ما لا يزال يُسمى بالربيع
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
أعلنت العاصمة القبرصية نيقوسيا يوم الثلاثاء آخر أبريل، أن الرئيس القبرصي سوف يزور لبنان يوم الخميس ٢ مايو، وأن رئيسة المفوضية الأوربية سوف تكون في رفقته، وأن الهدف هو تقديم حزمة مساعدات الى الحكومة في بيروت، وأن قيمة الحزمة مليار يورو يتم صرفه بدءاً من هذا العام الى عام ٢٠٢٧.
السؤال هو عما إذا كانت المساعدات المقصودة لوجه الله، أم أن لها أسباباً حركتها وأهدافاً تقف وراءها؟
طبعاً هناك أسباب وأهداف وراءها، لأن الإتحاد الأوربي الذي تُعتبر المفوضية ذراعه القوية ليس جمعية خيرية، كما أن قبرص الواقعة قبالة لبنان في البحر المتوسط ليست ناشطة في تقديم أفعال الخير على ما نسمع، ولذلك ، فهناك ما يجعل المسئولين الرفيعين في الإتحاد وفي قبرص يعبران البحر وصولاً الى بلاد الأرز على الشاطيء .
وليست الأسباب سوى الهجرات غير الشرعية التي تنهمر على الشاطيء الأوربي كما ينهمر المطر في الشتاء.. والاحصائيات القبرصية تقول أن ٢٠٠٠ سوري قصدوا الجزيرة القبرصية خلال الربع الأول من هذه السنة ، وأن العدد مرشح للإرتفاع ما لم يكن هناك اجراء .
والإجراء هو حزمة المساعدات التي جاءت رئيسة المفوضية تعرضها ومعها الرئيس القبرصي، وهي مساعدات قادمة كما نرى من الإتحاد كله، وليس من قبرص وحدها في حدودها، فالإتحاد لا يزال يرى أن ما يضر بلداً فيه يضره كله في الإجمال.
ويعرف مسئولو الإتحاد أن لبنان يستضيف الكثيرين من اللاجئين السوريين، وربما غير السوريين أيضاً، ولا يهدف من وراء مساعداته إلا الى أن يحتفظ لبنان بهم على أرضه، فلا يسمح لأحد منهم بالعبور الى شاطئ أوربا .. فإذا فعل ذلك فإن الثمن سيحصل عليه من خلال زيارة رئيسة المفوضية والرئيس ومن خلال ما بعدها.
والفكرة أن قضية الهجرة غير الشرعية صارت مؤرقة جداً للإتحاد بكل أعضائه، وهو على استعداد لتقديم كل ما يمكنه تقديمه لمنع وصول أي مهاجر غير شرعي الى حدود أي دولة من بين الدول الأعضاء.
ولا يفعل هذا مع لبنان وحده ، فلقد سبق وفعلها مع القاهرة عندما استقبلت خمسة من المسئولين الأوربيين، وفعلها من قبل مع تركيا فمنحها مساعدات ضخمة، وفعلها مع تونس فقدم لها ولا يزال يقدم، ولكنه يركز ربما على تونس ولبنان تحديداً، لقرب الأولى من الشواطئ الإيطالية، وقرب الثانية من الشواطئ القبرصية.
أوربا لم تعد مستعدة لقبول مهاجرين كما كانت من قبل، وصارت تختار الذين يهاجرون إليها، وفيما عداهم فإنها تغلق أمامهم كل طريق.. أما اللافت في الموضوع كله، فهو أن مثل هذا التوجه الأوربي لم يكن قائماً في مرحلة ما قبل ما يسمى بالربيع العربي، الذي لما جاء جرّ معه كل شيء سيء إلى المنطقة.