من جملة التغييرات السلبية التي حصلت في بلدنا بعد سقوط النظام السابق هو ظاهرة تعدد العطل غير المبررة حتى بات العراق البلد الاكثر تعطيلا للدوام وصار تعطيل الرسمي للدولة يتم بين يوم واخر.
عدا يومي الجمعة والسبت، توجد في العراق نحو 15 عطلة رسمية معتمدة في التقويم الرسمي للحكومة، تبدأ من عيد رأس السنة الميلادية من كل عام في الأول من كانون الثاني، وتنتهي بعطل الاعياد وهذه غالباماتمتد أياما عدة.
فالعراقيون الان يتمتعون بنحو 150 يومًا من العطل الرسمية سنويًّا، حيث يكون أكثر من 30% من هذه العطل لمناسبات دينية مختلفة ومتعدّدة لكل الطوائف التي تضاعفت عطلها كثيرًا منذ عام 2003.
العدد الهائل في العطل الرسمية يُصيب المؤسسات الحكومية والتعليمية بالشلل، حيث تُعاني المؤسسات التعليمية والمدارس من عدم قدرتها على إكمال المناهج الدراسية، وما يتلقاه الطلاب خلال العام الدراسي يعد ضئيلا وغير كافٍ لتطويرهم.
فمشروع قانون تحديد أيام العطل الرسمية طرح أكثر من مرة على البرلمان ولكنه لم يشرّع وتم ترحيله من دورة إلى الدورة اللاحقة وهكذا.معظم العطل تاتي نتيجة مجاملات سياسية من الاحزاب او نتيجة تراخي مسؤولي الدولة وخاصة المحافظات مجاملة للناس هناك لاسباب بعضها طائفية او عرقية ،طمعا في اصواتهم الانتخابية في النهاية.
وفي بلد كالعراق اقتصاده الحقيقي ريعي والجوانب الاخرى معطّلة ولا يملك إلا مصدرًا واحدًا لتمويل موازناته التشغيلية هو النفط، فإن العطل الرسمية وغير الرسمية لا توثّر فيه حسب راي اهل الاقتصاد.
فكثرة أيّام العطل تُعطي للمجتمع صفة الكسل وهذا ما تُلاحظه من ميل العامل أو الموظف العراقي إلى الكسل نوعًا ما لأنه ليس لديه قيمة للوقت بسبب سلبية كثرة العطل التي تجعله متكاسلًا.
ولان نصف ايام السنة تقريبا عطلة، فحجم الخسائر المالية عن كل يوم عطلة تقدر بـ 140 مليون دولار” حسب بيانات رسمية تشير الى أن رواتب موظفي الدولة تكلف ميزانية الدولة قرابة 4.2 مليارات دولار في الشهر الواحد.
دراسة اقتصادية أُظهرت، أن التعطيل لمدة سبعة أيام يؤدي إلى خسارة 30 مليون دولارًا، فما بالك بـ 98 يومًا من العطل الرسمية بالطبع سيشهد البلد تدهورًا اقتصاديًا وعجز في ميزانية الدولة وهو مايحصل الان، فهذه العطل تؤدي إلى عرقلة الحركة التجارية والبطالة؛ فهناك الكثير ممن يعملون بأجور يومية فكل يوم عطلة يخسر هذا العامل قوت يومه، أما بالنسبة لموظف الدولة فلا يؤثر عليه الأمر لأن راتبه ثابت سواء في أيام الدوام والعطل، وهذا ما يؤثر بدوره على عرقلة سير الدولة وشؤون المواطنين ،فمعدل ساعات عمل الموظف بالعراق بنحو 17 دقيقة فقط .
وحسب احصائيات متوفرة، فأن 37% من اليد العاملة بالعراق تعمل في القطاع العام، وإذا ما كان عدد الموظفين الكلي 4.5 ملايين موظف، فإن مجموع اليد العاملة في العراق يزيد على 12 مليونا ،اي انه سيصل عدد الموظفين خلال هذا العام الى نحو 3ملايين موظف وهذا الامر
سيرفع قيمة رواتب الموظفين في الدولة العراقية من 42 ترليون دينار إلى 60 ترليون دينار سنويا!.
في السابق كنا نتندر على كثرة الاحتفالات غير المنطقية ايام النظام السابق من اسبوع القادسية الى يوم حصاد البردي الى شهر بسلامة «عويد» واسبوع المرور وميلاد «الطاغية» وغيرها، اما اليوم فبتنا ننام ونصحو على عطلة،فهناك عطل دينية واخرى سياسية ومنها مجتمعية فضلا عن عطل عند الاوبئة و الامراض والامطار والخسوف والكسوف.
ولن نستغرب ان نجد عطلا اخرى مستحدثة الفترة المقبلة، مثل ذكرى خطاب الحجي ويوم صلاة سيد فلان والزواج الثاني لمعالي الريس، بل وحتى «طهور» ابن الحرامي،ففي العراق كل شيء بات غيرالمعقول وخارج المألوف في ظل الفوضى اللاخلاقة .