آخر تحديث:

 بغداد/ شبكة أخبار العراق أكد الخبير في الشؤون المائية رمضان حمزة ،الثلاثاء، أن “تركيا لم تطلق إمدادات مائية كافية وتماطلت في الكميات، وما أشيع عن زيادة الإطلاقات لم يكن حقيقة”. وقال حمزة في تصريح صحفي،ان سبب الازمة المائية  في العراق تتحملها حكومة السوداني الفاشلة، وأضاف، أن الوعود التركية لم تتحول إلى التزامات فعلية على الأرض، وهو ما يعزز القناعة بأن العراق يتعامل مع ملف تفاوضي أكثر منه مع تدفقات طبيعية. مراقبون يربطون بين هذا “التماطل” وبين تزايد الأزمات الاجتماعية التي تضغط على الداخل العراقي.ويضيف حمزة أن “تركيا تستمر بابتزاز الجانب العراقي لغرض دعم الشركات التركية وضخ كميات إضافية من النفط العراقي إلى أنبوب جيهان التركي”. هذه الإشارة تكشف تشابك الماء بالطاقة والتجارة، حيث يغدو الحديث عن الإطلاقات المائية جزءًا من مساومات اقتصادية أشمل. مختصون يلاحظون أن الربط بين الماء والنفط يعكس انتقال الملف من كونه أزمة موارد إلى كونه ورقة ضغط سياسياقتصادي تستثمرها أنقرة بما يتجاوز البعد الفني.

وحين يشير حمزة إلى أن “لا يوجد يوم أخير لهذه الإطلاقات”، فإنه يلمح إلى فراغ قانوني قديم يعاني منه العراق. فالعلاقة المائية مع تركيا لم تؤطَّر بمعاهدة شاملة وملزمة، بل اعتمدت على بروتوكولات مؤقتة لم تشمل دجلة بشكل مباشر. هذا الغياب لاتفاق ملزم، كما يوضح محللون، يترك الإطلاقات عرضة للقرار السياسي التركي، ويحوّلها إلى وسيلة ضغط ظرفية. ومع اكتمال مشروعات مثل سد إليسو وتوسع السدود التركية، تقلّصت قدرة العراق على المناورة، وأعيدت صياغة جداول الزراعة والطاقة داخليًا.ويربط حمزة مستقبل الأشهر المقبلة بـ”كميات الأمطار ومدى قوة الحكومة في التفاوض مع أنقرة لزيادة الإطلاقات”. هذا الربط يعكس هشاشة الموقف العراقي بين الطبيعة والسياسة؛ فمن جهة، ينتظر البلد ما تجود به السماء، ومن جهة أخرى، يفتقر إلى أدوات تفاوضية قوية تفرض التزامات على الجار التركي. مختصون يرون أن هذه الثنائية هي جوهر الأزمة: عجز داخلي وتبعية خارجية.الأزمة لا تتوقف عند حدود الاقتصاد والمجتمع، بل تتمدد إلى الأمن الداخلي.

تراجع المياه وتقلص الموارد الزراعية يغذي النزاعات العشائرية حول الأرض والموارد، ويزيد من احتمالية اندلاع مواجهات مسلحة في المناطق الجنوبية. في الوقت نفسه، يشكّل النزوح الريفي ضغطًا على المدن المكتظة أصلًا، بما يحفز الاحتجاجات ويضاعف تحديات الاستقرار. محللون يحذرون من أن استمرار الجفاف وتباطؤ المعالجات الرسمية قد يحوّل أزمة المياه إلى شرارة توتر أمني أوسع، يهدد البنية الاجتماعية والسياسية للبلد.الوقائع التي أشار إليها حمزة عن “تماطل الإطلاقات” و”ابتزاز النفط” تكشف عن أزمة مركّبة: موارد مائية تتحكم بها هيدرولوجيا السدود في المنبع، وفراغ قانوني يزيد من مساحة التلاعب، وإدارة داخلية عراقية تعاني من بطء الإصلاح. الاستنتاج المتدرج هنا واضح: إن لم تنجح بغداد في تثبيت التزامات واضحة وملزمة، فسيبقى العراق أسير مواسم المطر وتقلبات السياسة، فيما يبقى السؤال: هل تستطيع الدولة تحويل الوعود إلى التزامات، أم أن المياه ستظل ورقة تفاوضية بيد أنقرة وطهران تتحكم بها وفق مصالحها؟

شاركها.