ماكرون يزور جرحى فلسطينيين في العريش: غزة تحت الحصار وليست مشروعاً عقارياً

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه لا يمكن الحديث عن قطاع غزة الذي يعيش فيه مليونا شخص “محاصرين” على أنه “مشروع عقاري”. وجاءت تصريحات ماكرون، اليوم الثلاثاء، أثناء زيارته لمصر التي أعلن فيها عن دعمه للخطة العربية لإعادة إعمار غزة، كما قام بزيارة مستشفى العريش في سيناء والتقى ببعض المرضى والجرحى من قطاع غزة الذين يخضعون للعلاج فيه.
وقال ماكرون: “حين نتحدث عن غزة نحن نتحدث عن مليوني شخص محاصر… بعد أشهر من القصف والحرب”، مضيفاً: “لا يمكننا محو التاريخ والجغرافيا. لو كان الأمر ببساطة مشروعاً عقارياً أو استحواذاً على أراضٍ… لما كانت الحرب اندلعت من الأساس” في إشارة لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن القيام باستثمارات عقارية أميركية في القطاع بعد ترحيل أهله.
وزار ماكرون، اليوم الثلاثاء، مستشفى العريش بشمال شبه جزيرة سيناء المصرية، على بعد 50 كيلومتراً من معبر رفح مع قطاع غزة، في اليوم الثاني من زيارته لمصر التي ركز فيها على الحرب الإسرائيلية، المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على قطاع غزة. والتقى ماكرون بعدد من المرضى والجرحى الفلسطينيين والطواقم الطبية والإغاثية في مستشفى العريش.
وتعتبر مدينة العريش المطلة على البحر المتوسط القاعدة الخلفية للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة والتي تمنع إسرائيل دخولها منذ بداية مارس/آذار الماضي. وزار ماكرون فلسطينيين رفقة نظيره المصري عبد الفتاح السيسي الذي حمل وروداً بيضاء للمرضى الذين يتلقون العلاج بالمستشفى القريب من قطاع غزة. وكان ماكرون قد شكر السيسي، في مؤتمر صحافي، أمس الاثنين “على استقبالكم لنا في العريش… في هذا الموقع المتقدم لدعم المدنيين في غزة”.
وزار ماكرون مخازن الهلال الأحمر المصري في العريش، التي تضم مساعدات موجهة لقطاع غزة، ووصف مدينة العريش بأنها “ترمز للدعم الإنساني للمدنيين في غزة”. وحذر مصدر إغاثي فرنسي من أنّ الدواء سينفذ من قطاع غزة خلال أسبوع، مشيراً إلى أن القطاع لم تدخله أي مساعدات منذ شهر. وقال مصدر إغاثي فرنسي آخر لوكالة فرانس برس إنّ سعر المياه ارتفع كثيراً في القطاع، معتبراً أن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية ورقة ضغط في المفاوضات مع حركة حماس.
كما دان ماكرون استهداف طواقم الإغاثة والعاملين في القطاع الإنساني في غزة، بعد أسبوعين من استشهاد 15 مسعفاً في رفح جنوبي القطاع بنيران إسرائيلية، وقال: “ندين هذه الهجمات بشدة، ويجب كشف الحقيقة كاملة” بشأن ما تعرض له المسعفون. وكان 15 شخصاً استشهدوا في هجوم إسرائيلي على طواقم إسعاف في مدينة رفح الواقعة على الحدود مع مصر، في 23 مارس/آذار الماضي، بحسب الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني. وأثار الهجوم انتقادات دولية دفعت رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي لطلب تحقيق “معمق” في الحادث.
ماكرون يؤيد الخطة العربية
وعقب قمة ثلاثية جمعت، أمس الاثنين، ماكرون والسيسي وملك الأردن عبد الله الثاني أكد الزعماء الثلاثة أنّ “حماية المدنيين وعمال الإغاثة الإنسانية وضمان إمكانية إيصال المساعدات بالكامل التزامات يجب تنفيذها بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”. ودعوا في بيان مشترك إلى “عودة فورية لوقف إطلاق النار لحماية الفلسطينيين وضمان تلقيهم المساعدات الطارئة الإنسانية بشكل فوري وكامل”.
وخلال اجتماعهم في القاهرة، أجرى السيسي وعبد الله الثاني وماكرون مكالمة هاتفية مع ترامب ناقشوا فيها التطورات في غزة، في اليوم ذاته الذي استقبل فيه الأخير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. وأكد ماكرون في مؤتمره الصحافي مع السيسي، أمس الاثنين، رفضه التهجير القسري لسكان غزة ودعمه للخطة العربية لإعادة إعمار القطاع الفلسطيني.
وحيّا ماكرون “الجهود الثابتة التي تبذلها مصر من أجل وقف إطلاق النار”، مجدداً تأييده للخطة العربية لإعادة إعمار غزة التي صاغتها مصر وتبنتها الجامعة العربية في مارس بمواجهة مقترح ترامب بضخ استثمارات لتحويل قطاع غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” مع إعادة توطين سكانه في دول الجوار مثل مصر والأردن.
وقال السيسي الاثنين “توافقنا على رفض أي دعوات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم”. وشدد ماكرون كذلك على أنه ينبغي ألّا يكون لحركة حماس دور في حكم قطاع غزة “وألا تستمر الحركة في تشكيل تهديد لإسرائيل”. وجاء في البيان الثلاثي المشترك لماكرون والسيسي وعبد الله الثاني أن “الحوكمة والحفاظ على النظام والأمن في غزة، وكذلك في جميع الأراضي الفلسطينية، يجب أن تكون حصراً تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية الممكّنة بدعم إقليمي ودولي قوي”.