قانونك فى ايدك.. الدفع بشيوع الاتهام عند الاشتباه فى أكثر من شخص
يقدم اليوم السابع حلقات بعنوان “قانونك في ايدك”، ويناقش اليوم شيوع الاتهام الذى يعتبر مفهوم قانوني يقصد أن هناك أكثر من فاعل تدور حولهم شبهة ارتكاب الجريمة، ولكن لا يوجد دليل جازم يشير إلى أحدهم بشكل واضح فالجميع فى موضع الشبهة والشك، ويكون الفعل الحادث واضح انه من شخص واحد أو اثنين من المشتبه فيهم وليس منهم جميعا.
وعند الدفع بشيوع التهمة يتعدد المتهمين بفعل واحد أو بجريمة واحدة – ولأن لكل متهم الحق في الدفاع عن نفسه دفعًا للتهمة بصرف النظر عن مصير المتهمين الآخرين يكون الدفع بشيوع التهمة دفعًا هامًا وجوهريًا، والدفع بشيوع التهمة، هو وضع المحكمة أمام قدرها المحتوم بالبحث عن متهم واحد بين عدة متهمين قدمتهم النيابة العامة للمحاكمة، ولا مفر من أن تحدد المحكمة دور كل منهم فرادا وإلا بطل حكمها.
فتعدد المتهمين لا يحول دون محاكمتهم جميعًا، ولكن يشترط أن يحاكم كل منهم لفعل محدد آتاه، فلا يحاكم الشخص من أجل ذنب ارتكبه غيره وذلك وإعمالًا لمبدأ شخصيـة العقوبـة والذي يقتضي ألا يعاقب شخص إلا عن جريمة ارتكبها أو ساهم في ارتكابها فإن كل نفس بما كسبت رهينة، وأن كل متهم مسؤول عما اقترفت يداه والمسئولية الجنائية شخصية والإجرام لا يحتمل الاستيناب فى المحاكم.
ويجب على المحكمة إذا ما دفع أمامها بشيوع التهمة أن تحدد في الحكم الصادر منها – بالإدانة – الدور الذي قام به كل من المتهمين على حده العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.
ويقصد بشيوع الاتهام أنه طالما لم يحدد محدث الإصابة من المعتدين فيتم عقابهم بالقدر المتيقن من التعدى فى حق كل معتدى فعلى سبيل المثال، لو أن عشرة اشخاص تعدوا على شخص آخر، وأدى هذا التعدى إلى وفاة المتعدى عليه، وجاء بتقرير الطبيب الشرعى أن ضربة على رأسه هى التى أدت للوفاة، ولم تسفر التحقيقات عن معرفة محدث تلك الاصابة تحديدا والتى أدت إلى الوفاة فيكون القدر المتيقن فى حق كل معتدى من المعتدين العشرة هو ضرب أفضى إلى الموت، فيدفع بانتفاء رابطة السببية بين ما قام به المتهم ونتج من إصابات بالمجني عليه.
فالدفع بشيوع التهمة هو دفاع منبثق من قواعد المساهمة الجنائية، تلك الأخيرة التي يجب أن يحدد فيها دور كل شريك أو مساهم فيها تحديدا واضحا دقيقا جليا حتي يتحمل تبعات جرمه، فإن تعسر تحديد دور الشريك أو المساهم وأختلطت الأدوار مع بعضها البعض كنا أمام حالة من حالة الشيوع وهو دفاع موضوعي وليس قانوني، والغرض منه التشكيك في صحه إسناد أرتكاب الواقعة للمتهم، والشيوع حالة موضوعية واقعية تتجلى حال تداخل وتعدد أطراف الاتهام وهو دفاع موضوعي اسانيده واقعيه تستخلص من وقائع وظروف كل دعوى وهو دفع لا يستأهل ردا صريحا خاصا من المحكمة، وهو من الدفوع التي لاتخضع لرقابه محكمه النقض إلا اذا شاب عموم الحكم الابهام والغموض.
قواعد الدفع بشيوع الاتهام:
الأولى:
قاعدة موضوعية وهي أن العقوبة شخصية مما مؤداه أنه لا تجوز مساءلة الشخص جنائيا عن غير فعله “أو امتناعه“.
الثانية:
تتعلق بشق الاثبات و من هنا يبين دور قاعدة الاثبات و هي أن “الشك يفسر لصالح المتهم” فالدفع بشيوع الاتهام مؤداه عدم امكانية تحديد نسبة السلوك الذي أفضى لتحقق النتيجة لأحد المتهمين على وجه يقيني و بمعنى آخر أنه ليس بالامكان الجزم بأن السلوك الاجرامي لأحد المتهمين هو الذي تسبب في النتيجة الاجرامية بما يثور معه الاحتمال بأن يكون كل من المتهمين ليس لسلوكه أثر في تحقق النتيجه بما مؤداه أن الشيوع يفضي للشك في نسبة السلوك الاجرامي لمتهم بعينه فمن ثم لا تسوغ مساءلة المتهمين جميعا حتى لا يؤاخذ أحدهم بفعل غيره وبما يناقض مبدأ شخصية العقوبة.
كيف يستند إليها الدفع بشيوع الاتهام؟
الدفع بشيوع الاتهام مبنى على عدة قواعد قانونية تكفى لتشكيك المحكمة وهى القواعد التى أرستها محكمة النقض فى العديد من أحكامها الباته فإذا ما تعقبنا هذا الدفاع فإننا نجده يقوم على كل تلك القواعد القضائية وهذه القواعد هى:
الأولى: أن الاحكام الحنائية تبنى على الحزم واليقين.
الثانية: إن الشك حتما يفسر لصالح المتهم.
الثالثة: العقوبة شخصية ولا تتعدى مرتكبها.
الرابعة: حرية القاضى فى تكوين عقيدته بما يتفق مع الفطرة والمنطق.