المداومة على الطاعة بعد رمضان.. دروس وعبر من خطبة المسجد الحرام –

تُعد خطبة الجمعة في المسجد الحرام منبرًا لإرشاد المسلمين وتذكيرهم بأهمية الثبات على الطاعة والتقرب إلى الله في جميع الأوقات، وليس فقط خلال شهر رمضان، وقد شدد الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، في خطبته الأخيرة، على ضرورة استمرار الأعمال الصالحة بعد رمضان، مؤكدًا أن العبادة لا تنتهي بانقضاء الشهر الفضيل، بل هي نهج حياة مستمر.
الطاعة لا تنقطع بانتهاء رمضان
أكد الشيخ بندر بليلة أن مواسم الخير لا تنتهي، بل تتوالى الفرص الربانية على مدار العام، حيث كان رمضان محطةً للتزود بالإيمان والتقوى، لكن أبواب العبادات لا تزال مشرعة، فالصلوات، والذكر، وقراءة القرآن، والصدقات، وصلة الأرحام كلها أعمال يمكن للمسلم أن يواصلها بعد رمضان ليحافظ على تقربه من الله.
وأضاف أن الإسلام يحث على الاستمرار في الطاعات وعدم الاقتصار على العبادة في مواسم معينة فقط، مستشهدًا بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سُئلت عن عمل النبي صل الله عليه وسلم فقالت:
“كان عمله ديمةً، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله ﷺ يستطيع” (رواه البخاري ومسلم).
فضل صيام الست من شوال
من بين العبادات التي شجّع عليها الخطيب بعد رمضان، صيام الست من شوال، حيث جاء في الحديث الصحيح عن النبي صل الله عليه وسلم :
“من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال، كان كصيام الدهر” (رواه مسلم).
وهذا يدل على أن صيام هذه الأيام يعادل أجر صيام السنة كاملة، وهو فرصة عظيمة لمواصلة الطاعة بعد انتهاء رمضان، سواء تم صيامها متتابعة أو متفرقة خلال شهر شوال.
الثبات على الطاعة والاستقامة
أوضح الشيخ بليلة أن من علامات قبول الأعمال في رمضان أن يستمر المسلم في الطاعة بعده، فمن وفقه الله إلى العبادة ثم ثبت عليها، فهذا دليل على صدق إيمانه. واستشهد بكلام ابن القيم رحمه الله الذي قال:
“في هذه الفترات التي تعرض للسالكين، يتبين الصادق من الكاذب؛ فالصادق ينتظر الفرج ولا ييأس من روح الله، في حين أن الكاذب ينقلب على عقبيه.”
وهذا يعني أن الاختبار الحقيقي للإيمان يكون بعد رمضان، فالمؤمن الصادق يستمر في الطاعات، بينما قد يتراجع البعض عنها بعد انقضاء الشهر الفضيل.
الدعاء وسيلة الثبات على الطاعة
أشار الخطيب إلى أهمية الدعاء كوسيلة للثبات على الطاعة، فقد كان النبي صل الله عليه وسلم كثيرًا ما يدعو قائلاً:
- “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”، وعندما سُئل عن سبب كثرة هذا الدعاء، قال:
- “إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء” (رواه الترمذي وأحمد).