اخبار العراق

| بعد استمرار مسلسل نفوقها.. هل ستنقرض اسماك العراق؟

أوفد مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فريقاً لزيارة أهوار ميسان للتحقق من نفوق الأسماك ووضع المعالجات.

وقال مصدر حكومي إن “مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أرسل فريقاً برئاسة مستشار شؤون الزراعة في هيئة المستشارين وعضوية وكلاء وزارة الزراعة والموارد المائية والجهات المختصة وبصحبة مدير مكتب منظمة الغذاء والزراعة الدولية FAO لزيارة الأهوار في ميسان وإجراء الفحوصات والتحقق من نفوق الأسماك ووضع المعالجات لمنع تكرارها في أماكن أخرى “.

فيما أعلنت مديرية زراعة ميسان، يوم الخميس الماضي، عن إجراءات حكومية للمحافظة على الثروة السمكية والحيوانيّة في الأهوار.

انخفاض مناسيب المياه

ولا تتوقف تداعيات التغير المناخي التي تضرب العراق عند حد، حيث باتت تهدد واحدة من أهم روافد الاقتصاد في بلاد الرافدين، وهي الثروة السمكية والتي يعتمد عليها الكثير من العراقيين في تأمين مصادر رزقهم عبر الصيد والبيع.

مدير زراعة المحافظة ماجد الساعدي، اكد إن “قضية النفوق التي تناولتها وسائل التواصل الاجتماعي في محافظة ميسان حدثت في منطقة الخير تحديداً بالقناة الرابعة المتفرعة من النهر”، مبيناً أن “النفوق كان غالبيته للإصبعيات التي أطلقتها مديرية زراعة ميسان ضمن برنامجها السنوي في تنمية وإكثار الثروة السمكية للمساعدة في استقرار سكان الأهوار وتوطينهم وإيجاد مصدر معيشي لهم”.

وخلال الأيام الماضية تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أنباءاً حول نفوق الأسماك في هور الحويزة مجرى الدوب، هو مجرى طبيعي يمتد بطول 12 كم وعمق المياه هي بين 2 إلى 3 أمتار وعرض بين 75 إلى 150 متر، ما دفع وزارة الموارد المائية لتشكيل فريق لإجراء الكشف الفوري من مدير الموارد المائية ومدير إدارة مشاريع أهوار ميسان وحضور ممثلي دائرتي البيئة والزراعة في المحافظة.

وأضاف الساعدي أن “مديرية الموارد المائية سارعت لإطلاق كمية واحد متر مكعب من الثانية للحد من حالات النفوق”، موضحاً، أن “سبب النفوق هو انخفاض مناسيب المياه الواصلة إلى الهور الذي أدى إلى انخفاض نسبة الأوكسجين المذاب في المياه وارتفاع نسبة الملوحة، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة التي أدت بدورها إلى النفوق السريع لهذه الأعداد الكبيرة من الأسماك”.

فيما سبق أن نبه خبراء زراعيون إلى أن انخفاض مستوى مياه الأهوار يرفع نسبة الملوحة فيها ويدمر بيئة الأسماك والماشية أيضا، كما يعزوا خبراء في وزارة الزراعة سبب الجفاف إلى انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات اللذين يزودان الأهوار بالمياه.

إلى ذلك طالب الساعدي وزارة الموارد المائية بـ”حصة ثابتة لمناطق الأهوار من الإطلاقات المائية بالحد الأدنى الذي تقرره الوزارة ليضمن معيشة الأسماك واستمرارها ومنع قضايا الهجرة لسكان الأهوار والتصحر”، لافتا إلى أنه “وفق المعلومات التي لدينا تم تضمين حصة الأهوار، ونتمنى أن تستمر هذه الحصة للمحافظة على الثروة السمكية والحيوانيّة وسكان الأهوار وتوطينهم”.

هجرة

وتزداد التحذيرات الرسمية والشعبية من مخاطر جفاف معظم مناطق الأهوار الجنوبية في العراق، وما ينجم عن ذلك من هجرة سكانها واندثار النظام البيئي والأحيائي هناك نتيجة الجفاف وضعف الإطلاقات المائية وانحسارها إلى مستويات غير مسبوقة.

وخلال السنوات الأربع الماضية، شهد العراق حالات جفاف شديد نتيجة قلة هطول الأمطار في فصل الشتاء، إلى جانب تأثير السياسات المائية التي اتبعتها كل من أنقرة وطهران بالنسبة لخفض تدفق حصص العراق المائية إلى أنهاره وأراضيه. وطبقاً للتقارير الأممية، فإن العراق من بين أوائل الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية.

حيث بدأت آخر أنواع الأسماك المتبقية للأهوار الخلابة في جنوب العراق، بالنفوق في كارثة بيئية سببها انقطاع المياه من الجانب التركي بالتزامن مع الصيف اللاهب وسط ظروف صعبة دفعت سكان الريف إلى الهجرة نحو مصادر المياه للحفاظ على حياة الثروة الحيوانية الشهيرة هناك.

وأعلن مدير منظمة الجبايش للسياحة البيئية في جنوب العراق، رعد الأسدي نفوق اعداد كبيرة من الاسماء في الأهوار الوسطى إثر انخفاض مناسيب المياه بشكل كارثي.

وأوضح الأسدي، في الفترة الأخيرة إثر انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وانعكاس ذلك على الأهوار الوسطى التي تتغذى من الفرات الذي قطعته تركيا بالكامل باتجاه العراق، لوحظ نفوق كميات كبيرة من الأسماك في مجرى أبو صوباك والسحاكي والكسرة وهي جزء مهم من الأهوار الوسطى والتي تعتبر عمق الأهوار.

وحذر قائلا ً: “للأسف الشديد نحن مقبلين على كارثة إذا لم يتم تدارك الأمور وتوفير حصة مائية كافية للأهوار قبل فوات الأوان”.

وبين الأسدي، الآن معدلات الملوحة أصبحت عالية جدا في الأهوار، والجفاف أصبح يسيطر على مساحات كبيرة منها.

وأكمل، أن الأسماك بدأت بالنفوق منذ أسبوع بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الملوحة وانخفاض مناسيب المياه، ويرجح نفوق المزيد من الأسماك والجاموس وباقي الحيوانات الأخرى إذا لم تحل المشكلة عاجلا.

وأختتم مدير منظمة الجبايش للسياحة البيئية في ذي قار جنوبي العراق، مشيرا ً إلى اختفاء عدد من الأسماك العراقية منها البني التي باتت أعدادها قليلة جدا في الأهوار، أما الكطان فقد انقرضت من الأهوار الوسطى، وحاليا بدأت أسماك الكارب والبلطي بالنفوق.

ومنذ سنوات، يحاول العراق الحصول على إطلاقات مائية أكبر من الأنهار التي تنبع من إيران وتركيا، لكن مشاريع السدود التي يقيمها البلدان على تلك الأنهار تسبب بانخفاض واردات العراق المائية بشكل كبير.

مسببات طبيعية وبشرية

فيما حذرت دائرتا بيئة الديوانية وميسان، في مطلع اب الجاري، من مخاطر اتساع ظاهرة نفوق الأسماك في هور الدلمج ونهر العز بناحية الخير ضمن الأهوار الوسطى.

وأفاد مدير الإعلام في بيئة الديوانية، صفاء جواد الشكري بأن فرقاً بيئية رصدت خلال زيارتها إلى عمود المصب العام في هور الدلمج قبل يومين، نفوق كمية كبيرة من الأسماك نتيجة ظروف طبيعية وبشرية.

وحذر من مخاطر اتساع رقعة النفوق على الثروة السمكية، خصوصاً أنها شملت أنواعاً كثيرة من الأسماك، مثل البني والشلق والسلفر والخشني وغيرها، داعياً إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الظاهرة التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة وملوحة المياه والصيد الجائر.

وفي ميسان، أوضح مدير بيئة المحافظة باسم محمد، أن تفرعات نهر العز بناحية الخير ضمن الأهوار الوسطى شهدت خلال الآونة الأخيرة نفوق ملايين الأسماك، نظرا لانخفاض الأوكسجين المذاب في الماء وارتفاع تراكيز الأملاح الذائبة والعناصر الأخرى، وزيادة درجات الحرارة وعمليات التفسخ المستمرة لأنواع أحيائية نافقة.

ولفت إلى تشكيل فريق فني مشترك بالتعاون بين وزارات البيئة والموارد المائية والزراعة، لمتابعة ظاهرة نفوق الأسماك والأحياء المائية المختلفة التي حدثت مؤخرا، مشيرا إلى أهمية رفد هذه الأنهار بالمياه نتيجة شحتها وتدني نوعيتها، مما يؤدي إلى فقدان خصائصها الكيميائية والفيزيائية.

وشهد العراق عام 2018، حادثة مماثلة وقعت في محافظة بابل عندما تفاجأ مربّو الأسماك بنفوق آلاف من أسماك “الكارب”، دون أن يتمكنوا من معرفة السبب، وقد رجّح بعضهم يومها وقوف فيروس أو مواد كمياوية خلف ما جرى.

وتمثل عدة أنواع من الأسماك، تعيش في المياه العراقية، موردا اقتصاديا وغذائيا مهما لسكان البلاد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *