أكدت الباحثة الاقتصادية مؤلفة كتاب «مناخ 82» نادية الشراح أن الكويت بحاجة ماسة إلى ثقافة التوثيق الاقتصادي لحماية ذاكرتها المالية، مشيرةً إلى أن أزمة المناخ وما سبقها من محطات اقتصادية متقلبة شكلت ملامح مرحلة حساسة من تاريخ الأسواق المالية الكويتية.
وأوضحت الشراح، خلال جلسة نقاشية نظمها قسم الاقتصاد بكلية العلوم الإدارية، أمس، في جامعة الكويت بعنوان «التوثيق الاقتصادي»، أن تلك الفترات كانت تتسم بارتفاعات حادة في أسعار المال تلتها انهيارات مؤلمة، حتى وصلت إلى ما اعتبرته نهاية الأسواق المالية الحقيقية في البلاد، في وقت كانت فيه الهيئة الرقابية تتابع الأسواق وتضع ضوابط تنظيمية لمحاولة احتواء الأزمات.
ولفتت الشراح إلى أن فكرة كتابها «مناخ 82» صيغت بأسلوب قصصي توثيقي، يروي حكايات حقيقية لشخصيات خاضت تجربة سوق المناخ، موضحة أنها حرصت على إبراز اختلاف خلفياتهم العلمية والاجتماعية والمادية، وكيف قادتهم تلك الظروف المتباينة إلى المسار نفسه من المخاطرة والمغامرة المالية.
وتطرقت الشراح، خلال الجلسة، إلى أبرز الأمثلة التي وثقتها في دراستها لأزمة مناخ 82، مشيدة بموقف شخصيات قدّمت ما لديها من مستندات مالية، في مقابل بعض الشخصيات الأخرى ممن أخفوا أصولهم ومراكزهم المالية في الخارج، ولم يتعاملوا مع الأزمة بالشفافية ذاتها، الأمر الذي زاد من تعقيد عملية التوثيق التاريخي لتلك المرحلة.
«العمالة الوطنية»
وأضافت الشراح: «ما زلنا حتى الآن نعيش زمن المناخ، ونواجه أزمة اقتصادية، ونعتمد على مورد واحد وهو النفط»، مشيرة إلى ان «هناك خللاً واضحاً في العمالة الوطنية، وبالتالي نواجه مشكلة اخطر من زمن المناخ»، حيث إن «العقلية الإدارية لم تستفد مما حصل في السابق».
وتناولت بالتحليل الظروف المناخية المناسبة التي مهدت لأزمة المناخ، وتتمثل في ارتفاع أسعار النفط والنفقات العامة التي زادت من 338 ألف دينار حتى بلغت ملياري دينار خلال سبع سنوات، فضلا عن ضعف الرقابة الحكومية على سوق الأوراق المالية، والمضاربات على فرص استثمارية محدودة، بينما يتم تركيز التداول على أيدي كبار المستثمرين.
واعتبرت أن «الأزمة لم تكن مفاجئة، بل نتيجة تراكم أخطاء وتهاون في محاسبة المتسببين في أزمات 1973 و1976»، مؤكدة أن الدرس الأهم ليس كيف حدثت الأزمة، بل كيف نمنع تكرارها.
أبرز الشخصيات
وتطرقت الشراح إلى أبرز الشخصيات التي وثقتها في كتابها «مناخ 82»، مبينة أن من بين هذه النماذج زيد المطوع، وكان يملك مشروعا رابحا يدر عليه نحو 30 ألف دينار سنويا رغم أن رأسماله لم يكن يتجاوز 100 ألف دينار.
أما عن شخصية فاروق السلطان، فقالت إنه لم يكن يتوقع أن يجد نفسه يوما «جالسا في الكويت بعد أن كان كثير السفر»، غير أن منع السفر الذي فرض عليه آنذاك أتاح له فرصة فريدة للتعرف على المجتمع الكويتي عن قرب.
كما تناولت الشراح شخصية مشاري الجاسم، رحمه الله، التي وصفتها بأنها «شخصية عصامية من التجار التقليديين الذين بدأوا من الصفر»، لافتة إلى أن قصته أثارت تساؤلات حول ما الذي دفعه بحماسه الكبير إلى دخول سوق المضاربات، وهو ما جعلها حريصة على توثيق تجربته بتفاصيلها الواقعية.
المصدر: جريدة الجريدة