اخبار السودان

الثامن من مارس : والجالسات على أرصفة العدالة في السودان

 

إيمان بلدو

 

تحُدر الثامن من مارس يوم المرأة العالمي في الزمان و لم يفرغ علينا من رضابه .. في زمن الحرب في السودان. تحول الناس الى أرقام حسب مرات النزوح وقبلته وحسب موقعهم من مقاييس الجوع التي تحددها المنظات الدولية قبل أن تعلن المجاعة و تناشد الشعوب علها تنقذ البلاد. والعباد .. على أن الحرب قد شنت على اجساد النساء منذ اول يوم اندلاعها في العاصمة الخرطوم وعلى ذلك وثقت أضابير مجلس الامن الدولي … في الأثناء، ما يزال السياسيون السودانيون يحاولون عقلنة مواقفهم تجاه الحرب بعضهم آثر الرجوع الى المدرسة الدينتولوجيكالية وبعضهم اعتمد على المدرسة التيليولوجيكالية “حتى يظهر كل طرف تفوقه الاخلاقي” كما ذكر د. بكري الجاك في مقاله “المأزق الاخلاقي الماحق في حروب السودان”.

هل تمكن العسكريون من إيجاد الصيغة المثلى لتكتيكاتهم في استئصال شأفة الآخر؟ ربما فشلت “الالياذه” واستراتيجيات الحروب البيزنطية في تحقيق النصر الكاسح و استئصال (العدو) .. لكن البطولة والخلود تاتي عبر السلام وإحياء الانفس والحفاظ على وحدة البلاد .. بيدهم .. لا بيد عمرو لو كانوا يعلمون! .

في يوم المرأة العالم تتذكر شعوب الأرض الأعلام من النساء وكفاحهن ولعل من أروع ما خلد من أعمال عن مآسي الحروب وويلاتها ما كتبته نساء من روايات مثل “كوخ العم التوم” لهاريت بتشر ستو كما كتبت بيتى سميث وغيرهن. فابدعن .. وفي السودان سيذكر التاريخ أبطالاً لنا .. ست النفور ورفيقاتها .. ورفاقها “آباؤهم نحن … اخوانهم نحن .. اخواتهم نحن .. ونحن امهات الشهداء” … وتستمر سير الكفاح ف ليس “كل شئ هادئ على الضفة الغربية”.

وبعيداً عن المدارس الفلسفية لتبرير الحرب، تحولت النساء الى ارقام وحيوات مختفية قسرياً في احصائيات الحروب في السودان .. وهي حروب لم تبدأ في ابريل 2023م كما نعلم، ولا زالت النساء يعانين جراءها … داخل البلاد في اماكن النزوح وفي مضارب خارج البلاد منذ بداية الالفية .. في دارفور وفي المناطق الثلاث (جبال النوبة والنيل الأزرق ومنطقة ابيي) حسب توصيف “اتفاقية نيفاشا” التي ظلت شاهداً على كيف تؤدي اتفاقيات السلام الى وأد السياسة في بلاد السودان.

من اماكن الايواء والغابات الى المعسكرات وفي المهاجر، تفضح أحوال النساء المفاهيم الكسلى والمعاقة لحماية المدنيين وحقوق الانسان .. ومنابر التفاوض تتمطى وتتزمل وتتدثر “وتتوه لما يجي الميعاد” … فهي غير قادرة على ضبط البوصلة على الاحداثيات المطلوبة … والاتفاقيات بغير ضامن .. تبحث عن الفضل بيننا … فمن دخل دار ابي سفيان فهو أمن … أو كما قال.

حدثوا مارس عنا والزمانا عندما كانت سماؤنا ذات رجع وارضنا ذات صدع. ذات .. واذا بالنساء بفعل الحروب … ساجيات … تحت التطهير العرقي والاسترقاق والاختطاف اما الاغتصاب فاصبح مسرحاً للإذلال لادمية البشر برافعة القبلية .. كلما ردوا الى الفتنة اركسوا فيها. وتسيًد الجوع والمتربة وترويع الأطفال وقهر الرجال واذلالهم وتعذيبهم والتصفية على الهوية .. مما يضاعف من ماساة الحرب ووقعها على المرأة اينما كانت.

..نسيت النساء في دارفور شواء المونساس ومشروب البركيب .. وطفقن يجمعن اوراق الاشجار لاطعام الصغار في مخيم ابو شوك ومخيم زمزم … منصات الاملاق … حيث يموت الاطفال يومياً من المجاعة … أفلت الهولاكيون من العقاب .. وام قرقداً سايح الجمتها الكوارث فتركت الغناء والشكر “وفي الفاشر الكبير طلعوا الصايح … دقوا الجوز عديل اصلو العمر رايح”.

يابنية مالكي … زعلانة مالكي … الدمار … الحصار في كردفان .. هربت “الكمبلة” من اقنعة القبيلة وهجر “المردوم” الساحات … ولم تجزعي ..”خلوني يا خلايق حبل الصبر ممدود … للخير بجيك سايق”… وغد العدالة لناظره قريب.

يا لاجئة تتوه من مرفأ … لمرفأ .. لك العتبى ف “لا أحد يترك وطنه اذا لم يكن قد اصبح فك سمكة قرش. يجب أن تفهم ان لا أحد يضع الاطفال على متن قارب الا أذا كان الماء اكثر أمناً من اليابسة”.. (من قصيدة ورسان شاير التي اصبحت رمزاً للاجئين).

ويا سارية الجبال والغابات … بتطلعي من وديان مع النسمة الصباحية ومن صوت طفلة بتحفظ في كتاب الدين … وطفلة .. وسط اللمة منسية في معسكرات.اللاجئين . فاقدة للرعاية الاسرية … وفاقدة الهوية .. قطعت الاميال في وهاد السافنا “شكت الالم من لمسات حجولا … ليه ببعادا الأيام عجولة”… ولم تكن الوحوش البشرية بارفق عليها من.الضباع .. سنرجع يوماً الى أحيائنا ومدننا … لكنها مع التايهين تفضل تعد…و تنسى العدد …ويوم في الشتات بالف سنة مما تعدون.

يا نازحة …و” شوق لي نيلنا .. الاهل والطيبة وباقي ذكرى حبيبة .. وين غسيل النيل وشر هدوم في رمالو وينو ماضي الحلة وين ومين الشالو”. انها حرب ضد الجميع وضد الذاكرة والتاريخ .. وضد الحياة .. مدعاة للحزن والنحيب “.يا سواقي بلدنا .. مالو صوتك مالو … وينو فارع مويتك غنى باسم حالو”… لعل السواقي فقدت صوتها بعبرات حرًى .سكبتها على من غابوا … اني خيرتك فاختاري ما بين ان نتاسف على الماضي اللي ما برجع … على الفرقة الزمانا طويل .. وبين أن نقبض على الامل والذكرى كالقابض على الجمر … تودع لدى الامواج والشطئان .. فهي حاديها ودايماً … دليلا :

يا ترع حلتنا وحفير حلتنا ويا بحر حلتنا … في رمالك ذكرى لا بتشيلها الموجة ولا بتفارق الفكرة .. نلقاها في الميعاد .. ويا وطناً وقت اشتاق له برحل ليه من غير زاد :

غداً نعود …حتماً نعود.

ويا من على موازين العدالة … لا يجرمنكم شنأن قوم على الا تعدلوا .. اعدلوا هو اقرب للتقوى.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *