مشكلة السودان الحقيقية التي تعطله منذ عقود

محمد يوسف محمد
السودان بلد غني بالثروات والمياه والاراضي الخصبة والثروة الحيوانية لكنه من افقر الدول الأفريقية فما هو السبب الحقيقي ومن يتحمل المسؤلية؟
في البداية لابد أن نحلل الشخصية السودانية فنحن نعاني من خلل في نظرتنا للامور تجعل ردود افعالنا تجاهها خاطئة بشكل دائم، فنحن بالرغم من ما ندعيه من كرم وأخلاق ولكن لا نتعامل بوضوح وصدق ونحاول إدعاء الذكاء بينما من أساسيات الأخلاق الحسنة الوضوح والصدق في التعامل مع الآخرين ولكن نحن نعتبر الوضوح والصدق سذاجة مع الأسف بينما الدين الذي يدين به عامة الناس يعرف المنافق بانه من اذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أتمن خان!!
ولو جلست بجوار اي شخص لعدة ساعات ستجد أنه مارس الكذب كثيراً طوال اليوم في عمله واقواله فمثلاً هناك من تقول له انت وعدتني بأن تفعل كذا ولم تفعله ويكون رده بأن يقول لك سوف افعله لك غداً ويجدد وعده الكاذب وعندما تستدير وتعطيه ظهرك وتنصرف يقول لمن حوله (ده زول ما عنده موضوع وانا ما فاضي ليهو) وهذا التصرف تجده عند الكثيرين يعدك بأشياء وهو لا ينوي فعلها من الاساس ويعتقد أنه ذكي بهذا التصرف الذي يجعله في ذمرة المنافقين!! وإذا واجهت من يمارسون هذا النفاق سيكون المبرر حسب تعبيره انه لا يريد إحراج الطرف الآخر بقول الحقيقة ويعتقد انه بممارسة الكذب هذا هو يرد عليك بدبلوماسية رداً جميلاً.
بينما نجد ان الأوروبيون الذين لايدين معظمهم بالدين الإسلامي يتعاملون بصدق ووضوح لهذا نحن عندما نجد شخص واضح في تعامله لا يمارس اللف والدوران يعتبر حالة شاذة في المجتمع ونقول هذا انجليزي!! بينما نحن المسلمون أولي بهذا الوضوح والصدق ونحن الذين ندعي اننا أفضل الشعوب أولى بالوضوح والصدق.
وهذا النمط من التفكير الغريب واللف والدوران هو ما أدخلنا في هذه الدوامة التي دمرت البلاد وقتلت العباد.
نحن دخلنا في هذه الحرب الآثمة لأننا لانريد رؤية الحقائق ولا نريد الصدق مع الله ومع انفسنا ولا نريد الاستفادة من تجارب الآخرين وفي لقاء مع سياسي سوداني في قناة فضائية قبل الحرب قال المذيع للسياسي السوداني من الحكمة أن يخشى السودانيون الوقوع ضحية الحرب الأهلية مثل ليبيا واليمن والصومال وغيرها فقال له السياسي السوداني إن السودانيون لا يشبهون باقي الشعوب ولن يقعوا في الحرب الاهلية!! وهذا القول يكشف مدي قصر نظر هذا السياسي فالسودانيون اول من وقع في الحرب الأهلية قبل بقية الدول والحرب الأهلية فصلت الجنوب وكانت دائرة في دارفور وقت إذاعة هذا اللقاء!! ولأن الرأي العام عندنا يحب الجهلاء والتجهيل والكذب فقد صفق له الكثيرين ونال هذا السياسي شعبيه كبيرة بسبب هذا الرد الذي أثبتت الأيام ضعف بصره وبصيرته وجهله بابسط الأمور ولأنه جاهل فقد تم تعيينه بعدها وزيراً مكافأة على جعله!! نعم لقد إكتسب شعبيه بهذا الجهل رفعته لمقام الوزارة فنحن من نريد هذه النوعية من الناس الذين يمارسون الكذب علينا وينهبون أموالنا وننفر ممن يصدقنا القول ويواجهنا بالحقائق.. فالمشكلة بداخلنا نحن من لا نحسن الإختيار ويمارس هذا الخلل صغيرنا وكبيرنا في كل مكان .. جميعنا نرفض الصدق ونحب اللف والدوران.
وقد قال نائب رئيس السيادة في مؤتمر الخدمة المدنية في بورتسودان قبل يومين : (هناك أولاد مع الوزراء تملكوا شقق في القاهرة وتركيا وأراضي في بورتسودان..) فهل عرفت أين هي المعضلة؟
إذن الخلل مركب من الأعلى الى الأسفل بشهادة نائب رئيس مجلس السيادة، ولا حظ أن هذا الخلل يحدث في فترة حرجة للغاية يموت فيها الناس ويدمر الوطن وهي فترة الحرب حيث الغالبية من الشعب تتضور جوعاً وفقراً وآخرين يعيشون على المساعدات الإنسانية سواء من زويهم أو من المنظمات العالمية في الوقت الذي يأكل فيه المسؤلين الكبار وحاشيتهم أموال الشعب بشهادة هرم السلطة بينما يقدم آخرون دمهم وأموالهم.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة