كتب : محمد شعبان
05:39 م
19/10/2025
في صباح هادئ بمدينة القاهرة الجديدة، تحول موقع للبناء في شارع تمر حنة بالتجمع الخامس إلى مسرحٍ لمأساة مفجعة. عمال خرجوا باكرًا، يحملون أدواتهم وابتسامات عادية، لم يتوقعوا أن اليوم سينتهي على وقع الصرخات وصوت الرمال وهي تبتلع اثنين من زملائهم.
الساعة كانت تقترب من الثانية عشرة ظهرًا، عندما تلقى قسم شرطة التجمع بلاغًا عاجلًا من داخل موقع نادي الجهاز المركزي للمحاسبات، والذي ما زال تحت الإنشاء. البلاغ كان قصيرًا وموجعًا في الوقت نفسه: “انهيار رملة على عدد من العمال.. ووجود جثتين أسفل الأنقاض.”
خلال دقائق معدودة، وصلت قوات الحماية المدنية إلى الموقع، تلتها سيارات الإسعاف، فيما بدأت أصوات صافرات النجدة تملأ المكان، تجذب أنظار المارة وسكان المنطقة.
عند الوصول، كانت الصورة صادمة: كومة ضخمة من الرمال غطّت مساحة العمل، والعمال يقفون في حالة ذهول، يحاولون بأيديهم قبل وصول المعدات إنقاذ من يمكن إنقاذه.
بدأت فرق الإنقاذ في التعامل السريع مع الكتلة الرملية التي انهارت بشكل مفاجئ داخل حفرة الحفر الخاصة بأعمال البنية التحتية للمبنى. وبينما كانت الجرافات ترفع الطبقات الثقيلة بحذر، خيّم الصمت على المكان، وكأن الجميع ينتظر لحظة الحقيقة.
بعد دقائق طويلة بدت وكأنها ساعات، ظهرت أولى العلامات يد بشرية بارزة من بين الرمال، تبعها جسد عامل شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره، كان قد فارق الحياة.
لم تمر لحظات حتى عُثر على الجثمان الثاني، زميله الذي لم يُسعفه الحظ أيضًا في النجاة. أحد العمال المكلومين قال بصوتٍ مرتجف: “كانوا بيشتغلوا جوه الحفرة.. فجأة الرمل نزل عليهم زي السيل، محدش لحق يعمل حاجة.” رجال الحماية المدنية أغلقوا الموقع بالكامل، وبدأت النيابة المعاينة الميدانية لتحديد أسباب الحادث.
التحريات الأولية تشير إلى أن الانهيار قد يكون بسبب ضعف تثبيت جوانب الحفر أو عدم اتخاذ إجراءات الأمان الكافية أثناء العمل، خصوصًا في منطقة يغلب عليها الطابع الرملي غير المستقر.
المشهد لم يكن سهلًا على أحد زملاء الضحايا التفوا حول سيارات الإسعاف وهم في حالة صدمة، وبعضهم جلس أرضًا يبكي في صمت.
العمال الذين اعتادوا مواجهة الخطر يوميًا وجدوا أنفسهم اليوم أمام خطرٍ لم يُمهلهم فرصة للهروب أو حتى الصراخ.