08:20 م
الإثنين 25 أغسطس 2025
الإسكندرية محمد البدري ومحمد عامر:
تصوير: حازم جودة
مع بداية كل موسم صيف، تتجه أنظار آلاف المواطنين نحو شواطئ الإسكندرية، بحثًا عن لحظات سعيدة وهروبًا من حرارة الطقس، لكن خلف هذا المشهد الساحلي الجذاب، تختبئ مآسٍ متكررة، خاصة في القطاع الغربي من المدينة، حيث تتحول بعض الشواطئ إلى مصائد موت بفعل الطبيعة الجغرافية الخطرة، والسلوكيات الخاطئة.
وتُعرف هذه المواقع إعلاميًا بـ “شواطئ الموت”، نظرًا لتكرار حوادث الغرق الجماعي بها، والتي بلغت ذروتها في شاطئ النخيل عام 2020، ثم تكررت مؤخرًا في شاطئ أبو تلات، الذي شهد مصرع 7 طلاب وإصابة 28 آخرين في حادث مأساوي أعاد فتح الملف من جديد.
شواطئ الإسكندرية: شرق آمن.. وغرب مفتوح
تنقسم شواطئ الإسكندرية إلى قسمين متباينين في درجة الأمان، وهما:
شواطئ القطاع الشرقي: تمتد من أبو قير مرورًا بالمندرة وسيدي بشر وميامي وجليم، وصولًا إلى الأنفوشي ورأس التين، وتتميز هذه الشواطئ بدرجة حماية مرتفعة، بفضل مشروعات حواجز الأمواج التي تنفذها وزارة الموارد المائية والري بالتنسيق مع المحافظة، ما أدى إلى الحد من التيارات المائية وسهولة السباحة.
شواطئ القطاع الغربي: وتشمل مجموعة شواطئ العجمي، مثل النخيل، الهانوفيل وأبو تلات، وهي شواطئ مفتوحة بلا حواجز، تقع في بداية الساحل الشمالي، وتتميز بطبيعة جغرافية خطرة، وتيارات مائية شديدة تُعرف بالدوامات، ما يجعل السباحة فيها محفوفة بالمخاطر، خاصة لمن لا يجيدون السباحة في المياه العنيفة.
النخيل.. شاطئ الموت
يُعد شاطئ النخيل من أخطر شواطئ غرب الإسكندرية، وقد اشتهر بهذا اللقب بعد حادث غرق جماعي عام 2020 راح ضحيته 11 شخصًا، تبعه عدد من الحوادث المماثلة التي أُغلق على إثرها حتى أُعيد تشغيله من جديد بعد 3 سنوات من الإغلاق وفق ضوابط صارمة لزيادة معايير السلامة.
ورغم وجود ستة حواجز أمواج في عرض البحر، فإن تصميمها الذي اعتبره خبراء غير مدروس ساهم في خلق فتحات مائية تؤدي إلى اندفاع المياه ودوامات ساحبة.
ويوضح الدكتور رأفت حمزة، أستاذ مساعد بقسم تدريب الرياضات المائية بجامعة الإسكندرية، أن هذه الفتحات تخلق دوامات سحب قوية مع كل موجة تنسحب إلى عمق البحر، ما يؤدي إلى سحب الأشخاص الموجودين في تلك المنطقة، واحتجازهم إمّا خلف الحواجز أو داخل الكتل الصخرية، خاصة أن الحواجز خلقت ممرات ضيقة ومظلمة تحت سطح البحر، يصعب على فرق الإنقاذ الوصول إليها.
الهانوفيل.. منطقة ساحرة وبقعة خطيرة تُدعى “المقبرة”
يُعتبر شاطئ الهانوفيل من الشواطئ المفتوحة ذات الطبيعة الساحرة ونقطة جذب سياحي كبيرة بالقطاع الغربي، ورغم ذلك تضم مياهه مناطق خطرة للسباحة، منها منطقة تُعرف بين سكان العجمي بـ«المقبرة»، وهي منطقة مفتوحة بلا حواجز، وتتميز بتيارات مائية شديدة يصعب مقاومتها حتى من قبل السباحين المحترفين.
ويؤكد خبراء الإنقاذ أن هذه المنطقة تُعد من أصعب المواقع في عمليات التدخل السريع، نظرًا لطبيعة القاع المتفاوتة، ما يجعل النزول إليها مغامرة غير محسوبة العواقب.
أبو تلات.. دوامات مستمرة
تصدر شاطئ أبو تلات المشهد مؤخرًا بعد حادث غرق 7 طلاب وإصابة 28 آخرين، رغم حظر السباحة في ذلك اليوم بسبب ارتفاع الأمواج.
ويتميز هذا الشاطئ بوجود دوامات مائية مستمرة على مدار العام، ما يخلق تيارات ساحبة يصعب التنبؤ بها.
ويشير الدكتور محمد معوض، الباحث في علوم البحار، إلى أن تفاوت عمق القاع في هذه المنطقة يسمح بوجود تيارات عنيفة، ويمكن الاستدلال على ذلك من لون المياه الأزرق الغامق، الذي يدل على العمق الكبير، مقارنة بالمياه الفاتحة في الشواطئ الشرقية.
أسباب الخطورة بشواطئ غرب الإسكندرية
ويرى خبراء في علوم البحار أن هناك عدة أسباب تفسر خطورة شواطئ غرب الإسكندرية، منها غياب الحواجز البحرية أو سوء تصميمها، تفاوت عمق القاع البحري بشكل حاد، شدة التيارات والأمواج، التغيرات المناخية التي تؤثر على حركة المياه، فضلًا عن السلوك البشري واندفاع بعض المصطافين رغم التحذيرات.
وناشد خبراء الإنقاذ المواطنين بعدم النزول إلى الشواطئ غير المجهزة، خاصة خلال فترات الإغلاق أو ارتفاع الأمواج، مؤكدين أن شواطئ غرب الإسكندرية تظل مصدر جذب طبيعي وسياحي، لكنها تحتاج إلى تدخل عاجل يعيد التوازن بين الاستمتاع بها والسلامة العامة.