف أي عقاقير مخدرة للمرضى، ضمن سجلات رقمية معتمدة.

إلزام المسافرين الذين يحملون أدوية مخدرة بتقديم الوصفة الطبية للموظف المختص في المنفذ

وهذه الرقمنة تتيح إنشاء قواعد بيانات مركزية، وتضمن متابعة آنية لكل عمليات صرف وتداول المواد المخدرة، مما يسهل عملية التفتيش والمراجعة الدورية، ولم تكن مثل هذه الآليات موجودة في قوانين الثمانينيات القديمة، وتأتي الآن لمواكبة عصر التكنولوجيا وتعزيز الشفافية والفعالية في إنفاذ القانون.

عقوبات جديدة مغلّظة

وغلّظ مشروع القانون العقوبات على مختلف الجرائم المتعلقة بالمخدرات بصورة غير مسبوقة، لتكون رادعة وتتناسب مع جسامة هذه الجرائم، وأبرز ما ورد إقرار عقوبة الإعدام بحق تجار المخدرات والمؤثرات العقلية كحد أقصى للعقوبة، إضافة إلى غرامة قد تصل إلى مليوني دينار في حالات الاتجار الكبرى، وتوسّع نطاق الإعدام ليشمل مهربي المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً داخل السجون وكل من يسهل إدخالها إلى النزلاء، أو إذا وقعت الجريمة داخل مراكز التأهيل أو العلاج من الإدمان أو في دور العبادة أو في الأندية الرياضية، وأيضا يُعاقب الموظفون العموميون الذين يستغلون وظائفهم للاتجار بالإعدام.

وشملت العقوبات المشددة معاقبة موزعي المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً دون مقابل (كمن يوزع عينات مجانية للترويج) بالإعدام أيضا إذا استهدفوا أكثر من شخص بقصد إغوائهم.

وإلى جانب ذلك، استحدث المشروع عقوبات حبس جديدة مثل الحبس مدة لا تجاوز سنتين لمن يرفض إجراء فحص المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً دون عذر أو مبرر مقبول.

مسار علاجي وإنساني للمتعاطين

ورغم التشديد العقابي على التجار والمروجين، يتبنى القانون الجديد منهجا أكثر إنسانية مع متعاطي المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً باعتبارهم بحاجة للعلاج، فقد أقر سرية تامة لبيانات المدمنين لضمان عدم وصمهم اجتماعيا، وفرض عقوبة بالحبس تصل إلى سنتين وغرامة لا تجاوز 10 آلاف دينار على كل من يفشي معلومات تتعلق بحالات الإدمان أو هوية المودعين في مراكز العلاج خلافا للقانون.

ويشجع المشروع المتعاطين على طلب العلاج طوعا دون خوف من الملاحقة، حيث نص صراحة على عدم إقامة الدعوى الجزائية ضد من يتقدم من تلقاء نفسه للعلاج من الإدمان. كما استحدث آلية للإيداع القسري للعلاج بناءً على بلاغات سرية عن حالات التعاطي، بحيث يمكن إيداع المتعاطي مركزَ تأهيل وعلاج لمدة تصل إلى 6 أشهر بأمر السلطات، لضمان تلقيه الرعاية اللازمة.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.