“يديعوت”: قطر تستجيب للمطالب الأمريكية لكنها “لم توجه السيف” نحو حماس
ذكرت تقارير إسرائيلية أن دولة قطر تحاول تحقيق توازن بين الحفاظ على مصالح حركة حماس وحماية مصالحها الإقليمية أمام الولايات المتحدة، وذلك بعدما أعلنت الدوحة عن تجميد وساطتها لإيقاف الحرب على قطاع غزة وإبرام صفقة تبادل للأسرى.
وقال الخبير العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي، إن هذا الانسحاب جاء بضغط من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، رغم أنه ليس انسحابًا كاملا من العملية.
وأضاف بن يشاي أن وكالات الأنباء الدولية أفادت بأن رئيس وزراء قطر، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بموافقة محتملة من الأمير تميم بن حمد آل ثاني، قرر تجميد الوساطة المتعلقة بصفقة تحرير الرهائن ووقف القتال في غزة.
وأفادت هذه الوكالات، إلى جانب وسائل إعلام أمريكية، بأن قطر طالبت قيادة حركة حماس الخارجية بـ”مغادرة الدوحة والبحث عن ملجأ في دولة أخرى”.
وذكر بن يشاي أن “التقارير حول هذه المسألة تباينت من وكالة إلى أخرى ومن وسيلة إعلام أمريكية إلى أخرى، لكن قيادات حماس في الدوحة قالوا إن السلطات القطرية أخبرتهم بأنها ستغلق قريبا المكاتب التي تستخدمها قيادات حماس المقيمة في الدوحة”، ومع ذلك، فإنه لم يتم إغلاق تلك المكاتب فعليًا ولم يُهددهم أحد بضرورة المغادرة.
وأوضح أنه “بعد ساعات من ذلك، أصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانًا أوضح الموقف، مشيرة إلى أن جهود الوساطة بين حماس وإسرائيل مجمدة، وهذا يعني أنها أوقفت مؤقتا وليست منتهية، وأكد البيان أن التقارير عن انسحاب قطر من الوساطة غير دقيقة، وأن الدوحة حذرت الأطراف قبل عشرة أيام بأنها ستوقف جهودها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في هذه الجولة، لكنها ستستأنف الجهود عندما تتوفر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب”.
التهديد الأخطر الذي قد تمارسه قطر
قال الخبير العسكري إن الحكومة الأمريكية طلبت من قطر “زيادة الضغط على حماس لجعل القيادة في الدوحة تظهر بعض المرونة، واستجابت قطر لذلك، مدفوعة جزئيًا بتوجه أنظار الشرق الأوسط نحو الإدارة المقبلة في الولايات المتحدة”.
وبين أنه “لذلك ترغب قطر في تجنب موقف تجد فيه نفسها في غضون شهرين عندما يدخل ترامب البيت الأبيض ويكون فريقه مستعدا لمواجهة موقف حماس الرافض لصفقة تحرير الرهائن ووقف القتال، دون وجود ضغط كافٍ من قطر على الحركة”.
وزعم أن “ما نشهده الآن هو مجرد بداية للضغط القطري على حماس، وكما هو معلوم، فإن قطر تعتبر الممول الرئيسي لحماس لأسباب أيديولوجية إسلامية، وهي التي موّلت التحضيرات العسكرية لقيادة الحركة، بما في ذلك الأموال التي كانت تنقل عبر الحقائب إلى غزة بموافقة إسرائيل. وحماس ليس لديها داعم مالي آخر من العالم العربي أو الإسلامي بنفس حجم قطر، وبالتالي فإن تجميد المفاوضات والتهديد بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة هو نوع من الضغط الأولي، لكنه ليس بالضغط الكبير”.
التهديد الأشد الذي يمكن أن تمارسه قطر
اعتبر بن يشاي أن أخطر تهديد قد تمارسه قطر على حماس هو التوقف عن دعمها المالي وعدم تمويل إعادة إعمار غزة، وربما وقف الدعم المالي لحركة حماس بعد انتهاء الحرب في ما يعرف بـ”اليوم التالي”، مضيفا أن “حماس تدرك جيدا أن قطر هي الممثل المخلص لمواقفها في المفاوضات حول صفقة الرهائن ووقف القتال، وإذا فقدت هذا الدعم القطري واضطرت لمغادرة قطر إلى مكان آخر مثل لبنان أو تركيا أو سوريا، فسيكون وضعها أسوأ بكثير، وبالتالي فإننا نشهد بداية حملة ضغط قطرية على حماس، ولا يزال من المبكر الاحتفال بالنسبة لمن يعارضون تدخل الدوحة في المفاوضات”.
وقال إن “لدى قطر مصلحة واضحة في الاستمرار بالوساطة، سواء لتحسين سمعتها عن الأموال التي قدمتها للجناح العسكري لحماس، أو لتأكيد دورها كحليف مهم للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.. وقطر التي تدير قناة الجزيرة لتحقيق نفس الأهداف، تسعى لجعل تأثيرها يتجاوز حدودها الصغيرة وثروتها من الغاز الطبيعي”.
وذكر أن “الجيش الإسرائيلي يضغط حاليا على حماس من خلال عملياته في شمال قطاع غزة، التي أدت إلى إخلاء المنطقة من السكان المدنيين والقضاء على مئات المقاتلين، وتطهير بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا من عناصر حماس يهدد ليس فقط القوة العسكرية للحركة، بل أيضًا قدرتها على السيطرة المدنية في تلك المناطق”.
واعتبر أن “لدى حماس أسبابا وجيهة لتعتقد أن الجيش الإسرائيلي لن يتوقف عند جباليا، بل إنه سيواصل تقدمه جنوبًا نحو مدينة غزة، وبالتوازي يتوخى الجيش الحذر الشديد في المناطق التي يُحتمل وجود رهائن فيها، خوفًا من أن تؤدي عمليات قوية إلى تعريضهم للخطر، حيث إن هناك تخوفات قائمة من أن العمليات المكثفة قد تؤدي إلى تصفية الرهائن، كما حدث مع ستة رهائن في رفح، وبالتالي فهو يحافظ على الضغط على حماس، لكنه يتحاشى التصعيد الكامل لتجنب قيام حماس بأي تصرفات يائسة تضر بالرهائن”.
وختم بأنه “في هذه الحالة، يبدو أن قطر تمتلك الآن القدرة على تحريك عملية التفاوض، من خلال ضغط رئيس وزرائها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على حركة حماس لاتخاذ مواقف أكثر مرونة في المفاوضات”.