05:06 م
الثلاثاء 24 يونيو 2025
الإسكندرية محمد البدري ومحمد عامر:
لم يكن يوم الامتحان الأخير كأي يوم بالنسبة للسيدة أمل، أو “أم هيثم” كما اعتاد طلاب كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية أن ينادوها بمحبة.
فبين جدران الكلية التي اعتادت السير فيها كل صباح، وجوه مألوفة تصطف أمامها، تصفق، تبتسم، وتقدّم لها باقة ورد؛ لحظة صادقة اختلط فيها العرفان بالمفاجأة، لتصنع مشهدًا لا يُنسى في قلب كل من عاشه أو شاهده.
ممر شرفي وتكريم غير متوقّع
في مشهد عفوي ودافئ، نظّم العشرات من طلاب الكلية ممرًا شرفيًا لـ”أم هيثم”، في آخر أيام الامتحانات، تقديرًا لما تمثّله من حضور دافئ ومحبة متبادلة امتدت طيلة العام الدراسي.
واصطف الطلاب في ممرين متقابلين داخل الحرم الجامعي، وصفقوا لها بحرارة وقدّموا لها باقة من الورود، في مشهد إنساني مؤثر استقبلته السيدة أمل بفرحة خالصة وابتسامة لم تفارق وجهها.
“دعيت لهم من قلبي.. وردّوا لي الدعوة بمحبة”
روت “أم هيثم” تفاصيل اللحظة قائلة: “ما كنتش متوقعة حاجة كده خالص، وفجأة لقيت الطالب بيقولي إن في ناس عايزاني تحت.. نزلت وأنا مستغربة، وفجأة لقيت الممر والطلبة بيصفقولي وبيهدوني ورد.. حسيت إني أم فعلًا ليهم، هما كلهم ولادي.”
وأضافت بتأثر: “كنت دايمًا بدعيلهم كل يوم إن ربنا يوفقهم، ويحقق لهم اللي بيتمنوه.. واللي حصل النهاردة حسّيت بيه في قلبي، كأنه جايزة العمر.”
عميد الكلية: نُخرّج الإنسان قبل المهندس
من جانبه علّق الدكتور وليد عبد العظيم، عميد كلية الهندسة جامعة الإسكندرية، على المبادرة قائلًا إن ما فعله الطلاب يُعد تعبيرًا عميقًا عن قيم الوفاء والإنسانية، مضيفًا: “الخير الذي يزرعه الإنسان يعود إليه، و’أم هيثم‘ زرعت المودة والإخلاص، فحصدت هذا المشهد الصادق.”
وأوضح أن السيدة أمل كانت تؤدي عملها بمحبة حقيقية، وأن تصرف الطلاب جاء دون علم مسبق من إدارة الكلية، مما يعكس عمق العلاقة الإنسانية التي تجمع بين أفراد المجتمع الجامعي.
وتابع عميد هندسة الإسكندرية: “هذه اللفتة ليست مجرد لحظة تكريم، بل تعبير صادق عن طبيعة الشعب المصري، في إحساسه بالآخر وتقديره له. فالكلية ليست فقط مكانًا للتعلّم، بل بيئة تُنبت جيلًا يملك قلبًا محبًا لوطنه ولمن حوله.”
الكلية مجتمع نابض بالمحبة
في نفس السياق أبدى العديد من الطلاب المشاركين في التكريم تقديرهم لـ”أم هيثم”، مؤكدين أنها لم تتوانَ يومًا عن معاملتهم كأبنائها، وأن دعاءها المستمر وتشجيعها لهم كانا جزءًا من رحلتهم الدراسية.
وأكدوا أن هذه المبادرة تمثل تجسيدًا نادرًا لقيم الإنسانية في بيئة أكاديمية، ورسالة بأن التقدير لا يحتاج لاحتفالات رسمية، بل يكفيه قلب صادق يعرف كيف يعبّر حين يحين وقت الامتنان.