05:15 ص
الجمعة 25 يوليه 2025
بعد 41 عامًا خلف القضبان، تستعد فرنسا للإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله، المعلم اللبناني الذي تحول إلى أيقونة لليسار النضالي الداعم للقضية الفلسطينية، في خطوة تنهي ما وصفه محاميه بأنه “أطول فترة اعتقال في العالم لشخص على خلفية أحداث مرتبطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، ومن المتوقع ترحيله فورًا إلى بيروت.
ورغم أن اسم جورج عبد الله (74 عامًا) قد تلاشى تدريجيًا من الذاكرة العامة، إلا أن قضيته ظلت محورًا مركزيًا للناشطين في اليسار الماركسي اللينيني، وهو التيار الذي لا يزال يعرّف نفسه به. وظلت صورته تزين لافتات المظاهرات اليسارية، بينما كان أنصاره يتجمعون سنويًا أمام سجنه في جبال البرانس للمطالبة بحريته، حتى إن ثلاث بلديات فرنسية يقودها اليسار منحته لقب “مواطن فخري”.
أُدين عبد الله في عام 1987 بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين في فرنسا، أحدهما أمريكي والآخر إسرائيلي. ورغم أنه كان مؤهلًا للإفراج المشروط منذ عام 1999، قوبلت طلباته المتكررة بالرفض، وهو ما أرجعه أنصاره إلى ضغوط سياسية مارستها الولايات المتحدة وإسرائيل على الحكومات الفرنسية المتعاقبة.
وفي مقابلة حديثة مع وكالة الأنباء الفرنسية من زنزانته، قال عبد الله إن تركيزه على “النضال” الفلسطيني هو ما حفظ له سلامة عقله، مضيفًا: “لولا ذلك… لكانت 40 عامًا كفيلة بتحويل عقلك إلى هباء”.
وُلد عبد الله عام 1951 لعائلة مسيحية في شمال لبنان، وشارك في أواخر السبعينيات في تأسيس الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية (LARF)، وهي جماعة ماركسية صغيرة كرست نشاطها لمواجهة إسرائيل وحليفتها الوثيقة الولايات المتحدة، في وقت كان لبنان غارقًا في حرب أهلية وشهد اجتياحين إسرائيليين عامي 1978 و1982.
نفذت المجموعة هجمات ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية في أوروبا، من بينها اغتيال الدبلوماسي الأمريكي تشارلز راي في ستراسبورج، والإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس عام 1982.
وقد أُلقي القبض على عبد الله في ليون عام 1984 بعد أن سلّم نفسه لمركز شرطة، ظنًا منه أن من يلاحقه هم عملاء إسرائيليون. لكن قبل محاكمته، عثرت الشرطة على مخبأ للأسلحة في شقته، بما في ذلك السلاح المستخدم في عمليتي الاغتيال، مما جعل الإفراج عنه مستحيلًا. وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
ومن بين أكثر من عشرة طلبات إفراج منذ عام 1999، اقترب طلب واحد فقط من النجاح عام 2013. لكن وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، هيلاري كلينتون، وجهت رسالة إلى الحكومة الفرنسية، كشف عنها لاحقًا موقع “ويكيليكس”، أعربت فيها عن أملها في إيجاد “سبيل للطعن في شرعية” قرار المحكمة. ونتيجة لذلك، رفض وزير الداخلية آنذاك، مانويل فالس، التوقيع على أمر الترحيل الذي كان شرطًا للإفراج.
هذا العام، اعتبرت محكمة الاستئناف أن مدة احتجاز عبد الله “غير متناسبة” وأنه لم يعد يشكل تهديدًا، مشددةً على أن إطلاق سراحه يجب أن يتبعه ترحيل فوري. وعلق محاميه جان لوي شالانسيه قائلًا: “هذا انتصار للعدالة، ولكنه أيضًا فضيحة سياسية لأنه لم يُطلق سراحه من قبل، بسبب سلوك الولايات المتحدة والرؤساء الفرنسيين المتعاقبين”.