يوافق يوم 8 أغسطس 2025 الذكرى الثامنة والخمسين لتأسيس رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وهي منظمة إقليمية ديناميكية توحد 10 دول من جنوب شرق آسيا في مجتمع يبلغ تعداد سكانه 680 مليون نسمة. وفي سياق عالم سريع التغير، تم تأكيد رؤية «آسيان» وهويتها باستمرار والاعتراف بها على نطاق واسع، ليس فقط في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ولكن أيضاً في منطقة الخليج.

إن هوية «آسيان» لا تقتصر فقط على عرض الرموز مثل العلم المشترك، والنشيد والعادات، بل تتجسد جوهرياً في العديد من الأحداث والآليات الإقليمية والدولية التي صاغتها الرابطة بمشاركة القوى الكبرى في العالم، من خلال روح التماسك والتوافق، ومن خلال التطلع إلى التنمية السلمية والاستقرار والازدهار والديناميكية الدائمة على مدى العقود الماضية. فمن خمس دول مؤسسة فقط، نمت «آسيان» لتضم اليوم 10 دول أعضاء، وهي تستعد للترحيب بتيمور الشرقية العضو الـ11، شاهد حي على جاذبية واستدامة الرابطة. وقد كان نمو اقتصاد «آسيان» في السنوات الأخيرة إيجابياً إلى حد كبير رغم العديد من الصعوبات الحادة. وبشكل عام، تُصنّف الرابطة حالياً خامس أكبر اقتصاد في العالم. ووفقا لبنك التنمية الآسيوي، ويُقدّر أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي لـ «آسيان» إلى 5% في عام 2024، وقد يستمر بثبات عند هذا المعدل في عام 2025.

منذ انضمامها إلى الرابطة في عام 1995، وعلى مدى الثلاثين عاماً الماضية، كانت فيتنام عضواً نشيطاً في العديد من الأنشطة والمجالات، وقدمت مساهمات مهمة وبارزة خاصة أثناء توليها رئاسة «آسيان» (1998,2010 و2020)، مما ساهم في النجاحات العامة للرابطة، وجعل فيتنام تدريجياً ركيزة صلبة في الكتلة. حالياً، تقوم سفارة فيتنام في الكويت، والتي تتولى رئاسة لجنة «آسيان»، بتنفيذ العديد من المبادرات والأنشطة العملية لتعزيز صورة مجتمع الرابطة بشكل عام وتعميق العلاقات الودية بين الكويت وجميع دولها الأعضاء.

وفي سياق التحديات العالمية المتعددة، من تغيّر المناخ والأزمات الاقتصادية إلى النزاعات الجيوسياسية، أكدت «آسيان» أكثر فأكثر أهمية التنمية المستدامة والشاملة. لقد ارتبطت أولويات التنمية في الرابطة دائماً ببناء قدرة قوية على الصمود، وتعزيز الموارد الداخلية، وتقوية الترابط الإقليمي والتعاون الدولي العميق.

إن التضامن داخل الكتلة هو الأساس الجوهري الذي ساعدها على تجاوز العديد من التحديات والصعوبات، والحفاظ على الاستقرار والتعاون الإقليمي لنحو ستة عقود. وتتجلى هذه الروح بوضوح في إعلان بانكوك في 8 أغسطس 1967 الذي أسس «آسيان» ورفع راية التطلّع إلى السلام والازدهار المستدام للأجيال القادمة.

اليوم، وسّعت الرابطة بشكل متواصل وفعّال تعاونها مع المنظمات الدولية والدول، بما في ذلك الكويت. وقد شكّل انضمام الكويت رسمياً إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (TAC) في عام 2023 خطوة مهمة إلى الأمام، حيث فتحت فرصاً جديدة لتعزيز التعاون الثنائي. ومن خلال أنشطة التبادل الفردي وكذلك المنتديات المتعددة الأطراف، يعمل الجانبان معاً في مجالات واعدة مثل التجارة والاستثمار، وأمن الطاقة، والأمن الغذائي، والتبادل الثقافي، وتطوير السياحة.

وفي عام 2025، طرحت «آسيان» شعار «الشمولية والاستدامة» كرسالة وهدف رئيسي لها. وهذه فرصة أمام الكتلة كلها لتقييم مدى التقدم في تحقيق «رؤية مجتمع آسيان 2025»، وفي الوقت ذاته وضع استراتيجية طويلة الأمد نحو عام 2045.

وفي القمة السادسة والأربعين للرابطة التي عقدت في مايو 2025 في كوالالمبور، اعتمد قادتها رسمياً «رؤية مجتمع آسيان 2045» وهي وثيقة استراتيجية نحو مجتمع سياسي مترابط، واقتصاد متكامل بعمق، ومسؤولية اجتماعية عالية. وفي المكان نفسه أيضاً، عقدت «آسيان» قمتها الثانية مع مجلس التعاون الخليجي، مؤكدة التزامها بتعزيز التعاون بين الإقليمين، حيث لعبت الكويت، بصفتها الرئيس الحالي لمجلس التعاون الخليجي، دوراً محورياً في بناء جسر للمصالح المشتركة وخطة عمل عامة للفترة 20252030.

إن التضامن والتوافق القيم الجوهرية لـ «آسيان» هما الأساس العميق لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على مركزية الرابطة. وبهذه الروح، تواصل «آسيان» الترويج الفعّال للتعاون متعدد الأوجه مع الكويت ودول الخليج، والمساهمة معا في إرساء منطقة يسودها السلام والاستقرار والازدهار.

المصدر: جريدة الجريدة

شاركها.