في حكم قضائي بارز، قضت محكمة التمييز الإدارية بعدم جواز قيام جهة الإدارة، ممثلة في وزارة التربية وهيئة التطبيقي، بالمساس بالحقوق المالية الخاصة بإحدى موظفات أحد المعاهد التابعة لإشراف الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والمتعلقة ببدل السكن. 

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أنه لا تسري أحكام القوانين وما في حكمها من القرارات الوزارية إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثرا فيما وقع قبلها، «فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضي لتطبيق القرار الوزاري الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التي ترتبت في الماضي على هذه العلاقات قبل العمل بالقرار الوزاري الجديد، بل يجب على القاضي عند بحثه هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القرار الوزاري الساري عند نشوئها وعند إنتاجها لهذه الآثار، فالأصل طبقا للقانون الطبيعي هو احترام الحقوق المكتسبة ولو كانت مستمدة من قرارات إدارية أو لا نحية أو فردية، فهذا ما تقتضيه العدالة ويستلزمه الصالح العام بغية استقرار المراكز القانونية، وأن مفاد نص المادة 179 من الدستور أن المساس بالمراكز القانونية والحقوق المكتسبة لا يكون إلا بقانون ينص على الأثر الرجعي». 

وبينت المحكمة قائلة: «ومن ثم فإن القرارات الإدارية تنظيمية كانت أو فردية لا تسري بحسب الأصل إلا على ما يقع من تاريخ صدورها، ولا يترتب عليها أي أثر فيما وقع قبلها، فإذا تضمن القرار الإداري انسحاب أثره على الماضي كان معيبا بمخالفة القانون والاعتداء الصارخ عليه عديم الأثر في خصوص رجعيته».

رفضت دعوى «التطبيقي» بطلب استرداد مبالغ من موظفة بشأن بدل السكن

ولفتت إلى أنه لما كان الثابت أن المطعون ضدها تشغل وظيفة أستاذ بالمعهد التابع للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وكانت قد تقدمت بطلب رعاية سكنية إلى المؤسسة العامة للرعاية السكنية، فقامت المؤسسة المذكورة بصرف بدل إيجار لها، كما صرفت لها جهة عملها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بدل سكن إلا أنها أوقفت صرف هذا البدل الأخير استنادا لصدور القرار الوزاري رقم ۱۷۱ لسنة ۲۰۲۰ والمعمول به اعتبارا من ۲۰۲۰/۱۱/۱ بتعديل المادة الثانية من القرار الوزاري رقم ۸۲ لسنة 2016 بشأن تعديل ضوابط منح بدل السكن وبدل التأثيث لأعضاء هيئة التدريس العاملين في المعاهد الفنية العليا، بأن اشترط فيها لمنح عضو هيئة التدريس بالمعاهد الفنية بدل السكن المطالب به ألا يكون العضو وزوجته أو زوجها قد تمتع بالرعاية السكنية بأي نوع من البدلات المخصصة لغرض الإيجار أو السكن أو الرعاية السكنية التي توفرها الدولة أو أي جهة أخرى. 

 

وبينت المحكمة أنه «ولما كان القرار الوزاري رقم ۱۷۱ لسنة ۲۰۲۰ فيما تضمنه من حظر صرف بدل السكن المقرر لأعضاء هيئة التدريس بالمعاهد الفنية العليا ممن يتمتعون بالرعايا السكنية بأي نوع من البدلات المخصصة لذلك اعتبارا من ۲۰۲۰/۱۱/۱  تاريخ العمل بالقرار المذكور دون أن ينسحب أثره على الماضي، إذ إن ذلك أمر محظور بنص الدستور، ومن ثم تطبيق هذا القرار بأثر رجعي عن المدة السابقة على القرار محظور بنص الدستور وعديم الأثر بشأن رجعيته في التطبيق على المطعون ضدها، مما يضحى معه مطالبة الجهة الإدارية لها بسداد بدل السكن المنصرف لها عن الفترة السابقة وقيامها بالخصم من راتبها اقتضاء لذلك على غير سند من القانون، مما يستوجب القضاء بعدم أحقية الجهة الإدارية الطاعنة في استرداد ما تم صرفه للمطعون ضدها من بدل السكن المقرر لأعضاء هيئة التدريس بالمعاهد الفنية العليا مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عدم الاعتداد بالقرار بالخصم من راتبها ووقف هذا الخصم وبراءة ذمة المطعون ضدها من هذه المبالغ المطالب بها عن الفترة المشار إليها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة ولو لأسباب مغايرة فإن المحكمة تؤيده فيما انتهى إليه في قضائه، اكتفاء بتصحيح التقريرات الخاطئة على الوجه سالف البيان».

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.