يصادف اليوم ذكرى مرور 34 عاما على إطفاء آخر بئر نفطية اشعلتها القوات العراقية الغازية من أصل 737 بئرا قبل اندحارها من الكويت في فبراير عام 1991.

واحتفلت الكويت بمثل هذا اليوم من عام 1991 بإطفاء آخر بئر نفطية كانت مشتعلة في حقل برقان بمنطقة الاحمدي برعاية وحضور أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه متوجا جهودا بذلتها الفرق الكويتية المتخصصة وغيرها من الدول الصديقة على مدار عدة أشهر مواصلة الليل بالنهار لإطفاء تلك الآبار والحد من تداعيات واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي شهدها العالم.

وبدأت مأساة احراق الآبار في 21 فبراير عام 1991 مع اندحار القوات العراقية الغازية لتأخذ اشكالا متعددة في أهم مناطق حقول النفط الكويتية كالأحمدي وبرقان والمقوع والمناقيش والوفرة كما شهدت تلك المناطق ما عرف بالبحيرات النفطية التي كانت لها آثار شديدة الخطورة على البيئة والحياة البشرية.

وصاحب اشتعال الآبار انتشار كميات هائلة من الدخان والنيران في كل الاتجاهات وتفجير مراكز تجميع النفط التي تصل بين الآبار وموانئ التصدير لتزداد المنطقة اشتعالا ودمارا.

وسقطت كميات كبيرة من (السخام) على الكويت لتغطي النباتات والمباني مما ترك آثارا خطيرة على الكائنات الحية من نباتات وحيوانات إضافة إلى تحويل النهار إلى ظلام دامس فيما تسبب انخفاض درجات الحرارة أربع درجات مئوية في نفوق عدد كبير من الكائنات البحرية.

وبلغ عدد الآبار النفطية الكويتية التي فجرتها القوات العراقية الغازية قبل انسحابها 737 بئرا فيما بلغت خسارة الكويت ما بين 4 و 6 ملايين برميل نفط خام يوميا وقدرت الخسائر اليومية للبلاد وقتها بنحو 120 مليون دولار عدا الخسائر البيئية والصحية.

وتعددت الآثار السلبية لتلك الحرائق على المنشآت النفطية في مختلف مناطق البلاد مما تطلب مدة طويلة لإعادة تأهيلها فيما أثرت الخسائر المادية الناجمة عنها على الاقتصاد العالمي على مدار سبعة أشهر.

ولم تتوقف الآثار المدمرة لحرق الآبار عند حدود الكويت بل امتدت لتشمل عدة دول إذ وصل الدخان المنطلق من الآبار إلى البحرين والسعودية وقطر وإيران وسلطنة عمان ودول أخرى في وسط آسيا إضافة إلى هطول أمطار سوداء عليها محملة بالنفط والغاز.

ونال فريق الإطفاء الكويتي الذي تولى مهمة إطفاء الآبار تقدير الفرق الأجنبية المتخصصة والعالم بتحديه وإصراره ودوره البطولي إذ ساهم في إطفاء 41 بئرا بالرغم من أنه كان يعد فريقا قليل الخبرة والتجربة في هذا المجال فيما شارك أكثر من عشرة آلاف شخص موزعين على 27 فريقا من دول عدة في إطفاء الآبار.

وعقب تحرير الكويت انطلقت جهود عدد من الجهات المعنية لإعمار القطاع النفطي عن طريق إعداد لجان متخصصة لدراسة مدى الأضرار التي لحقت بمنشآت ذلك القطاع والحلول المناسبة لمعالجتها ومواجهة التحديات الأخرى الناجمة عنها فضلا عن تلبية احتياجات الأسواق العالمية من النفط الكويتي.

وتوافد إلى الكويت عدد كبير من العلماء والخبراء المختصين في شؤون البيئة لبحث تداعيات تلك الحرائق فيما أقيمت ندوات ومؤتمرات وحلقات نقاشية في دول عدة لمناقشة سبل إنقاذ البيئة ومعرفة الآثار المستقبلية لهذه الكارثة.

وكانت أولى الخطط لإعادة إعمار القطاع النفطي ومنشآته المتنوعة تتمثل في هدفين أساسيين الأول إطفاء الآبار في أقرب وقت ممكن والآخر تجهيز بعض الآبار للعودة إلى الإنتاج السريع وإصلاح بعض المنشآت السطحية.

وتضمنت جهود إطفاء الآبار التواصل مع نحو 30 شركة من الشركات العالمية المتخصصة في إعادة إعمار المنشآت النفطية من جراء الحرائق والعوامل الأخرى إذ تم اعتماد العديد من الشركات التي تمتلك خبرات مميزة في هذا المجال.

وبلغ عدد المعدات والعربات التي شاركت في عمليات إطفاء الآبار المحترقة 5800 قطعة بما يمثل ثاني أكبر أسطول معدات غير عسكرية في العالم وأكبر أسطول يتم تجميعه في مكان واحد.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.