ساعة مشي على الجبال تكفي لاستكشافه.. “عين أمور” بالوادي الجديد للمغامرين فقط -صور
12:50 م
الخميس 23 يناير 2025
الوادي الجديد محمد الباريسي:
في عمق صحراء الوادي الجديد وبين الواحتين الشهيرتين، الخارجة والداخلة، يقع درب “عين أمور”، الذي يمثل أحد أبرز المواقع الأثرية في مصر، ويعكس تاريخًا عريقًا يمتد لآلاف السنين.
هذا الموقع الذي يعد شاهدًا على حضارات متعاقبة، يجذب اهتمام السياح من شتى أنحاء العالم، ليصبح أحد كنوز الوادي الجديد المخفية.
محطات تاريخية وموقع استراتيجي
“عين أمور” هو درب تاريخي كان يستخدم منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى القرن العشرين، لربط واحات الخارجة والداخلة، كما أوضح محمد إبراهيم، مدير عام الآثار المصرية بالخارجة.
وأضاف: “يقع الدرب في حضن هضبة أبو طرطور من الناحية الشمالية الشرقية، ويضم معبدًا أثريًا يعود للعصر الروماني مصنوعًا من الحجر الجيري، بجانب بقايا عين مياه كانت تستخدمها القوافل المارة للتزود بالماء”.
وأشار إبراهيم إلى أن الموقع يحتوي على نقوش ومخربشات باللغتين القبطية والعربية، ما يدل على الاستخدام المستمر لهذا الدرب عبر الأزمان، كما كانت هناك قلاع ونقاط حماية تخدم القوافل التجارية وتوفر الأمن للمسافرين.
رحلة علماء متحف المتروبوليتان إلى “عين أمور”
في مايو 1908، قام عالما المصريات هربرت وينلوك وآرثر جونز برحلة استكشافية عبر درب “عين أمور”. استغرقت الرحلة ثلاثة أسابيع باستخدام الجمال، وسجل خلالها العالمان النقوش الصخرية والمعابد الرومانية مثل معبد “دير الحجر” وعين أمور، إلى جانب مواقع أثرية أخرى مثل “إسنمت الخراب” و”أمهدة”.
وقد ساهمت هذه الرحلة في جذب انتباه علماء الآثار إلى المواقع الأثرية التي لم تكن قد نالت حظها من الدراسة آنذاك. وعلى الرغم من أن نتائج هذه البعثة لم تُنشر حتى عام 1936، إلا أنها فتحت الأبواب أمام بعثات أثرية لاحقة مثل البعثات الكندية والفرنسية التي استمرت في دراسة تلك المواقع حتى اليوم.
عين أمور: ملتقى القوافل وحصن التجارة
تقع منطقة “عين أمور” شمال غرب الخارجة على بُعد 80 كيلومترًا، وتعد واحدة من أهم القلاع الأمنية الواقعة على طريق التجارة القديم بين الخارجة والداخلة.
وأوضح محسن عبد المنعم، مدير فرع هيئة تنشيط السياحة بالوادي الجديد، أن المنطقة تضم شواهد أثرية تؤكد وجود إنسان ما قبل التاريخ، مثل النقوش والكتابات التي تحمل دلالات حضارية، وإن تعرض بعضها للمحو بسبب عوامل التعري والمناخ.
وتبعد المنطقة بحوالي 40 كيلومترًا عن منطقة أم الدبادب الأثرية و80 كيلومترًا عن منطقة اللبخة الأثرية، وتشكل مع هذه المناطق شبكة من الحصون والقلاع التي كانت تخدم طريق التجارة القديم.
صعوبات الوصول.. وتحديات السياحة
رغم الأهمية التاريخية والأثرية لمنطقة “عين أمور”، إلا أن الوصول إليها ليس بالأمر السهل، فالطريق المؤدي إليها يمر عبر كثبان رملية وعرة، ما يستلزم استخدام سيارات مجهزة خصيصًا لهذا الغرض، إلى جانب لياقة بدنية عالية للزوار الذين يحتاجون إلى السير لمدة ساعة على الجبال للوصول إلى الموقع.
وأكد عبد المنعم أن جهودًا تُبذل حاليًا لتنشيط السياحة في هذه المنطقة، بناءً على توجيهات المحافظ اللواء محمد الزملوط. وتعمل مكاتب السياحة بالمحافظة على وضع خطط استراتيجية لتطوير هذه المنطقة التي تحتضن أكثر من 120 موقعًا أثريًا و50 مزارًا سياحيًا، تشمل سياحة البيئة والمياه الكبريتية الساخنة والراليات والسياحة العلاجية.
معبد “أمور” وعين المياه التاريخية
أبرز معالم الموقع هو معبد “أمور”، الذي يتميز بنقوش وكتابات حجرية تعود إلى العصر الروماني، كما تحتوي المنطقة على عين مياه كانت تستخدم في الري وزراعة بعض المحاصيل، إضافة إلى بقايا زراعات قديمة وآثار لأنشطة زراعية كانت مزدهرة في العصور الماضية.
مستقبل عين أمور
أكد خالد حسن، مدير الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بالمحافظة، مع تزايد الاهتمام العالمي بالسياحة الأثرية والبيئية، يُتوقع أن تصبح منطقة “عين أمور” مقصدًا رئيسيًا للسياح الذين يبحثون عن مزيج فريد من التاريخ والطبيعة، وتعمل المحافظة والسياحة على تحسين البنية التحتية وتوفير وسائل وصول ميسرة، لجعل هذا الموقع أكثر جذبًا للزوار المحليين والأجانب.
يمثل درب “عين أمور” في الوادي الجديد نموذجًا حيًا للإرث الثقافي الغني الذي تمتلكه مصر، ورغم التحديات التي تواجه المنطقة، إلا أن الجهود المستمرة لتطويرها وتنشيط السياحة تعد بفتح آفاق جديدة لهذا الموقع الأثري الفريد.