أنهت دراسة جديدة الجدل حول أصل منطقة عملاقة غامضة من المياه العذبة الباردة تم اكتشافها في المحيط الأطلسي، جنوب غرينلاند.اضافة اعلان

وتُعرف المنطقة باسم “ثقب شمال الأطلسي الدافئ” رغم برودتها، وقد حيّرت العلماء لسنوات. فبينما سجّلت المحيطات حول العالم ارتفاعًا مستمرًا في درجات الحرارة خلال القرن الماضي، شهدت هذه المنطقة انخفاضًا ملحوظًا بلغ 0.3 درجة مئوية، الأمر الذي حيّر العلماء لسنوات طويلة.

ويعزو فريق البحث هذا التبريد غير المألوف إلى تباطؤ في نظام تيارات المحيط المعروف باسم “دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي” (AMOC)، والذي يُعد أحد الأنظمة الرئيسية المنظِّمة للمناخ العالمي.

ويشرح ديفيد ثورنالي، الخبير في علم المحيطات القديمة بجامعة كوليدج لندن، أن هذا التباطؤ يمثل “إضعافًا لعنصر حاسم في النظام المناخي”، ما قد تكون له تداعيات واسعة النطاق على أنماط الطقس العالمية.

واعتمدت الدراسة المنشورة في مجلة Communications Earth and Environment على تحليل دقيق لبيانات درجة الحرارة والملوحة في المحيط الأطلسي، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسرعة التيارات المائية.

ولتعويض ندرة البيانات المباشرة عن التيارات المحيطية، التي لا تتجاوز عشرين عامًا، استعان الفريق البحثي بـ99 نموذجًا محيطيًا مختلفًا لإعادة بناء أنماط حركة التيارات خلال القرن الماضي.

وقد أظهرت النتائج تطابقًا واضحًا بين النماذج التي تضمّنت تباطؤ التيارات الأطلسية والتبريد الملاحظ في المنطقة.

ويؤكد كاييوان لي، عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد وأحد المشاركين في الدراسة، أن “هذه العلاقة قوية جدًا”، ما يعزّز مصداقية النتائج.

ولا تقتصر أهمية هذه الاكتشافات على حل اللغز العلمي فحسب، بل تمتد إلى تحسين نماذج التنبؤ المناخي، حيث يؤثر نظام “دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي” والظاهرة الشاذة المرتبطة به بشكل مباشر على أنماط الطقس في أوروبا، بما في ذلك توزيع الأمطار وحركة الرياح.

ومن ناحية أخرى، يثير تباطؤ التيارات المحيطية مخاوف جدّية حول تأثيره السلبي على النظم البيئية البحرية، حيث تلعب درجة حرارة المياه ومستويات الملوحة دورًا حاسمًا في تحديد ملاءمة البيئة للكائنات البحرية.

كما يظل احتمال انهيار نظام “دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي” تمامًا مصدر قلق كبير للمجتمع العلمي، حيث تشير التقديرات إلى أن التيار قد يفقد 20% على الأقل من قوّته بحلول نهاية القرن الحالي.

ويوضح نيكولاس فوكال، عالم المحيطات بجامعة جورجيا، أن النقاش العلمي لم يعد يدور حول احتمال حدوث هذا التباطؤ، بل حول “مدى شدّته وتوقيته، وإمكانية تكيف النظم البيئية والمجتمعات البشرية مع آثاره”.

وتكشف هذه الدراسة عن التفاعل المعقّد بين أنظمة المحيطات والمناخ، مؤكدة على الحاجة الملحّة لتعميق فهمنا لهذه العلاقات الحيوية في ظل التغير المناخي المتسارع.

روسيا اليوم 

شاركها.