
بين مطرقة المستقبل وسندان الامل.
هل اختارالدراسة ام العمل؟
سيدتي، بعد التحية والسلام اتوسم الخير الكثير منك ومن خلال هذا المنبر حتى أحظى منك بردّ يردّ إليّ الروح، كيف لا وانا في حيرة من امري ولا مناص لي سوى التدبر في رأيك السّديد.
سيدتي، لا يخفى عليك أنه من الصعب جدا أن يجد الإنسان نفسه مضطرا للاختيار بين طريقين، طريق الأحلام والطموح الذي كنت أصبو إليه منذ الصغر، وطريق الحياة الواقعية التي تفرض عليّ أن اكمل مشوار الألف ميل الذي بدأته بأولى خطواتي في الدراسة.
سيدتي أنا فتاة في الـ21 من عمري، طالبة جامعية والحمد لله متفوقة في دراستي، لكنني أعيش ظروف عائلية صعبة نوعا ما، خاصة بعد وفاة والدي، والذي كان هو المسؤول عن كل نفقات المنزل، لكن غيابه غيّر حياتنا، وانقلبت الأمور رأسا عن عقب، ولم يعد لوالدتي وأختي الصغرى حلا سوى أن أعمل لأجني مالا نحفظ به ماء الوجه، جاءتني فرصة عمل مغرية بالمقارنة مع ما نعيشه من أوضاع، لكن هذا حتما سيقودني إلى التوقف عن الدراسة ما يعني أن حلمي الذي سطرته منذ الصغر سيتبخر في سبيل إعالة أهلي.
سيدتي سأكون صريحة معك، أجل أنا مستعدة للتضحية من أجل أمي التي كرست حياتها وتحملت مر العيش لأجلنا، لكن من جهة أخرى أنا حزينة لأنني سأتخلى عن حلمي في الدراسة الذي كنت أراه أبعد من هكذا بكثير، فماذا أفعل وأيهما أختار حتى لا أقع في الندامة يوما ما؟ وشكرا لكم.
أختكم ه.مروة من الشرق الجزائري.
الرد:
مرحبا بك أختاه بين احضان موقعنا الأغرّ وأتمنى من المولى ان يلهمك السداد والصواب لما فيه خيرا لك ولعائلتك ومستقبلك أيضا، قبل كل شيء لابد عليّ أن أشكر مشاعرك النبيلة تجاه عائلتك، وتضحياتك من أجل مساعدتهم، كما أهنئك فرصة العمل التي جاءتك فكل التوفيق لك.
عزيزتي، إن مسألة الدراسة لا ترتبط بالعمل، فحصولنا على منصب لا يعني التوقف عن الدراسة، أيضا الدراسة لا ترتبط بمرحلة عمرية معينة، فالعلم ينبغي أن يُطلب من المهد إلى اللحد، أو كما قال الإمام أحمد وقد سألوه: إلى متى تحمل المحبرة؟ فقال: “المحبرة إلى المقبرة”
لذا أنا اقترح عليك اغتنام فرصة العمل، وتأجيل الدراسة إلى حين تأتي الفرصة المناسبة وتكملينها، فلربما سمحت لك ظروف العمل بمزاولة دراستك وتحقيق حلمك في وقت واحد مادام الهدف من الدراسة هو كسب المعرفة وتطوير المهارات التي تعينك على التألق التميز في العمل والحياة.
تخلصي من الخوف الذي يجعلك مترددة في اتخاذ القرار، وتيقني أن المستقبل بيد الله، واعلمي أن فرصة الدراسة ستظل مفتوحة مادام لديك حلم وهدف وإرادة، ومن هنا أنصحك باغتنام فرصة العمل، والاستمرار في الدراسة حين تسمح الفرصة، خاصة أنك لم تذكري تفاصيل كثير عن ظروفكم ولا مع من أنتم مقيمون حاليا، وتأكدي أن الله سيجازيك كل خير عن نيتك الطيبة وبرك بوالدتك ما دمت أنت أملها بعد وفاة والدك رحمه الله.
المصدر: الجزائر الآن
