الصحة: موجات الحر تستدعي رفع مستوى الوعي الوقائي وتعزيز المسؤولية في بيئة العمل الميداني

أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور عبدالله السند أن الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة الذي تشهده البلاد هذه الأيام يستدعي يقظة فردية ومجتمعية، واستعدادا مبنيا على أسس علمية وسلوكيات وقائية مدروسة، بما يضمن الحفاظ على السلامة العامة، خاصة للفئات الأكثر تعرضًا لتأثيرات الطقس الحار.
مخاطر صحية صامتة
وبيّن السند أن من أبرز الآثار الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة الإجهاد الحراري الذي يظهر في صورة تعب عام ودوخة ناتجة عن فقدان الجسم للسوائل والأملاح، وضربة الشمس التي تُعد من الحالات الطارئة الناتجة عن الارتفاع الحاد في حرارة الجسم وقد تصل إلى فقدان الوعي، إضافة إلى الجفاف الذي يصيب الإنسان عند نقص كمية السوائل، ويُسبب الصداع والإرهاق وجفاف الفم. كما أن الحرارة قد تُسهم في حدوث هبوط مفاجئ في ضغط الدم، خاصة لدى كبار السن والمرضى، فضلًا عن اضطراب الأملاح، الذي يختل فيه توازن الصوديوم والبوتاسيوم مما يؤثر على وظائف العضلات والأعصاب.
الخمول والإرهاق
وأفاد السند أن معظم حالات الإرهاق والخمول التي يعاني منها البعض هذه الأيام انعكاس مباشر لتأثيرات الحرارة الشديدة والجفاف على توازن الجسم ووظائفه الحيوية.
وأوضح السند أن هذه الأعراض لا تُعد نتيجة للكسل كما يُظَن، بل هي مؤشرات فسيولوجية لانخفاض حجم الدم المتدفق إلى الأعضاء بسبب فقدان السوائل عبر التعرق، مما يؤدي إلى نقص التروية للعضلات والدماغ، ويُسبب الشعور بالوهن والتعب الذهني والجسدي. وهي حالات يمكن تفاديها بالوقاية الصحيحة والاهتمام بترطيب الجسم وتعويض ما يفقده من سوائل وأملاح.
الوقاية
وأكد على أن الوقاية تبدأ بالبساطة والوعي، إذ يُنصح بشرب كمية كافية من الماء، تقدر بنحو 2.5 إلى 3 لترات من الماء يوميًا للبالغين، حتى دون الإحساس بالعطش، وذلك لتعويض الفقد المستمر للسوائل. كما يجب تجنّب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال فترة الذروة التي تمتد من الساعة الحادية عشرة صباحًا وحتى الرابعة عصرًا، وهي الفترة التي تسجل فيها أعلى معدلات الحرارة وخطر الإصابة بضربات الشمس. وأوضح أهمية ارتداء الملابس القطنية ذات الألوان الفاتحة التي تساعد على امتصاص العرق وتقلل من احتباس الحرارة، واستخدام القبعات أو المظلات الواقية عند التنقل في الخارج.
عادات يومية
وأضاف السند أن من المهم الابتعاد عن المشروبات المنبهة مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية، كونها مدرّة للبول وتُسهم في زيادة فقد السوائل، إلى جانب ضرورة تقليل تناول الأطعمة المالحة التي قد تُربك توازن السوائل والأملاح داخل الجسم. كما أشار إلى أن ممارسة رياضة المشي في المساء تُعد وسيلة صحية لتعويد الجسم تدريجيًا على الأجواء الحارة دون التعرّض لمخاطر الذروة، مع أهمية تأجيل التمارين الشاقة إلى ساعات الصباح الباكر أو ما بعد غروب الشمس.
تعزيز المسؤولية
وفي سياق متصل، أكد السند، أن تعزيز المسؤولية المهنية في بيئات العمل، لاسيما الميدانية منها، يتطلب التزاما بالإجراءات الوقائية التي تضمن سلامة العاملين في ظل موجات الحر، مشددا على أهمية تنظيم ساعات العمل بما يراعي تجنّب فترات الذروة الحرارية، وتوفير فترات راحة كافية في أماكن مظللة أو مكيفة، إضافة إلى ضمان توافر مياه الشرب الباردة بشكل مستمر، بما يُجسد بيئة عمل آمنة وصحية، ويعكس التزاما إنسانيا يليق بالعامل وجهده، فالعامل شريك في مسيرة البناء، وتقدير جهده لا يقف عند حدود الأجر، بل يظهر في صورة رعاية تليق بإنسانيته، وتعكس القيم الأخلاقية في بيئة العمل.
خط الدفاع الأول
وختم السند تصريحه بالتأكيد على أن الصحة لا تقتصر على عافية البدن، بل تقوم على وعي وسلوك ومسؤولية، «فلنكن جميعا على قدر هذه المسؤولية، ولنجعل من الوقاية سلوكا يوميا، ومن الرأفة منهجا في تعاملنا مع من يشاركوننا الميدان والعمل والعطاء».
المصدر: الراي