اخبار العراق

| حكومة جديدة في كركوك “المتنازعة” وسط انقسامات تتجه للقضاء


20240811
بعد أكثر من ثمانية أشهر على إجراء انتخابات مجلس محافظة كركوك، تم مساء السبت انتخاب ريبوار طه محافظاً عن حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني، وإبراهيم محمد الحافظ عن المكون العربي رئيساً للمجلس المحلي.

وتعتبر كركوك واحدة من أكثر المحافظات تعقيداً سياسياً وتنوعاً عرقياً في العراق، تُعرف المدينة بتنوعها السكاني، حيث تتعايش فيها قوميات عدة، أبرزها الكورد والعرب والتركمان، بالإضافة إلى أقلية مسيحية. هذا التنوع السكاني ينعكس بوضوح على المشهد السياسي وجعل من الانتخابات المحلية عملية معقدة وحساسة للغاية.

كما تتمتع المحافظة بموقع استراتيجي وثروات نفطية هائلة، مما يجعلها محط أنظار القوى السياسية المحلية والإقليمية. المحافظة كانت وما زالت محل نزاع بين الحكومة العراقية وإقليم كوردستان، وتعتبر من أبرز مناطق النزاع، وهذه التوترات تعكس نفسها في كل عملية انتخابية محلية، حيث تتباين أولويات ومواقف القوميات المختلفة حول قضايا الإدارة والسيطرة على الموارد.

وتعثرت في السنوات السابقة محاولات إجراء الانتخابات المحلية في كركوك، قبل أن يشمل نطاق اتفاق سياسي المحافظة بانتخابات المجالس في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2023، وأفضت لانتخاب 16 عضواً، حيث العرب بـ 6 مقاعد، وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني بـ 5 مقاعد، والحزب الديمقراطي الكوردستاني بمقعدين، والتركمان بمقعدين ايضاً بينما ذهب مقعد كوتا للمسيحيين.

وعقب الانتخابات فشلت القوى السياسية بالوصول إلى تسمية المحافظ ورئيس المجلس، مما دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تبني مبادرة سياسية أفضت لإجتماعات في بغداد انتهت باختيار الكابينة المحلية، ولكن بمقاطعة كتل رئيسية، وهي خطوة من شأنها أن تزيد التعقيد في المحافظة المتوترة.

اجتماع بغداد

انتخاب المحافظ جرى مساء السبت في اجتماع بفندق الرشيد ببغداد، حضره خمسة أعضاء من الاتحاد الوطني الكوردستاني، ومعهم عضو كتلة بابليون، ليصل العدد إلى ستة أعضاء. وقبل ذلك بساعات، أعلن أعضاء من الكتلة العربية مقاطعتهم لجلسة المجلس، إلا أن ثلاثة أعضاء عرب، هم رعد الصالح عن كتلة تقدم، وإبراهيم محمد حافظ عن كتلة السيادة، وظاهر العاصي، انضموا ليصبح عدد الحضور تسعة أعضاء. هذا الاجتماع عُقد في غياب أعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني (عضوين)، والجبهة التركمانية (عضوين)، وثلاثة أعضاء آخرين من العرب، هم راكان الجبوري، وأحمد الحمداني، وسلوة المفرجي.

تم التصويت على ريبوار طه كمحافظ لكركوك بستة أصوات، وهي نفس الأصوات التي حصل عليها إبراهيم محمد حافظ لمنصب رئيس المجلس، ليصبح هذا المجلس الثاني من نوعه بعد عام 2005.

تدوير المنصب

من جانبه قال مستشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، عن اتفاق بين مكونات كركوك على تدوير منصب المحافظ وتقاسم السلطة، في خطوة للحيلولة دون حل مجلس المحافظة.

وقال طورهان المفتي، إن “مكونات كركوك والكتل السياسية الفائزة في انتخابات مجلس المحافظة قد اتفقت على تشكيل حكومة توافقية مشتركة بين المكونات كافة”، مبينا أن “منصب المحافظ سيكون مدوراً بين الكتل الفائزة”.

وأكد أن “رئيس مجلس الوزراء يتبنى موقفاً محايداً وتوزع المناصب وفق الاستحقاقات، دون فرض قرارات من بغداد”

موقف أول للمحافظ

في أول تصريح له بعد انتخابه، أعلن محافظ كركوك الجديد، ريبوار طه، عن بدء مرحلة جديدة في كركوك تركز على تعزيز السلام والوئام والإعمار.

وأكد طه وهو قيادي في الاتحاد الوطني أن الأولويات ستشمل تعزيز الأمن وتحسين الخدمات وتأهيل البنى التحتية، مع الاهتمام بكافة القطاعات وتفعيل الموارد الغنية التي تتمتع بها كركوك من أجل تحسين حياة المواطنين.

وأشار إلى أن منصبه سيكون أداة لتحقيق السلم السياسي والاجتماعي وتعزيز التعايش المشترك بين جميع مكونات كركوك، مؤكداً أنه سيكون محافظاً للكورد والعرب والتركمان والمسيحيين وجميع شرائح المجتمع.

الديمقراطي يرد والتركمان يلجأون للقضاء وعرب يرفضون

من جهته، أكد رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، حسن مجيد، أن الكتلة لم تتلقَ أي دعوة رسمية لعقد اجتماع لمجلس محافظة كركوك، سواء في كركوك أو في بغداد.

وأضاف أن هناك إجراءات قانونية وإدارية يتم من خلالها العمل وإبلاغ الأعضاء بموعد ومكان الاجتماع، وهذا ما لم يحدث.

في المقابل، أعلن المتحدث باسم الجبهة التركمانية، محمد سمعان، أن “التركمان سيلجأون إلى القضاء للطعن في جلسة المجلس التي عُقدت دون مشاركة أو توافق معهم.” وأضاف: “سنطعن في آليات انعقاد الجلسة وما جرى خلالها، والقضاء سيكون الفيصل في ذلك.”

من جهته ذكر بيان صادر عن المجموعة العربية في مجلس محافظة كركوك أن “أعضاء المجموعة العربية في مجلس محافظة كركوك يرفضون أي جلسة لمجلس المحافظة لا تلبي الشروط القانونية الواردة في المادة 13 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، التي تنص على أن يتم تشكيل الحكومة المحلية في كركوك بتوافق ومشاركة جميع الكتل الفائزة عن مكونات المحافظة، وقرار مجلس المحافظة المصوت عليه من قبل جميع أعضائه في الجلسة الأولى للمجلس، والذي نص على توافق جميع المكونات قبل تشكيل الحكومة قبل عقد أي جلسة”.

وشدد على أن “أي عضو يخالف هذا الاتفاق يعتبر ناكثا لعهوده مع أعضاء المجموعة العربية والجماهير التي انتخبته، ومصادرة الأصوات الجماهير التي أوصلته لموقع المسؤولية للدفاع عن المكون العربي”.

الانتخابات في كركوك غالباً ما تكون أكثر تعقيداً مقارنة بباقي المحافظات العراقية. تعود هذه التعقيدات إلى عدة عوامل، منها التركيبة السكانية المتنوعة التي تفرض تحديات على أي عملية انتخابية. حيث تعمل الأحزاب الكوردية على تأكيد حضورها القوي في المدينة، بينما يعمل العرب والتركمان على تأمين تمثيلهم في رئاسة السلطة المحلية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *