اخبار مصر

السلام مقابل الأرض.. هل تقبل أوكرانيا بشروط روسيا لإنهاء الحرب؟



10:03 م


السبت 03 مايو 2025

كتبت سهر عبد الرحيم:

في ظل التصعيد المستمر على الجبهة الشرقية، طرحت روسيا شرطًا رئيسيًا لوقف الحرب، يتمثل في الاعتراف الدولي بسيادتها على الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها منذ انطلاق عمليتها العسكرية في فبراير 2022، لكن في المقابل، فإن أوكرانيا تعتبر أن هذه المناطق “أراضٍ محتلة”، وترفض الاعتراف بها كجزء من السيادة الروسية، مؤكدة أن هذا المطلب يُعد “خطًا أحمر” لا يمكن تجاوزه.

ومع تزايد تعقيد المشهد الميداني والدبلوماسي، زادت الولايات المتحدة الأمريكية من ضغوطها على كل من روسيا وأوكرانيا، ملوّحة بالانسحاب من جهود الوساطة إذا لم يُسجَّل أي تقدم ملموس في المفاوضات، فهل تتنازل أوكرانيا عن أراضيها مقابل السلام؟، أم ستتخلى روسيا عن شرطها الأساسي؟

يقول الدكتور رامي أبو شمسية، عضو حزب “البتريوت” الأوكراني، إن مسألة سيادة أوكرانيا على كامل أراضيها “خط أحمر” لن تقبل بالتنازل عنه، فضلًا عن الإجماع الشعبي الرافض لأي تنازل بشأن الأراضي المحتلة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، مشيرًا إلى أنه كانت هناك مقترحات غربية في مراحل سابقة بخصوص إمكانية تقديم تنازلات إقليمية بهدف إنهاء الحرب، إلا أن كييف ترى أن أي حل يجب أن يحفظ وحدة أراضيها وسيادتها الكاملة.

هل تتنازل أوكرانيا عن أراضيها لصالح روسيا؟

وبينما تمضي روسيا في تصعيدها العسكري عبر القصف واحتلال المزيد من الأراضي، يرى أبو شمسية، خلال حديثه لـ “مصراوي”، أن موسكو حظيت ببعض التأييد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأيام السابقة، إلا أن اتفاقيات التعاون الأخيرة بين واشنطن وكييف، خاصة في مجالات الاستثمار والمعادن، عززت من اصطفافها إلى جانب أوكرانيا.

وفي تحليله للمشهد، يعتقد الدكتور رامي أبو شمسية، أنه من الممكن أن يصل الطرفان إلى حل وسط، يتضمن الاعتراف بشبه جزيرة القرم على أنها أراضي روسية، مقابل إعطاء المناطق الأوكرانية الأخرى التي تسيطر عليها موسكو الحكم الذاتي في المستقبل.

في هذا السياق، تطرح أوكرانيا مبادرة لوقف إطلاق نار مؤقت يمتد لـ30 يومًا، يتم خلالها بدء مفاوضات مباشرة مع موسكو، تحت رعاية أمريكية أوروبية أو تركية. وتشدد كييف على أن أي محادثات مستقبلية يجب أن تبدأ دون شروط مسبقة، مؤكدة أنها لن تتنازل عن أي جزء من أراضيها، حتى في حال غياب الدعم الأمريكي، وأنها مستعدة لمواصلة القتال ضد القوات الروسية، وفق أبو شمسية.

2_11zon

وفيما يتعلق بالحديث عن إمكانية انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من دور الوساطة، يعتقد أبو شمسية أن هذا لن يحدث، إذ ستستمر واشنطن في المفاوضات بين موسكو وكييف، “ولكن ستحاول الضغط على روسيا من خلال تشديد العقوبات عليها”، مؤكدًا أن واشنطن ليست صاحبة القرار النهائي بشأن التنازل عن الأراضي.

هل تتخلى روسيا عن شرطها الأساسي؟

“إذا فعلت روسيا ذلك فإن ذلك يعتبر انتحار سياسي للرئيس فلاديمير بوتين بعدما تكبدت قواته خسائر كبيرة جراء الحرب”، هذا ما قاله عضو حزب “البتريوت” الأوكراني، بشأن الرد على سؤال: هل من الممكن ان تتخلى موسكو عن شرطها الأساسي الذي أعلنته لإنهاء الحرب وهو الاعتراف الدولي بسيطرتها على الأراضي الاوكرانية؟.

وأشار أبو شمسية، إلى أن أوكرانيا أظهرت مرونة كبيرة لوقف الحرب والقبول بالمطالب الأمريكية، ولكن روسيا أظهرت خدعة ومماطلة مع الأمريكيين والأمور للمستقبل غير واضحة . ولكن حاليًا تصعيد، معتقدًا أن الحرب يمكن أن تتوقف مع نهاية العام الحالي.

ويتفق مع الدكتور رامي أبو شمسية، الدكتور محمد فرج الله، رئيس تحرير وكالة “أوكرانيا بالعربية”، أن أوكرانيا لن تتنازل عن أراضيها التي احتلتها القوات الروسية مقابل إنهاء الحرب.

ويقول فرج الله، خلال حديثه لـ”مصراوي”، إن أوكرانيا حاربت لمدة 3 سنوات وقدمت تضحيات من أجل الحفاظ على سلامة أراضيها ووحدتها، لذلك لن تستسلم لمقترح “السلام مقابل الأرض”. إلا أنه بطريقة غير مباشرة، وافقت كييف على أن تبقى المناطق التي احتلتها موسكو تحت إدارة روسية ويكون هناك مراقبين دوليين في هذه المناطق، لكن ما يقصده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الاعتراف بالسيادة الروسية المطلقة على تلك الأراضي، الأمر الذي ترفضه كييف.

ويوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يبدي نية حقيقية لإنهاء الحرب، بل يسعى فقط إلى الظهور بمظهر الساعي للسلام أمام المجتمع الدولي، في حين أن موسكو كانت السبب في إفشال مفاوضات سابقة جرت مع الجانب الأمريكي في العاصمة السعودية الرياض، بسبب تعنّتها ورفضها تقديم أي تنازلات.

3_11zon

وفيما يتعلق بالوساطة الأمريكية في المفاوضات، يرى فرج الله أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس لديها خطة واضحة بشأن إنهاء الحرب، وظهر ذلك في تصريحاتها السابقة التي تضمنت مطالبة أوكرانيا بالتنازل عن القرم تارة وبعدها التنازل عن عضوية حلف شمال الأطلسي “الناتو”، مشيرًا إلى أن الضغط يُمارس على كييف وحدها دون موسكو، معتقدًا أن هناك “مؤامرة بين ترامب وبوتين”.

ويختتم الدكتور محمد فرج الله، حديثه بالقول إنه إذا وافقت كييف على “الطرح الهزيل” الذي يقدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتنازل عن الأراضي الأوكرانية لصالح روسيا؛ سيكون “سلامًا رديئًا” وبادرًا لحرب شاملة، كما سيشجع موسكو على ضم المزيد والمزيد من الأراضي.

المقترح الأمريكي لإنهاء الحرب

4_11zon

وتجدر الإشارة إلى أنه في وقتٍ سابق من أبريل الماضي، قدمت الولايات المتحدة مقترحًا من صفحة واحدة لإنهاء الحرب، بموجبه تحصل روسيا على اعتراف رسمي أمريكي بسيادة موسكو على القرم، واعتراف ضمني بسيطرتها على أغلب مناطق لوجانسك، و دونيتسك، وخيرسون ومحطة طاقة “زابوريجيا”.

وتعهد المقترح بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، مع الإشارة إلى إمكانية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بدلًا منه، ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا منذ عام 2014، وتوسيع التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، خاصة في قطاعات الطاقة والصناعة.

وفي المقابل ستحصل أوكرانيا على: ضمانات أمنية تقدمها مجموعة دول أوروبية ودول أخرى “متفقة في التوجهات”، دون تحديد آلية واضحة لعمل تلك القوة أو وجود مشاركة أمريكية مباشرة، واستعادة جزء صغير من منطقة خاركيف، وضمان حرية الملاحة في نهر”دنيبرو”، الذي يمر قرب خطوط القتال، وتعويضات مالية ودعم لإعادة الإعمار، دون تحديد مصدر التمويل أو تفاصيل آلية الدفع. الأمر الذي رفضته كييف واعتبرته انحياز كامل لموسكو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *