وتتفق الآراء على أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت لاعبًا أساسيًا في صناعة الرأي العام بالأردن، لكنها في الوقت نفسه تفرض مسؤولية كبيرة على المؤسسات الإعلامية لتطوير أدواتها، وعلى الجمهور لرفع مستوى الوعي الرقمي.
ويخلص الخبراء إلى أن مستقبل الإعلام يعتمد على التوازن بين السرعة والدقة، وعلى بناء علاقة ثقة بين الصحفي والجمهور في عالم رقمي سريع التغيّر.
وحذّروا من تداول المعلومات ونقلها بين الأفراد دون تحرّي الدقة والمصداقية حفاظًا على الأمن المعلوماتي للمجتمع، وعدم انتشار الشائعة التي أصبحت تؤثر بشكل سلبي على الجميع.
وفي هذا السياق يقول خبير الإعلام الرقمي والسينمائي أحمد عياش، إن وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت ثورة في نقل المعلومة، إذ أصبح بإمكان أي شخص نشر خبر ليصل إلى عشرات الآلاف خلال دقائق، لكنه يحذّر من أن “هذه السرعة ترافقها مخاطرة كبيرة تتمثّل في غياب التحقق من صحة المحتوى، خصوصًا عندما يعتمد الجمهور على مصادر مجهولة أو صفحات غير رسمية”.
ويضيف عياش: “المشكلة ليست في التكنولوجيا ذاتها، بل في ضعف مهارات التحقق لدى المستخدمين، واعتماد البعض على الإشاعة بدل الخبر المؤكّد، مما يخلق حالة من الفوضى المعلوماتية.”
من جانبها، ترى الأكاديمية في الاتصال الجماهيري أسيل مريان، أن وسائل التواصل الاجتماعي غيّرت علاقة الجمهور بالأخبار، إذ لم يعد المتلقي ينتظر بيانًا رسميًا أو نشرة أخبار تقليدية.
وأوضحت مريان أن الجمهور اليوم يتفاعل ويفنّد ويشارك، وهذا إيجابي من حيث المشاركة المجتمعية، لكنه يضع المؤسسات الإعلامية أمام تحدٍّ كبير للحفاظ على دقة الخبر وسط السباق على كسب التفاعل.
وتشير مريان إلى أن بعض الصفحات تسعى للانتشار على حساب المهنية، مستفيدة من سرعة الجمهور في إعادة النشر دون التحقق. وأشارت إلى أن هناك خلطًا بين الإعلام والمحتوى، وبين الصحفي وصانع المحتوى، وهذا يحتاج إلى تنظيم وتشريعات تحمي الجمهور.
أما الدكتور محمود فريد المتخصص في المحتوى الرقمي والجماهيري، فيؤكّد أن المنصات أصبحت بيئة خصبة للشائعات، خصوصًا أثناء الأزمات.
وأضاف: “إننا اليوم أمام ظاهرة اسمها التضخيم الرقمي، حيث تنتشر الأخبار الكاذبة أسرع من الأخبار الدقيقة، بسبب طبيعة الخوارزميات التي تفضّل المحتوى الأكثر إثارة”، لافتًا إلى أن الحل يكمن في “تعزيز التربية الإعلامية والمعلوماتية في المدارس والجامعات، وتشجيع الجمهور على الرجوع إلى المصادر الموثوقة قبل التفاعل مع أي خبر”.
